حرب غزة: ما مصير الأطفال الخدج الـ 36؟
مصير مجهول ينتظر الأطفال الخدج الـ36 في مستشفى الشفاء بغزة بعد توقف العمل في قسم الحضانات بسب انقطاع الكهرباء ونفاد الأكسجين، واقتحام قوات الجيش الإسرائيلي للمستشفى ليلة 15 نوفمبر/تشرين الثاني.
وكان المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، قد أعلن في بيان “توقف العمل بالكامل في مجمع الشفاء الطبي الأكبر في قطاع غزة جراء استهدافه بغارات إسرائيل ونفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية”.
وأضاف القدرة أن “خروج المجمع الذي يضم عدة مستشفيات عن الخدمة يشكل كارثة حقيقية لا سيما توقف أقسام العناية المركزة والأطفال وأجهزة الأكسجين عن العمل”.
سارع أطباء المستشفى إلى نقل هؤلاء الصغار إلى أقسام أخرى في محاولة للحفاظ على حياتهم، مستخدمين أجهزة تنفس يدوية بحسب ما صرح به أطباء من داخل المستشفى، إذ يتعين على الطاقم الطبي ضخ الأكسجين بشكل مستمر لإبقائهم على قيد الحياة، على أمل أن يتاح نقلهم خارج المستشفى إلى أماكن أخرى تتوفر فيها حضانات ملائمة في أقرب فرصة ممكنة.
وكانت وزارة الصحة في قطاع غزة قد أعلنت في وقت سابق وفاة ثلاثة أطفال خدّج بسبب انقطاع الأكسجين والكهرباء بعد قصف إسرائيلي استهدف مولد الكهرباء الوحيد الذي كان يعمل في المستشفى.
وتشير تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى مقتل “أكثر من 4600 طفل في غزة”، وإصابة “حوالي 9000 آخرين” جرّاء الحرب الحالية.
وعن الوضع الحالي للأطفال الخدج، قال مدير مستشفى الشفاء الدكتور محمد أبو سلمية، في تصريح لبي بي سي، “إنهم في وضع حرج للغاية” خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة في غزة وهو ما لا يلائم حالتهم.
وأضاف أبو سلمية أن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى مياه نقية وهو ما لم يتوفر لهم، ما يحول دون تجهيز رضاعات لهم.
وأكد في تصريحه أن” بعضا من هؤلاء الأطفال بدأت حالتهم تسوء وهو ما يمكن أن يؤدي إلى وفاتهم”.
وأمام المناشدات التي تطالب بنقلهم على وجه السرعة إلى أماكن أخرى خارج المستشفى، تُطرح تساؤلات حول الظروف التي يمكن أن ينقل فيها هؤلاء الأطفال وإلى أي حد تتحمل أجسامهم الهزيلة رحلة لمسافة طويلة؟
يجيب الدكتور عز الدين أبو العيش، أستاذ أمراض النساء والتوليد في جامعة تورونتو والمحاضر في كلية الصحة العامة فى كندا، قائلاً إن اقتراح نقل الأطفال الخدج خارج مستشفى الشفاء “مستحيل عملياً”.
وأوضح في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي بأن نقل الخدج يحتاج إلى سيارات إسعاف مجهزة بوحدة عناية مركزة وحاضنة جاهزة وإلا “فسيموتون خلال لحظات”.
ووفقاً لمنظمة اليونيسف فإن الأطفال الخدج هم الذين ولدوا قبل الأسبوع 37 من الحمل، وبالتالي فهم “معرضون للإصابة بأمراض خطيرة أو الوفاة خلال الأسابيع الأربعة الأولى من عمرهم، بسبب ضعف التنفس، وصعوبة التغذية، وسوء تنظيم درجة حرارة الجسم، وارتفاع مخاطر الإصابة”.
وشرح الطبيب أبو العيش أن مدة الحمل الطبيعية هي بين 37 و 40 أسبوعاً، أما الخدج فهم أطفال يولدون مبكراً، وبالتالي فإن أجهزة أجسامهم لم يكتمل نموها ولا تستطيع القيام بدورها كما ينبغي.
وأشار أبو العيش إلى أن الخدج لا يستطيعون التنفس بدون أجهزة تنفس صناعية، لذا يجب إعطاؤهم الأكسجين من الخارج، ويعتمدون فى طعامهم على عناصر غذائية دوائية.
لكنّه ورغم تحذيره من نقلهم دون سيارات مجهّزة، أضاف أن الأوضاع فى مجمع الشفاء الطبي فى غزة “مزرية”.
وشدد أبو العيش على أن “النظام الصحي فى غزة متهالك أساساً، ومع هذا العدد الضخم من القتلى والجرحى لا يوجد نظام طبي يتحمل هذا الضغط الكبير”.
هل تستقبلهم مصر؟
أمام هذا الوضع الذي يعيشه هؤلاء الصغار تتزايد المناشدات لنقلهم إلى مشافي مصر.
وفي حديثه عن الموضوع، قال وزير الصحة المصري، خالد عبدالغفار، في تصريح لشبكة سي إن إن الأمريكية، إن “المسؤولين المصريين يعملون على نقل 36 طفلاً من حديثي الولادة من مستشفى الشفاء في غزة إلى مصر”.
وأضاف أن وزارة صحة بلاده تحاول التنسيق مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
ولم يعلن حتى وقت كتابة هذا التقرير عن أي اتفاق رسميّ لنقل هؤلاء الأطفال إلى مصر.
مناشدات أممية
على الصعيد الأممي، طالب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني باتخاذ إجراءات فورية “لكبح جماح المذبحة” الجارية في غزة، بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء، أكبر مستشفى في القطاع الفلسطيني.
وقال مارتن غريفيث في بيان “بينما تبلغ المذبحة في غزة مستويات جديدة من الرعب كل يوم، يواصل العالم مشاهدة ذلك في حالة من الصدمة بينما تتعرض المستشفيات لإطلاق النار ويموت الأطفال الخدج ويُحرم السكان بأكملهم من وسائل البقاء الأساسية. لا يمكن السماح باستمرار هذا الأمر”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن بأنه ينسق لنقل حضانات للأطفال الخدج من مستشفى في إسرائيل إلى مستشفى الشفاء.
وأضاف في بيان عبر تليغرام “مستعدون للعمل مع أي طرف موثوق به للوساطة لضمان نقل الحضانات لمستشفى الشفاء في غزة”.
ويعاني مستشفى الشفاء، الأكبر في قطاع غزة، من انقطاع الماء والكهرباء منذ أيام، وهو الوضع الذي تعانيه مستشفيات أخرى، في وقت يقول فيه الجيش الإسرائيلي إن قصفه للمستشفيات يأتي لكونها تحوي بنى تحتية استراتيجية لحماس، وهو ما تنفيه الحركة.