تصاعد وتيرة الهجرة غير النظامية يطرح تحديات على المغرب والاتحاد الأوروبي
كشفت بيانات حديثة للوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل “فرونتكس” عن ارتفاع بنسبة 18 في المائة في حركة الهجرة غير النظامية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي من جهة الغرب الإفريقي، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2022، حيث بلغ عدد حالات العبور من هذه المنطقة حوالي 14564 حالة، مشيرة إلى أن معظم هذه الحالات قادمة من كل المغرب والسنغال وكوت ديفوار، فيما سجل شهر شتنبر الماضي لوحده 3743 حالة.
في هذا الصدد، كشف المصدر ذاته عن تسجيل أكثر من 10400 حالة عبور عبر منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط إلى غاية شتنبر الماضي، وهو العدد نفسه الذي تم تسجيله في الفترة عينها من العام الماضي، وأغلب هذه الحالات كانت قادمة أيضا من المغرب والجزائر وسوريا.
وأبرزت “فرونتكس” أن حركة الهجرة غير النظامية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي عرفت خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2023 ارتفاعا بنسبة 17 في المائة، مسجلة بذلك رقما قياسيا هو الأعلى منذ سنة 2016، إذ بلغ عدد الواصلين إلى الاتحاد الأوروبي حوالي 280 ألف شخص.
في سياق مماثل، وقفت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل على انخفاض في نشاط الهجرة غير النظامية عن طريق البلقان بنسبة 23 في المائة، وذلك إلى غاية متم شتنبر الماضي بالمقارنة مع الفترة ذاتها من السنة المنصرمة، ويرجع ذلك إلى “تشديد دول المنطقة في سياسة منح التأشيرات”.
وكان تقرير للمركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية قد كشف، في غشت الماضي، أن عدد المواطنين الأفارقة الذين أجبروا على النزوح من بلدانهم بلغ أكثر من 40 مليون شخص، حيث عرف العام الماضي لوحده نزوح أكثر من 3 ملايين شخص، وهو ما يفرض ضغوطا كبيرة على الدول الآمنة التي يلجأ إليها النازحون والمهاجرون سواء للاستقرار أو للعبور نحو الحلم الأوروبي، وعلى سياستها في مجال الهجرة، على غرار المغرب، الذي تسعى السياسات الأوروبية في هذا المجال إلى تحويله إلى “دركي” على هذا المستوى.
تفاعلا مع هذا الموضوع، وتعليقا على المقاربة الأوروبية في مجال الهجرة التي تركز على الجانب الأمني، قال خالد مونة، خبير في مجال الهجرة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “تكثيف مراقبة الحدود وإدخال تكنولوجيا جديدة لا يعني بالضرورة انخفاض نسبة تدفق الهجرة في ظل استمرار أسبابها”.
وحول هذه الأسباب، أوضح المتحدث أنه “مع التفاوت القائم بين الشمال والجنوب واستمرار الحروب التي تدعمها دول الجوار أو دول الشمال نفسها، سيستمر تدفق المهاجرين”، مسجلا في الوقت ذاته أن “سياسة الهجرة الأمنية تعالج فقط النتائج، ولا تهتم بالأسباب مطلقا”.
وأشار الخبير في مجال الهجرة إلى أن “الضغط سيستمر على المغرب من أجل مراقبة الحدود، وهذا ما يضع دول الجنوب، وخصوصا المملكة المغربية، في موقف محرج، لكن التجارب علمتنا أن الضغط الذي تمارسه دول الشمال يدخل فقط في إطار البروباغندا السياسية من أجل الاستهلاك الداخلي، بحيث يصبح السبب في تدفق المهاجرين مرتبطا بمراقبة الحدود في دول الجنوب، وليس غياب العدالة الدولية في المجال الاقتصادي والاجتماعي التكنولوجي”.
تجدر الإشارة في ها الصدد إلا أن الدوريات التابعة للبحرية الملكية المغربية قامت في الفترة الأخيرة باعتراض مجموعة من قوارب الهجرة غير النظامية قبالة السواحل المغربية وتقديم المساعدة لركابها، حيث عرف نشاط الهجرة غير النظامية من دول الساحل والصحراء ارتفاعا ملحوظا في الشهور القليلة الماضية نتيجة الأوضاع الاقتصادية والتطورات الأمنية بهذه المنطقة.