حرب غزة: لماذا يجب الاستماع إلى دعوات إطلاق النار في غزة؟ – الغارديان
نبدأ جولة اليوم في الصحف البريطانية ومتابعة تغطيتها للحرب في غزّة مع افتتاحية صحيفة الغارديان التي دعت إلى الاستجابة لمطالب وقف إطلاق النار، وجاءت بعنوان “وجهة نظر الغارديان بشأن الضحايا في غزة: يجب الاستجابة للدعوات المتزايدة لوقف إطلاق النار”.
وذكّرت الصحيفة بالأوضاع الإنسانية في غزّة بعد مرور أكثر من شهر على بدء المعارك.
وقالت إن آلاف الجرحى بحاجة إلى علاج، وأشارت إلى تدهور صحة العديد من الأشخاص بسبب النقص الحاد في المياه النظيفة والغذاء والدواء.
ولفتت الصحيفة نقلاً عن أمين عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدناهوم غيبريسوس إلى أنه لا مكان آمن في غزة، في إشارة إلى النازحين الذين اتخذوا من المستشفيات ملجأً، ظناً منهم أنه مكان آمن.
وقالت الغارديان إن مسؤولاً رسمياً في البيت الأبيض، يقول إنّ عدد القتلى في غزة قد يفوق 11 ألف شخص، وهو الرقم الصادر عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزّة، رغم إثارة إسرائيل شكوكاً حول هذه الأرقام.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن حماس أقامت مراكز قيادة تحت مستشفى الشفاء وفي محيطها، بجانب منشآت أخرى؛ لكن حركة حماس والعاملين في المستشفى ينفون ذلك. وتشير الصحيفة إلى أن الحماية التي يمنحها القانون الدولي للمستشفيات في زمن الحرب قد لا تطبق إذا استخدمها مقاتلون للاختباء أو تخزين أسلحتهم فيها. لكن الصحيفة تؤكد أن ذلك لا يعني إطلاق العنان لمهاجمة المستشفيات.
وأضافت الصحيفة أنه يجب إبعاد الخطر عن المدنيين و”أنّ الضرر غير المتناسب للهدف العسكري يجعل الهجوم غير قانوني”.
وتابعت الغارديان بالقول إن لإسرائيل “حقّ الدفاع عن نفسها وواجب حماية مواطنيها”، لكنها ذكَّرت بتحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال: “لا يمكن استخدام الأفعال المروعة التي قامت بها حماس، كسبب لعقاب جماعي للشعب الفلسطيني”.
ونقلت الغارديان عن رئيس منظمة الصحة العالمية تحذيره من مقتل طفل كلّ عشرة دقائق في غزّة.
وتساءلت: “كم طفلا سنفقد بعد؟”
معاناة الأطفال حديثي الولادة في مستشفى الشفاء
ننتقل إلى صحيفة الإندبندنت مع تقرير لبيل ترو، عن معاناة الأطفال حديثي الولادة في مستشفى الشفاء في غزّة.
وقال ترو إنّ أوراق الألمنيوم الرقيقة (القصدير)، تستخدم بدلاً من الحاضنات داخل المستشفى لإبقاء الأطفال الخُدج على قيد الحياة، بعد قطع التيار الكهربائي عن القطاع.
ووصف ترو الأطفال الراقدين على سرير عادي مبطّن بأوراق الألمنيوم قائلاً إنّ القفص الصدري يبرز عندهم جميعهم.
وقال إن أوراق الألمنيوم تعتبر حلاً مؤقتاً للأطفال الذين يزنون بضعة أرطال فقط، لتجنب موتهم من البرد.
ونقل عن أطباء فلسطينيين قولهم إن 39 طفلاً ماتوا حتى الآن في مستشفى الشفاء، بعد نفاد الوقود وإطفاء الحاضنات.
ونقلت الصحيفة عن مدير مستشفى الشفاء الدكتور مدحت عباس قوله “هناك أربعة من الأطفال من دون أمّهات، حيث ولدوا بعمليات قيصرية خلال احتضار أمهاتهم المصابات”.
وأضاف عباس: “إنهم بحاجة إلى درجة الحرارة ذاتها التي توفرها الأم للحفاظ على حياتهم، ولا يمكن أن يحدث هذا إلا مع الحاضنات التي تحافظ على دفء الأطفال وتوفر لهم ضوءاً خاصاً لحمايتهم من اليرقان، وتوفّر لهم التنفس الاصطناعي إذا لزم الأمر”.
وتابع عباس بالقول “الآن، بسبب نقص الكهرباء، قام أطباؤنا بتجميع الأطفال الخدج داخل هذه الأسرة العادية ووضع رقائق الألومنيوم حولهم لإبقائهم دافئين. أصبح الجو أكثر برودة هنا في غزة؛ ولهذا السبب، وبدون التحكم المناسب في درجة الحرارة، يمكن أن يموت البعض منهم”.
