أخبار العالم

ندوة دولية بمراكش تناقش قضايا التنمية المستدامة بين تحفيز النمو وتحدي التنافسية


حول موضوع “التنمية المستدامة.. تحدٍّ تنافسي ومحفز للنمو”، تلتئم، طيلة الأربعاء (ثامن نونبر 2023) بمدينة مراكش، أشغال وفعاليات ندوة دولية، جامعة مشاركين وخبراء وممثلين من دول أوروبية لهيئات الحكامة والمؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية المهتمة بالمنافسة والجهات الفاعلة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية المعنية بالإشكاليات التي تطرحها “مسألة الاستدامة”، جنبا إلى جنب مع خبراء ومتخصصين في قضايا “الانتقال النظيف/التنمية المستدامة”.

الندوة، التي ينظمُها مجلس المنافسة بالمغرب بالشراكة والتعاون مع فاعلين عموميين مغاربة وائتلاف مكون من لجنة المنافسة باليونان ومكتب المنافسة وحماية المستهلكين ببولندا وهيئة المنافسة بإيطاليا، تندرج في إطار برنامج “التوأمة المؤسساتية” بين المغرب والاتحاد الأوروبي الرامية إلى “تقوية القدرات المؤسساتية لمجلس المنافسة بالمملكة المغربية”. وتعد هذه التوأمة بمثابة تعاون يجمع مجلس المنافسة بالائتلاف المذكور.

جلسة الافتتاح تميزت بحضور وكلمات كل من أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة بالمغرب، ورياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، وبيدرو مانويل مورين، نائب الأمين العام لمنظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد UNCTAD)؛ فيما حال “الالتزام بأنشطة رسمية” دون حضور ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.

ثنائية “المنافسة /الاستدامة”

أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة، قال إن “هذا اللقاء، الذي نثمن انعقاده من منظور المجلس في هذه الظرفية بالذات، يأتي في إطار تعاوننا مع الاتحاد الأوروبي بشأن أحد مواضيع الراهن الوطني والعالمي؛ إذ لا أحد ينكر تحديات التنمية المستدامة وسط ما نعيشه من آثار التغيرات المناخية”.

رحو عرّف، خلال كلمته “التنمية المستدامة”، بأنها “التنمية التي تلبي حاجيات الحاضر دون أثر سلبي على الأجيال المقبلة”؛ ما يجعل مجلس المنافسة “فاعلا أساسيا” في هذا المضمار، من خلال سياساته وضبطه لحماية النمو والإنتاج في عدد من قطاعات النشاط الاقتصادي، وبهدف جعل اقتصادنا الوطني اقتصادا قويا ومستداما”.

وربط رئيس مجلس المنافسة موضوع الندوة الدولية بـ”علاقة مباشرة” أثارها الفصل الخامس والثلاثون من الدستور المغربي بين “حرية المشاريع (المقاولة) والمنافسة الحرة من جهة والتنمية البشرية والمستدامة من جهة أخرى”، معتبرا أنه “رابط يعطينا بالفعل فكرة عن العلاقة بين سياسة المنافسة والنمو المستدام”.

وتضع مناقشة ثنائية “الاستدامة/المنافسة”، حسب رحو، السلطات المعنية بالمنافسة في وضع يسمح لها، من جهة، بـ”توضيح أن الاستدامة لا يمكن أن تُستخدم كذريعة للشركات للدخول في اتفاقات أو الانخراط في سلوك آخر مناهض للمنافسة، تحت ستار «الاستدامة» (التبييض الإيكولوجي « green washing »)”. ومن جهة أخرى، تود السلطات “تجنب إعطاء الانطباع بأن مهمتها تسعى إلى تحقيق هدف واحد يُلتمس فيه التنافس بأي ثمن، وتتم حماية قانون المنافسة من قِبل الذين يفرضون آثارا خارجية سلبية على الآخرين؛ بينما يعرقلون الأنشطة الخاصة الرامية إلى الحد منها أو استيعابها داخليا”، مسجلا أن “هذا يبين أهمية الموضوع”.

واستنتج رحو أنه حسب كل بلد واقتصاده، فإن “الإجابة عن السؤال المعياري بشأن ما إذا كان ينبغي أن تراعي قوانين وسياسات المنافسة اعتبارات الاستدامة لا يمكن صياغتُها بشكل مجرد ولجميع البلدان”، وزاد: “يمكن العثور عليها، بالنسبة إلى بلد معين، من خلال دراسة أهداف قانون المنافسة والدستور والقانون الدولي المطبق”. واعتبر أن “استدامة التنمية لفائدة الأجيال المقبلة تقتضي وجوبا عدم وضع قوانين صارمة للمنافسة”.

“عولمة الأمس ليست هي عولمة الغد

“كلمة رحو لم تخلُ من إشارة مهمة أن “اضطرابات سلاسل الإنتاج العالمية والقُطرية في السنوات الأخيرة لم تمر دون ترك أثرها واضحا على الاستدامة” (تقليص سلاسل إنتاج، وتحديات السياسات الخضراء..)، مشددا بالقول: “”عولمة الأمس ليست هي عولمة الغد”، في إشارة واضحة إلى التحولات الاقتصادية العالمية.

“مجلس المنافسة لا يرى فقط موضوع التنمية المستدامة من زاوية التنافسية”، أورد رئيس مجلس المنافسة لافتا إلى أنه يجب عدم إغفال “التكلفة التي يؤديها المستهلك”، وانعكاس كل هذا على “حقوق المستهلك”، وقضايا التنمية البشرية.

“فرص لا تخلو من تحديات”

تحديات “الوصول إلى الأسواق”، حسب رحو، أكدت أن “الامتثال لمتطلبات الاستدامة قد يكون فرصة لبعض الشركات وعَقَبة أمام شركات أخرى؛ وهذا يتوقف على درجة الامتثال لبعض المعايير الاجتماعية والبيئية التي تتزايد الحاجة إليها كشروط للوصول إلى أسواق معينة”. معبرا عن ذلك: “قد تُغلق الأسواق أو تنفتح أمام الفاعلين اعتمادا على الاستدامة”.

وعن “أسباب” اختيار موضوع هذه الندوة التي يريدها مجلس المنافسة “موعدا سنويا قارا”، أجمل رحو بأنها مَدعاة “التغييرات التي تنطوي عليها التنمية المستدامة، والمتجسدة على مستويات مختلفة (لا سيما في مجال تنافسية الاقتصاد من حيث العرض والطلب والسعر) وكذا توفير فرص جديدة لصالح المقاولات كما المستهلكين.

“ارتباط نسقي ودائم”

من جهته، أشار رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، إلى أن “موضوعي التنافسية والاستدامة يرتبطان مع بعضهما بشكل نسقي ودائم”، مستحضرا في كلمة له أمام الحاضرين “نظاما عالميا للتنمية المستدامة لا يخلو من الحمائية العالمية في نسخة جديدة”. وقال إن “تعدد الحواجز يزداد أمام السلع المصنعة؛ واحترام معايير البيئة أبرزُ هذه الحواجز”.

“يجب ألا نكون ساذَجين تجاه التجزيء والتقسيم (fragmentation) الحاصل حاليا؛ كما كنا سُذجا ذات وقت أمام تحولات العولمة”، لفت مزور ذاكرا أن “الحرب التجارية بين القوى الصناعية في آسيا وأوروبا وغيرهما غيّرت كثيرا من قواعد اللعب في مجالات التنافسية والتصدير المنضبِط لمعايير الانتقال الأخضر.. وكما هناك green Washing هناك ما يسمى green dumping »””.

“المرونة المغربية”

“الرهانات العالمية واضحة الآن، وتموقُع المغرب في السوق العالمية واضح ويقيني وثابت”، أضاف وزير الصناعة والتجارة مذكرا بأن المملكة صارت “قطبا صناعيا لخدمة المنطقة والقارة ومن ثمة العالم عبر نسيج صناعي متنوع”، معتبرا أن “المرونة المغربية تمكننا من الولوج للسوق بتكلفة أقل وتقليص مصاريف اللوجيستيك.. ما يجعلنا نجذب الاستثمارات بشكل أكبر”.

واعتبر مزور أن الحديث العالمي عن ضرورة الانتقال الأخضر المستدام “خبر سار للمغرب وتنافسية اقتصاده”، بشرط الاستفادة من “نماذج المحاكاة أثبتت أن الإنتاج سيكون أقل تكلفة من الطاقات الكربونية”، خالصا إلى أن “الرهان الأساس هو الولوج إلى طاقات تنافسية واقتصاد دائري مستدام ونجعل مقاولاتنا خضراء وتنافسية”.

“التغير المناخي.. سباق ضد الساعة”

بيدرو مانويل مورين، المسؤول الأممي في “أونكتاد”، سجل أن “التغير المناخي يعد بمثابة سباق محموم ضد الساعة”، مسجلا أن “الدول الفقيرة والنامية في الخط الأول للأزمة المناخية الحالية؛ لأنها لا تساهم في الانبعاثات بشكل كبير”.

ودعا، في كلمته، إلى “إجراءات حاسمة من أجل العمل على جميع الأصعدة (وطنية وعالمية)”، مبرزا أنه “قد يحدث صراع حقيقي بين رهانات التنمية المستدامة وحماية التنافسية الاقتصادية وضمانها”؛ ما يستدعي، حسبه، “توضيح المعلومة للمستهلك وترك حرية الاختيار له”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى