أخبار العالم

إلى متى يستمر الفيدرالي في إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة؟



من الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة إلى التحذيرات المتكررة من أنها قد تظل مرتفعة لفترة ممتدة، رفض رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، استبعاد أي سيناريو من شأنه أن يمكّن الفيدرالي من السيطرة على ضغوط الأسعار (التضخم) التي لا تزال أكثر ثباتاً مما توقعه معظم الاقتصاديين وصناع السياسات.

هذا ما ذكره تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، بعد تمسك البنك بهذا الخط يوم الأربعاء، بعد القرار الأخير بإبقاء سعر الفائدة عند أعلى مستوى له منذ 22 عاماً بين 5.25 بالمئة و5.5 بالمئة، للمرة الثانية على التوالي.

ومع تأكيد باول على أن الزيادات الإضافية في أسعار الفائدة “ستظل خياراً إلى حد كبير إذا اقتضت الظروف الاقتصادية ذلك”، فإنه قال: “إن السؤال الذي نطرحه هو: هل يجب أن نرتفع أكثر؟”.

وعلقت الصحيفة في تقريرها: لم يبذل باول سوى القليل من الجهد للإشارة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يستعد لمزيد من التشديد. وكان الاستنتاج الذي توصل إليه كبار الاقتصاديين بعد ذلك واضحاً: “من المرجح أن البنك المركزي الأميركي في هذه المرحلة قد انتهى من مرحلة رفع سعر الفائدة في حملته التاريخية ضد ارتفاع التضخم.. ومن الآن فصاعدا، لن ينصب تركيزه على الكيفية التي ينبغي أن تستمر بها أسعار الفائدة المرتفعة، بل إلى المدة التي ينبغي أن تظل عند مستويات مرتفعة”.

  • في اجتماعه الأخير، وللمرة الثانية على التوالي والثالثة في 2023، أبقى الفيدرالي الأميركي، أسعار الفائدة دون تغيير، متماشياً مع أغلب التوقعات، لتظل عند مستوى يتراوح بين 5.25 و5.5 بالمئة (المستوى الأعلى منذ 22 عاماً).
  • اعتبر الفيدرالي أن قراره “يمنح صناع السياسة الوقت لتقييم المعلومات الإضافية وتداعياتها على السياسة النقدية”.
  • توقف عن رفع الفائدة في سبتمبر الماضي وأبقى عليها دون تغيير، وذلك بعد زيادتها 11 مرة منذ مارس 2022، ضمن محاولات الفيدرالي لكبح التضخم.
  • ووفق ما ورد في بيان الفيدرالي، يوم الأربعاء، فإنه قد ترك الباب مفتوحا أمام زيادة تكاليف الاقتراض مجددا، كما أنه أقر بقوة الاقتصاد الأميركي، لكنه أشار أيضا إلى الأوضاع المالية الأصعب التي تواجهها الشركات والأسر.

توقف مؤقت

أستاذ الاقتصاد في كلية Kogod للأعمال بالولايات المتحدة، جيفري هاريس، يقول لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: لقد توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤقتاً عن الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة؛ لأنه يتلقى المزيد من البيانات حول تباطؤ معدلات التضخم.

وأضاف: “رغم مرونة الاقتصاد لكن لا يزال التضخم عند 3.7 بالمئة على أساس سنوي، وهو أعلى بكثير من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 بالمئة، وحتى أعلى قليلاً من المستويات التي شهدناها في أوائل صيف العام 2023”.

ويشير إلى التصريحات التي أدلى بها رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أخيراً، والتي تعكس أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يزال أمامه الطريق طويلة ليقطعها من أجل إعادة التضخم إلى هدف 2 بالمئة، موضحاً أن “هذا التعليق، بالإضافة إلى معدلات التضخم الأخيرة، يشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يحافظ على أسعار الفائدة مرتفعة في المستقبل المنظور”.

وكان باول قد أكد على أن الفيدرالي يحتاج إلى الكثير من بيانات التضخم المنخفضة من أجل تعديل سياسته النقدية، مشيرا إلى أن التأثير الكامل لتشديد سياسته النقدية لم يظهر حتى الآن.

ويتابع هاريس: “المعدلات الحالية ستبقى في نطاق 5.25 بالمئة إلى 5.5 بالمئة على الأقل حتى العام 2024، إن لم يكن بعده.. في الواقع، لن أتفاجأ إذا رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة أكثر في الأشهر الستة المقبلة إذا ظل التضخم أعلى من 3 بالمئة في الفترة المتبقية من العام 2023”.

ويرى أن الحفاظ على أسعار الفائدة المرتفعة “سيؤدي إلى تهدئة الاقتصاد وخفض التضخم، وهي ليست إشارة كبيرة للنمو الاقتصادي على الجوانب المصرفية أو الاستثمارية أو العقارية، ولكنها فعالة لاستهداف معدل تضخم أقل للمستهلكين.

ووفق المقياس المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، تباطأ التضخم في الولايات المتحدة بأكثر من النصف، منذ أن بلغ ذروته عند أكثر من سبعة بالمئة في يونيو من العام الماضي، رغم أنه لا يزال أعلى من ثلاثة بالمئة.