وقال بيل ترو إنّ دبابات وجنود الجيش الإسرائيلي، الذي يتهم حماس “باستخدام المجمع الطبي كغطاء لشبكة أنفاق تنطلق منها العمليات”، يحاصرون المجمع وقد وصلوا إلى مداخل المبنى.
وأشار إلى أن القتال تركّز في المنطقة حول المستشفى منذ أيام، بعد تكثيف إسرائيل عملياتها البرية.
ونقلت الإندبندنت عن وزارة الصحة في غزّة أن إسرائيل عرضت 300 ليتر من الديزل على مدير مستشفى الشفاء، وطلبت إرسال شخص لاستلامه من مكان ما.
ورفضت الوزارة العرض الإسرائيلي بالقول إن ذلك يشكل خطراً وطلبت إرساله عبر الصليب الأحمر، مشيرة إلى أن معدل استهلاك الديزل في المستشفى يبلغ 500 ليتر كلّ ساعة.
“السلام ضرورة ملحة”
ونتابع مع صحيفة الفايننشال تايمز ومقال رأي للكاتب جورج عبد – المدير السابق لدائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، والحاكم السابق في سلطة النقد الفلسطينية – حول مستقبل الصراع القائم حالياً.
استعاد الكاتب ما وصفه بأنه “لحظة تاريخية في صنع السلام” مشيراً إلى توقيع اتفاقية أوسلو في سبتمبر/أيلول عام 1993 بين زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين.
وقال إنّ مستوى الدمار والموت غير المسبوق الذي شهدته الحلقة الأخيرة من الصراع “يجعل مهمة صنع السلام حاجة ملحّة للغاية وضرورة إنسانية”.
وأشار إلى أنّه بالرغم من أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني شهد مداً وجزراً منذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو، فإن اندلاع العنف مؤخراً تعود جذوره إلى فشل الطرفين في إرساء السلام الذي وقعا عليه.
وتابع الكاتب قائلاً إنّ “أداء السلطة الفلسطينية في إرساء الأسس الأساسية لما كان المقصود منه أن يصبح دولة ديمقراطية حديثة، أقلّ بكثير مما كان مأمولاً”.
وأضاف: “الاحتلال الإسرائيلي القمعي على نحو متزايد في الضفة الغربية أدّى إلى تغذية الإحباطات العميقة المتراكمة على الجانب الفلسطيني ومحو أي ثقة متبقية في المفاوضات المتعثرة”.
وذكّر بالحصار الخانق على غزّة الذي دام 17 عاماً وأدى إلى “تعميق الفقر والبؤس الذي يعيشه سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وخلق الظروف الملائمة لصعود حركة حماس المسلّحة”.
وقال الكاتب: “إسرائيل، باعتبارها الدولة الأقوى بين الخصمين، والدولة التي تحتل وتهيمن على حياة شعب آخر، يجب أن تتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية عن توقف عملية السلام”.
وأضاف أنه منذ اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إسحاق رابين، على يد متطرف إسرائيلي عام 1995، “تحوّلت السياسة في إسرائيل نحو اليمين بلا هوادة، وبلغت ذروتها في تشكيل الحكومة الائتلافية الأكثر تطرفاً في تاريخ البلاد، في أعقاب الجولة الأخيرة من الانتخابات”.
وقال الكاتب: “الائتلاف الإسرائيلي الجديد يرفض حلّ الدولتين ويشجع بلا خجل عنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، بهدف ضم المنطقة في نهاية المطاف”.
لذلك، وفق الكاتب، ستحتاج إسرائيل – من خلال تقاليدها وعملياتها السياسية الخاصة – إلى تشكيل حكومة تؤمن بحلّ الدولتين وتكون مستعدة لتقديم تنازلات لتحقيق هذه النتيجة.
وعلى الجانب الفلسطيني، يرى الكاتب أنّه لا بد من إخلاء الأرضية السياسية من أي طرف لا يقبل الاعتراف المتبادل وحل الدولتين.
وختم الكاتب قائلاً إن تنفيذ مثل هذا المخطط يتطلب الالتزام الكامل والقوي من جانب أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وخاصة الولايات المتحدة، فضلا عن التزام الشركاء في المنطقة – سواء لتمويل عملية إعادة الإعمار الضخمة في غزة أو للترتيبات الأمنية الانتقالية. وبدون ذلك، وفق ما ذكر الكاتب، فإنّ الهروب من العنف المتصاعد والعودة إلى صنع السلام سيكون مستحيلاً.