أخبار العالم

انتقادات تنهال على مناقشة مضامين مشروع قانون مالية 2024 في مجلس النواب



طيلة أيام الأسبوع المنصرم، كان مجلس النواب على موعد سنوي راتب يتمثل في تقديم ومناقشة مشروع قانون المالية برسم سنة 2024 وعرض الميزانيات الفرعية للقطاعات الحكومية، والتي تميزت حسب الكثير من المتابعين والمطلعين على العمل البرلماني بـ”الضعف والتراجع” على مستوى النقاش والحضور الفاعل للنواب في أشغال اللجان ومناقشة الحكومة.

وضع جديد يثير الكثير من علامات الاستفهام حول المؤسسة التشريعية وأدوارها في المرحلة الحالية، خصوصا أنه حتى عهد قريب كان الدخول السياسي ومناقشة مشروع قانون المالية موعدا صاخبا يتميز بالتدافع الحاد بين الأغلبية والمعارضة؛ الأمر الذي يتذكره أحد نواب الأغلبية بحسرة واضحة في نقاش جانبي مع “هسبريس” عقب نهاية أحد اجتماعات لجنة المالية، حيث قال: “هذه القاعة شاهدة على نقاش سياسي عالي المستوى، كان يمتد حتى الساعات الأولى من الصباح”.

الملاحظة التي سجلتها جريدة هسبريس الإلكترونية في الفعاليات التي احتضنها مجلس النواب خلال هذا الأسبوع شدت انتباه الكثير من النواب، سواء كانوا من أحزاب التحالف الحكومي المسيطر على غالبية اللجان أو من أحزاب المعارضة التي بدا أعضاؤها محبطين ويائسين من إحداث أي تأثير أو تغيير على المقتضيات التي وردت في مشروع قانون مالية السنة المقبلة.

فماذا استجد أو تغير خلال الولاية التشريعية الحالية، حتى بات النواب غير راضين عن “المستوى” الذي بات عليه مجلسهم الموقر؟

رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية المعارض بمجلس النواب، وجهت إليه هسبريس سؤالا في الموضوع، فأجاب: “في السنوات الأخيرة، وخصوصا منذ بداية هذه الحكومة، تراجعنا بخصوص الكثير من الأمور، ولم يعد النقل المباشر متوفرا بالنسبة لاجتماعات اللجان”.

وأضاف حموني موضحا: “النقل المباشر كان يعطي للنقاش نوعا من التنافسية، ويطلع الرأي العام على آراء النواب، ونقاشاتهم تصل إلى الرأي العام، مثلما يجري في الجلسات الشفوية، ويعلم النواب أن الشعب يراقبهم من بعيد وعليهم الحضور والدفاع عن المواقف.. وكل هذا يعطي نوعا من الدينامية داخل اللجان”.

وتابع رئيس فريق التقدم والاشتراكية بالغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية: “لكن الآن أصبح كل شيء سريا وداخليا، إلى درجة أن بعض النواب أصبحوا يتساءلون عن الجدوى من هذا النقاش بما أنه يبقى داخليا”، معتبرا أنه “أجاب الوزير عن أسئلة النواب أم لا غير مهم، هذا بطبيعة الحال مع العلم أن بعض الوزراء لا يستطيعون الجواب”.

وزاد النائب ذاته مهاجما “وزراء يحضرون أمام اللجان ويلقون عرضهم وعندما تسأله يقول إن الأسئلة ستحصلون على أجوبتها مكتوبة ويذهب كل في حاله”، متسائلا: “هل هذا هو البرلمان الذي نريد، فتوصل بعض النواب إلى قناعة واضحة بأن لا جدوى من هذا النقاش، وهو فقط مضيعة للوقت فقط؛ لأن لا أحد ينصت لما يقولون”.

