منع زراعة الدلاح يسائل التطبيق في زاكورة
طرحت العديد من الفعاليات المدنية والفلاحية بإقليم زاكورة أسئلة تتعلّق بـ”مدى حضور الصّرامة في تنزيل وتفعيل القرار العاملي رقم 26 بتاريخ 31 أكتوبر 2023 المتعلق بتقنين استغلال زراعة البطيخ بنوعيه الأحمر والأصفر”، داخل النفوذ الترابي للإقليم، من خلال تحديد المساحة القابلة للاستغلال: مساحة تتراوح ما بين نصف هكتار وهكتار واحد كحد أقصى.
وجاء في الفصل الثالث من القرار ذاته، الذي توصلت هسبريس بنسخة منه: “يُمنع منعاً كليّا زراعة البطيخ بنوعيه بالمناطق المتواجدة بالقرب من حقول الضخ لمياه الشرب والمحددة من طرف اللجنة المحلية”؛ وتم تحديدها بالتدقيق في “المناطق المخصصة للتزود بالماء الصالح للشرب وجنبات وادي درعة على طول الواحات، بالإضافة إلى سرير الأودية”، مع ضمان تتبع التنزيل “من طرف لجان محلية”.
وحسب الفصل الرابع فإن هذه اللجنة “تُعهد إليها مراقبة وقراءة العدادات الخاصة بالآبار والأثقاب المائية عند بداية الاستغلال وبشكل دوري، لمعرفة الكمية المستخرجة من مياه السقي وتتبع حالة الفرشة المائية”، ليعود الفصل الموالي للتأكيد على أنه “في حالة عدم احترام المساحة المتفق عليها ستتخذ اللجنة الإجراءات القانونية في حق المخالفين”.
“أسئلة التنزيل”
براهيم الزين، مزارع من المنطقة، اعتبر أن “السلطات ينبغي أن تفعل المراقبة أكثر، حتى لا تتكرر ‘كارثة السوق’ التي حدثت في الموسم السابق بعد خرق مجموعة من الفلاحين القرار العاملي السابق، وصار العرض أكثر من الطلب رغم وجود اللغة الزاجرة والصارمة ذاتها”، موضحاً أن “تشديد تطبيق القانون لابدّ أن يصبح أكثر حزماً من ذي قبل، لكون الخوف على الفرشة المائية في المنطقة صار تحديا حقيقيا تواجهه زراعة الدلاح”.
وأوضح الزين، في تصريح لهسبريس، أن “السلطات يتعين أن تنسق مع الجمعيات والفعاليات المدنيّة لضمان تطبيق القانون، والبحث عن نتائج مُرضية على أرض الواقع، بما أن القرار العاملي يعتبر متقدّما في تحديده هكتاراً لكل ضيعة كحد أقصى”، معتبراً أن “اللجان التي كانت مكلّفة بالمراقبة أجرت بالفعل خلال الموسم الماضي زيارات ميدانية لمعاينة مدى احترام القانون، لكن بحكم كثرة الضيعات المزروعة كان من الصعب الإلمام بها كلها”.
وسجّل المتحدث ذاته أنه “يجبُ البحث عن صيغ جديدة للمُراقبة، تتيح تفعيل القرار، وتمنع الفلاحين من التحايل، فبعضهم مثلا يمكن أن يزرعوا هكتاراً في كل منطقة، أي في نقط متفرقة، وبالتالي هذا أكثر من الهكتار المنصوص عليه في قرار عامل الإقليم”، مشدداً على أنه “يجب الحرص على صد أي محاولة من هذا القبيل، لضمان الحفاظ على التكافؤ بين الفلاحين ودعم استقرار المنطقة والسلم الاجتماعي والتقليص من اللّجوء البيئي”.
“تفعيل صارم”
من جانبه، أكد مصدر من داخل عمالة إقليم زاكورة أن “السّلطات تواصل الاعتماد على الوسائل التقليدية نفسها في الرصد والتتبع الميداني لتفعيل قرار عامل الإقليم، لكن هناك بالفعل نوعا من النقص في ما يخص الموارد البشريّة التي تعهد إليها هذه المهمّة”، موضحاً أن “هذا التتبع الميداني كان عنصراً أساسيّا في التطور الذي عرفته زراعة ‘الدّلاح’ الموسم الماضي، من حيثُ الحفاظ على الموارد المائيّة”.
وأوضح المصدر ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “القرار حافظ على معايير السنة الفارطة نفسها، خصوصا بعدما تقلصت المساحة الإجمالية المزروعة بنحو 70 في المائة”، لافتا إلى أن “القرار مرتبط بعقدة الفرشة المائية بين وكالة الحوض المائي والمركز الجهوي للاستثمار الفلاحي”، وزاد: “كل هذا كان مثيرا للاهتمام بالنسبة للفلاحين المحليين، وقد حبذوا الفكرة حين تم إقرار أن المزارعين يجب أن يكونوا أبناء المنطقة”.
وأضاف المتحدث عينه أنه “وفقا لهذه الخطوة جرى إغلاق الباب أمام المستثمرين الكبار الذين همهم هو الزراعة بأكبر قدر ممكن”، مشددا على أنه “سيكون هناك حزم في تفعيل القانون، خصوصا أن فعاليات المجتمع المدني المكلفة بالسقي تواكب اللجان المحلية للمراقبة والتتبع وتحضر في زياراتها الميدانية، وهي بذلك تساهم في تنزيل القرار العاملي”.
وأورد المصرح لهسبريس: “ستكون هناك اجتماعات الأسبوع المقبل بين السلطات والمزارعين وغيرهم لتعبيد الطريق أمام تفعيل هذا القرار”، واعتبر أن “الرهان هو على الحفاظ على الكمية المزروعة نفسها في الموسم السابق، والنتيجة نفسها من حيث عقلنة وتدبير الاعتماد على الموارد المائيّة في زراعة البطيخ”، خاتما: “في الأصل كان هناك منع نهائي، ولكن بما أن الجانب الاجتماعي قوي وحاضر قررنا تحديد مساحة معينة لكل فلاح فقط”.