  • جدد باول عدة مرات التأكيد على أن الفيدرالي سيواصل المضي قدمًا “بعناية” في قرارات أسعار الفائدة المستقبلية، ليس فقط بالنظر إلى مدى رفع أسعار الفائدة منذ مارس 2022، ولكن أيضاً وسط علامات على أن كل هذا التشديد النقدي بدأ يؤثر بالفعل.
  • قال باول: “لقد قطعنا شوطاً طويلاً في دورة رفع معدلات الفائدة هذه.. نحن نتحرك بحذر لأنه يمكننا المضي بحذر في هذا الوقت.. السياسة النقدية مقيدة ونرى آثارها”.

وأشارت الصحيفة البريطانية في تقريرها المشار إليه إلى أن باول توصل إلى هذا الاستنتاج على الرغم من الموجة الأخيرة من البيانات القوية بشكل مدهش والتي أظهرت استمرار قوة الطلب غير المتوقع للمستهلكين والشركات الأميركية على العمال، وهو دليل على مرونة الاقتصاد (..).

وبحسب باول فإن “التسارع الأخير في نمو الوظائف كان مدفوعاً في المقام الأول بزيادة المعروض من العمالة، وهو تطور مرحب به، وليس مثيرا للقلق”.

وحتى الآن، لا يتوقع العاملون في بنك الاحتياطي الفيدرالي حدوث ركود. لكن باول اعترف بأن المخاطر المتمثلة في بذل القليل من الجهد لمعالجة التضخم مقابل بذل الكثير من الجهد أصبحت ذات جانبين.

وحتى لو بدا بنك الاحتياطي الفيدرالي في وضع أكثر راحة في معركته ضد التضخم، فإن الاقتصاديين يحذرون من أن المشهد ليس واضحا تماما، بحسب التقرير.

تقديرات صعبة

ويرى أستاذ الاقتصاد بكلية ويليامز، كينيث كوتنر، أنه من الصعوبة بمكان تحديد “موعد التخلي عن أسعار الفائدة المرتفعة”، ويقول: “حتى اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لا تعرف متى”.

ويضيف في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “إنهم (صناع السياسة النقدية بالولايات المتحدة الأميركية، ينتظرون ليروا ما سيفعله الاقتصاد، فإذا ظل نمو التوظيف قوياً ولم يستمر التضخم في الانخفاض، فسوف يبقون أسعار الفائدة مرتفعة حتى خلال العام 2024.. بينما إذا بدأ الاقتصاد في التباطؤ وتحرك التضخم أكثر نحو 2 بالمئة سيبدأون بالتخفيف.. في هذه المرحلة (الآن)، ليس هناك طريقة لمعرفة ذلك”.

وبالعودة لتقرير “فاينانشال تايمز” فإن التشديد الحاد للأوضاع المالية خلال الشهرين الماضيين، في أعقاب ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل، أدى إلى تعزيز وجهة النظر القائلة بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يتخذ موقفاً أقل تشدداً بشأن أسعار الفائدة، وهو ما جاء ذلك في بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأربعاء، والذي أكد على أن تشديد الظروف المالية والائتمانية “من المرجح أن يؤثر على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم”.

وقال باول إن السياسة النقدية ستعتمد إلى حد كبير على مدة تحركات السوق، والتي شهدت ارتفاع عائدات السندات الحكومية إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات.

الميزانية الحكومية

من جانبه، يُحيل الأستاذ الزائر بجامعة فلوريدا الأميركية، جاي ريتر، في تصريحاته لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى واحدة من الإشكالات التي يواجهها الاقتصاد الأميركي، والتي تدفع بارتفاع معدلات التضخم، وبالتالي إبقاء الفيدرالي على معدلات الفائدة في حدودها المرتفعة، وهي الإشكالية المرتفعة بـ “العجز الكبير في ميزانية الحكومة”.

ويشير إلى أن “أسعار الفائدة الأميركية ستبدأ في الانخفاض عندما ينخفض التضخم بطبيعة الحال، بينما يسهم العجز الكبير في ميزانية الحكومة في ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع التضخم”، وهنا تمكن المعضلة التي ترى الأسواق بناءً عليها أن الطريق لا تزال طويلة للتغلب على تلك التحديات.

  • أظهر أحدث تقرير للتضخم في الولايات المتحدة، أن مؤشر أسعار المستهلكين استقر عند 3.7 بالمئة في سبتمبر الماضي على أساس سنوي، خلافاً للتوقعات التي كانت تشير إلى تراجعه.
  • فيما عانى الاقتصاد الأميركي مع الارتفاع المفاجئ في التكاليف المرتبطة بالإسكان، فضلاً عن تلك المرتبطة بغرف الفنادق والخدمات الترفيهية.
  • وتراجع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي -الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة- على أساس سنوي إلى 4.1 بالمئة متماشياً مع التوقعات، في أدنى مستوى في أكثر من عامين.

 



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى