“هل تستطيع إسرائيل هزيمة حماس وضمان السلام في غزة؟” – صحف
تستمر الحرب في غزة بين الفلسطينيين وإسرائيل، والتي دخلت شهرها الثاني، في تصدر عناوين الصحف العالمية.
نبدأ من صفحة مقالات الرأي في صحيفة التايمز البريطانية، ومقال للكاتب أنشيل بفيفر بعنوان “هل تستطيع إسرائيل هزيمة حماس وضمان السلام في غزة؟”.
يبدأ الكاتب مقاله من المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مساء الأحد، مع مجموعة من الصحفيين الإسرائيليين لإطلاعهم على آخر تطورات الحرب في غزة، ويقول الكاتب إن نتنياهو بدا “ملتبسا” و”غير واضح” عند سؤاله عن خطط إسرائيل لما بعد الحرب، وأجاب أن إسرائيل ستحتفظ “بالسيطرة الأمنية” على القطاع بعد القضاء على حماس، وأضاف أنه “لا يرى وضعا لا تتمتع فيه إسرائيل بمسؤولية أمنية شاملة في غزة”.
ويتساءل أنشيل عما تعنيه هذه الإجابة؛ فهل تعني أن القوات والدبابات الإسرائيلية ستبقى داخل غزة بعد انتهاء القتال؟ أم تعني إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح على حدود غزة؟ وهل سيتم سحب جميع القوات البرية وإعادتها لاحقا إذا ظهرت حماس من جديد؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن سيتولى مسؤولية القطاع وسكانه الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة بعد حماس؟ ويبدو أن نتنياهو لا يمتلك المزيد من التفاصيل.
ويرى الكاتب أن نتنياهو في مأزق، فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وشعبية الرجل في تراجع بحسب استطلاعات الرأي، كما أن نضاله من أجل الحفاظ على منصبه يتطلب بقاء ائتلافه اليميني المتطرف إلى جانبه، وبالتالي فإن نتنياهو لن يطرح فكرة تولي السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة؛ فهذا الأمر من شأنه أن يعرض الأغلبية التي لا تزال حكومته تتمتع بها في البرلمان للخطر.
ومن ناحية أخرى، إذا وافق على بعض خطط حلفائه اليمينيين المتطرفين لإقامة وجود إسرائيلي دائم في غزة، فسوف يثير بذلك غضب إدارة بايدن، التي تزود إسرائيل بدعم عسكري ودبلوماسي بالغ الأهمية. لذا، فإن نتنياهو لا يذكر أي شيء عن استراتيجية إسرائيل للخروج من غزة.
ويضيف الكاتب أن أمل نتنياهو الوحيد الآن، هو أن تتمكن إسرائيل من تحقيق نصر عسكري سريع ضد حماس، وهو ما من شأنه أن يُنعش آفاقه السياسية المتدهورة، وأي شيء آخر على المدى الطويل لا يمكن أن يتعامل معه.
“السلطة الفلسطينية لا تمتلك القدرة على إدارة القطاع”
ووفقا لاستطلاعات الرأي، فإن نحو 85 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون دخول الجيش لتدمير القدرات العسكرية لحماس وإجبارها على التنحي عن السلطة في غزة. لكن لا يوجد إجماع حول ما يجب أن يحدث بعد ذلك.
ويضيف الكاتب أن هناك حديثاً، خاصة من اليمين المتطرف، عن “العودة” إلى قطاع غزة وإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية التي أزالتها حكومة أرييل شارون في عام 2005 عندما انسحبت إسرائيل من غزة.
ويرى أنشيل أن أحلام إعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في غزة لا تأخذ بعين الاعتبار مليوني مواطن فلسطيني يعيشون هناك وسط الأنقاض. ناهيك عن العزلة الدولية ونهاية علاقات إسرائيل مع الأنظمة العربية المعتدلة.
ويذكر الكاتب الحل المفضل لدى المعارضة الإسرائيلية المتمثل في نقل السيطرة على القطاع إلى السلطة الفلسطينية، لكنه لا يرى فكرة واضحة عن الكيفية التي قد تتمكن بها السلطة الفلسطينية من إعادة ترسيخ وجودها هناك الآن.
ويقول الكاتب إن السلطة الفلسطينية لا تمتلك القدرة، ولا قوات الأمن والبنية التحتية المدنية للحكم في غزة.
ويختم أنشيل مقاله بالقول إنه إذا انسحبت إسرائيل من غزة بعد انتهاء هجومها البري ونجحت في إضعاف قدرة حماس على الحكم إلى حد كبير، فستكون هناك حاجة إلى قوة دولية لحفظ السلام لفترة انتقالية تمتد لعدة أشهر، قبل أن تصبح السلطة الفلسطينية مستعدة لتولي المسؤولية. ولكن حتى الآن، لا توجد دول – عربية أو غربية – تتطوع بقواتها لمثل هذه المهمة. ولا تحاول إسرائيل ولا السلطة الفلسطينية بشكل جدي تجنيد أحد لهذه المهمة.
“الدولة الفلسطينية لا تزال فكرة خطيرة”
وننتقل إلى صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية التي نشرت مقال رأي للكاتب موشيه فيليبس بعنوان “الدولة الفلسطينية لا تزال فكرة خطيرة”.
يقول الكاتب إنه وعلى الرغم من هجوم حماس المباغت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لا يزال الرئيس الأمريكي جو بايدن يضغط من أجل إقامة دولة فلسطينية عربية ذات سيادة إلى جانب الدولة اليهودية، ولسوء الحظ، يبدو أنه لا يفهم أن السابع من أكتوبر قد غيّر كل شيء.
ويضيف موشيه أن الجدل حول إقامة دولة فلسطينية يدور حول قضيتين رئيسيتين: نوايا العرب الفلسطينيين والحدود الفعلية لهذه الدولة.
ومن وجهة نظر الكاتب، فقد فشل العرب الفلسطينيين مرتين في إثبات حسن نواياهم المتعلقة بالعيش بسلام إلى جانب إسرائيل.
ويضيف الكاتب أن الاختبار الأول كان في الفترة ما بين عامي 1993-1995، عندما وقعت إسرائيل على اتفاقيات أوسلو، و”سلمت 40 في المئة من يهودا والسامرة” (الضفة الغربية) للسلطة الفلسطينية. ويرى موشيه أنه كان من المفترض أن يُظهِر سلوك رئيس السلطة الفلسطينية آنذاك ياسر عرفات، وخليفته محمود عباس، أنه من الآمن منحهما دولة كاملة الأركان.
ويكمل الكاتب بالقول إن عرفات أظهر عكس ذلك تماما. ويستعرض بعض الأمثلة على ذلك فيقول: “قامت السلطة الفلسطينية بإيواء الإرهابيين ودفع الأموال لهم، ورعت الهجمات الإرهابية من خلال كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح، وحرضت على كراهية اليهود من خلال وسائل الإعلام، كما قامت بتهريب الأسلحة على نطاق واسع، مثل عملية كارين أيه. إن الأشخاص الذين يريدون السلام بإخلاص لا يحتاجون إلى أطنان من الصواريخ والبنادق والقنابل غير القانونية”.
أما الاختبار الثاني لنوايا الفلسطينيين يتلخص في استسلام إسرائيل لغزة، ويتساءل موشيه عما تعنيه السيطرة الفلسطينية العربية على غزة، ويقول: “لقد بنوا جيشا إرهابيا، وأمطروا إسرائيل بالصواريخ”.
ماذا عن الحدود الفعلية للدولة المقترحة؟
ويقول الكاتب إن كل خريطة مقترحة لـ “حل الدولتين” تتطلب انسحاباً إسرائيلياً إلى حدود 1949-1967 التي يبلغ عرضها تسعة أميال. والسبب الذي يجعل هذا الأمر حتميا هو أن مدن السلطة الفلسطينية مثل طولكرم وقلقيلية تقع على بعد تسعة أميال من البحر الأبيض المتوسط – والسلطة الفلسطينية لن تتخلى عن تلك المدن.
ويضيف أيضا أن هذا الانسحاب يعني أن القطاع الأوسط الاستراتيجي لإسرائيل لا يمكن الدفاع عنه بشكل عملي. وستكون المدن الكبرى في إسرائيل ومطار بن غوريون ضمن نطاق الصواريخ السهلة “للإرهابيين المتمركزين على الجانب الفلسطيني” من الحدود، على حد وصفه. ويرى الكاتب أن إسرائيل في حال الدفاع عن نفسها ستصبح هدفاً لإدانة دولية شديدة.
ومن وجهة نظر موشيه فإن مسألة الأمن الإسرائيلي ليست الاعتبار الوحيد، فهناك حقائق تاريخية مهمة، إذ إن الدولة الفلسطينية العربية تأسست عام 1922، عندما قام البريطانيون من جانب واحد بفصل 78 في المئة من مساحة الانتداب على فلسطين عن بقية البلاد، وغيروا اسم تلك المنطقة إلى “شرق الأردن”. وفي وقت لاحق، غيروه إلى “الأردن”.
ويرى الكاتب أن تغيير الاسم لا يغير هوية مواطنيها. فالغالبية العظمى من الأردنيين هم من العرب الفلسطينيين. بمعنى آخر، الأردن هو بالفعل الدولة الفلسطينية التي يدعي الرئيس بايدن أن المنطقة بحاجة إليها. ويضيف موشيه أن العائق الوحيد أمام إقامة الدولة الفلسطينية هو العاهل الاردني الذي يرفض ذلك، على حد وصفه.
ويقول الكاتب إنه في حالة إسرائيل، على سبيل المثال، فإن مطالبات الشعب اليهودي التاريخية والدينية والقانونية بأرض إسرائيل أقوى بكثير من مطالبات العرب الفلسطينيين.
ويضيف أخيرا أنه يتعين على الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يدرك هذه الحقيقة. عليه أن يتقبل حقيقة أن العالم قد تغير، وأن “حل الدولتين” اليوم يعني وضعا ستكون فيه إسرائيل مهددة بتكرار تجربة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهذا أمر لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يقبله.
وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية “جريمة حرب”
ونبقى في صحيفة جيروزاليم بوست، ونطالع مقالا للكاتب دانيال بومرانتز، الذي يشرح فيه لماذا يُعدّ وقف إطلاق النار في غزة “جريمة حرب”.
يبدأ الكاتب مقاله بالحديث عن المجندة الإسرائيلية أوري مجيديش، والتي قال الجيش الإسرائيلي إنه تمكن من تحريرها الأسبوع الماضي بعد أن “اختطفها مقاتلو حماس يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول”.
ويضيف الكاتب أن الحملة العسكرية التي قادتها إسرائيل “للقضاء على حركة حماس”، تُذّكر باستهداف الولايات المتحدة لتنظيم القاعدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأن هدف هذه الحملة المعلن ليس فقط تحرير الرهائن، بل أيضا تدمير حركة حماس.
وبينما يشنّ الجيش الإسرائيلي حملة برية شرسة في قطاع غزة، فإن عددا من الأطراف الدولية، بما في ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة، يدعون إلى “وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية”. ومن وجهة نظر الكاتب، يبدو أن قسما كبيرا من العالم قد تجاهل نقطة أساسية، “وهي أن الإسرائيليين بشر أيضا”، وبالتالي فإن وقف إطلاق النار هذا “قد ينتهك القانون الدولي”، على حد وصفه.
وينقل الكاتب عن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون قولها إن “الأشخاص الذين يطالبون بوقف إطلاق النار الآن، لا يفهمون حماس، وسيكون هذا هدية لحماس، إذ سيسلحون أنفسهم ليكونوا قادرين على صد أي هجوم محتمل من قبل الإسرائيليين”.
ويشرح الكاتب أن ما تقوله كلينتون يعني أن وقف إطلاق النار من شأنه “أن يعرض الإسرائيليين للخطر”، وهو الواقع الذي يجعل أي توقف لعمليات الجيش الإسرائيلي “معقدا من الناحية الأخلاقية”.
ويعتقد دانيال أن تحرير المجندة مجيديش “غيّر كل شيء”. فقد أثبتت عملية تحريرها أن “الحملة العسكرية الإسرائيلية وسيلة فعالة لإنقاذ الرهائن”، ما يعني أن كل دقيقة يؤخر فيها الجيش الإسرائيلي حملته العسكرية هي دقيقة أخرى يظل فيها إسرائيليون أبرياء في الأسر، كما يقول.
ويرى الكاتب أيضا أنه في ظل هذه الظروف، فإن أي دعوة لوقف حملة الجيش الإسرائيلي هي في الواقع “دعوة لمواصلة معاناة الإسرائيليين، ولا يوجد أي شيء إنساني في ذلك”.
ويضيف أنه لن يكون وقف إطلاق النار “الإنساني” غير أخلاقي وقاسٍ بالنسبة للأسرى الإسرائيليين وعائلاتهم فحسب، بل يمكن القول إنه يشكل أيضا “جريمة حرب”، على حد قوله.
ويستطرد قائلا إن أخذ الرهائن يعتبر “انتهاكا جسيما” لعدد من القوانين الدولية، بما في ذلك الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن، وبالتالي فإن التدخل لوقف عودة هؤلاء الرهائن يعد أيضا “جريمة حرب”.
ويعرض الكاتب بعض مواد الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن، ويقول إن المادة 3 من الاتفاقية تشترط “الإفراج عن الرهائن ومغادرتهم”، كما تتطلب المادة 1 عدم وضع أي شروط لهذا الإفراج.
ماذا عن أهل غزة؟
يعتقد الكاتب أن غزة “لا تعاني من نقصٍ في الإمدادات الإنسانية”، ولكنها رغم ذلك “تواجه أزمة إنسانية”، ويقول إن فهم هذه المفارقة هو المفتاح لفهم غزة.
ويقول الكاتب إنه في 11 أكتوبر/ تشرين الأول، توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل بسبب نقص الوقود، وعلى الرغم من ذلك أطلقت حماس أكثر من 8000 صاروخ يعمل بالوقود على إسرائيل، وبنظر الكاتب فإن حماس “تسرق كل الموارد التي يقدمها العالم لغزة تقريبا وتستخدمها لأغراض عسكرية”، كما يقول.
ويختتم الكاتب مقاله بالقول إن الحل الإنساني الحقيقي الوحيد هو “محاسبة حماس على أفعالها”، وإن أي شيء أقل من ذلك من شأنه أن يشكل “جريمة حرب ضد إسرائيل”، فضلا عن انتهاك المبادئ الأساسية للأخلاق الإنسانية، على حد وصفه.