وانتقد حموني تحديد سقف زمني للنقاش داخل اللجان، معتبرا أن هذه المسألة تشكل انتقاصا من دور البرلمان وإساءة له، حيث قال: “تجد لجنة فيها قطاعات متعددة؛ كالنقل، مثلا، فيه 8 أو 9 مؤسسات عمومية، وتُمنح لك دقيقتان لمناقشة الميزانية وهذا الوقت غير كاف، وتقليص وتقليل من هذه المؤسسة”.

وأشار رئيس الفريق المعارض بمجلس النواب إلى أنه “خلال أربع سنوات، كنا نمكث حتى الثالثة أو الرابعة صباحا؛ فهي فرصة في السنة.. وليس من السهل أن مشروع قانون الذي يرهن المغاربة لمدة سنة وعلى النواب مناقشته بأريحية ويعبروا عن مواقفهم لنوصل صوتنا للحكومة”.

وذهب حموني إلى أنه جرى طرح هذا الموضوع الذي يمثل اختصاصا للجان التي تخضع للأغلبية العددية وهيمنتها، ودائما نعود إلى النقطة نفسها العدد يغلب. وفي الأخير، نجد أنفسنا كنواب نضعف المؤسسة؛ لأن منطق الأغلبية يتحكم ويجب على المعارضة ألا تتكلم أو تنتقد، والحكومة نحاول ما أمكن أن نعطيها حيزا ضيقا كي لا تفضح؛ لأنها لا تضبط أمورها.. وهذا أدى إلى تراجع البرلمان بصفة عامة، وهذا مؤسف لأن البرلمان اليوم أصبح مؤسسة صورية”، حسب تعبيره.

عكس ما ذهب إليه حموني، قال نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية المحسوب على الائتلاف الحكومي الحالي: “إننا نعيش مرحلة اقتضت هذه التركيبة في البرلمان وأدت إلى الوضع الذي نعيشه”، مستدركا أنه رغم التراجع الذي يتحدث عنه البعض “الأمور تسير على ما يرام بالنسبة للبرلمان، واللي عطى الله هو هداك”.

وأضاف مضيان، ضمن تصريح لهسبريس، أن “المؤسسات مستمرة وليس هناك أية عرقلة، والنقاش السياسي تراجع على مستويات عديدة، مقارنة مع تركيبة المجلس أو المعارضة التي كانت في السابق، على الرغم من كل شيء فإن الأمور تسير”.

وأقر رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بأنه النقاش كان يستمر سابقا حتى الرابعة صباحا؛ لكن “هناك نظام داخلي جديد يحدد زمن المناقشة، وهذا راجع للجميع. في السابق، كانت المناقشة داخل اللجان تبقى مفتوحة، بدون تحديد سقف زمني”، مشددا على أن الأمور “تسير وفق الأجندة المحددة، وهناك شبه توافق بين الأغلبية والمعارضة حول هذه المسألة”.

وزاد مضيان موضحا: “احتجنا إلى تقليص مدة مناقشة قانون المالية وفق القانون التنظيمي الذي راجعناه. وبالنسبة لي هذا جيد؛ لأن الوضع السابق كان فيه هدر للزمن، ولا معنى أن يستغرق القانون شهرين من النقاش؛ في حين نحن في عجلة من أمرنا، وهناك مجموعة من البرامج تستدعي التدخل، ولا بد من المصادقة على قانون المالية”.

وتابع رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية مبينا “لا يمكن أن نبقى شهرا في الغرفة الأولى وشهرا في الغرفة الثانية، وسنفقد شهرين؛ في حين أننا بحاجة إلى هذا الزمن”، مؤكدا أن الظرفية تتطلب “السرعة وما قمنا به إيجابي جدا، وتمرير قانون المالية في وقت وجيز سيمكننا من مباشرة تنزيله؛ لأنه لا يمكن أن نبقى نشتغل 10 أشهر فقط في السنة، ولا نشتغل سنة كاملة. وهذه الفكرة حبذها الجميع، أغلبية ومعارضة”، حسب تعبيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى