هل تندرج “أحداث السمارة” ضمن مخطط إيران الرامي لفتح جبهات قتال جديدة؟
لم تنتظر إيران طويلا لتبادر بتفعيل وأجرأة تهديداتها للولايات المتحدة الأمريكية ولمصالح حلفائها، والتي أطلقها وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان في حوار أجراه مع المجلة الأمريكية “بلومبورغ بيزنيس”.
فبعد ساعات قليلة من التهديدات التي أطلقها وزير خارجية إيران، عبر منبر إعلامي أمريكي، والتي توعد فيها بفتح جبهات جديدة في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها إن هي استمرت في دعمها لإسرائيل، خرجت “أدوات” إيران الإقليمية لشن هجمات متزامنة في العديد من الدول العربية والإسلامية باستخدام تقنيات وأساليب مماثلة.
بروباغندا انتحارية!
ما إن انتهى وزير خارجية إيران من حواره الصحافي، المطبوع بالتهديد وفتح جبهات اشتباك جديدة، حتى كثفت فلول نظام الملالي حركية التدوين والبروباغندا في شبكات التواصل الاجتماعي، موقع “تلغرام” على وجه التحديد، في محاولة لتأليب الشعوب العربية والإسلامية وتحضيرها لمرحلة القتال الجديدة.
وقد رفعت الحسابات المقربة من التيار الشيعي في إيران والعراق واليمن ولبنان وسوريا شعارات تحريضية من قبيل: “نقسم يا قاسم لن نهدأ”، في إسقاط وإحالة على جنرال الحرس الثوري قاسم سليماني، الذي كان قد توفي في قصف جوي شنته طائرة مسيرة أمريكية عند وصوله مطار بغداد الدولي.
وأرفقت الحسابات الشيعية الناشرة لهذا الشعار صورا فوتوغرافية لقاسم سليماني، الذي يعتبرونه في إيران “أيقونة” المواجهة المسلحة ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، بينما ينظر إليه العديد من مواطني العراق ولبنان وسوريا بأنه “عراب” التقتيل والاضطرابات السياسية والأمنية التي شهدتها المنطقة في مرحلة ما بعد الربيع العربي.
وفي سياق متصل رفعت حسابات أخرى، بشكل متزامن ومتواتر، شعارات تضج بالحلف باليمين والتهديد بفتح جبهات جديدة للقتال، من قبيل: “قسما بصوت العبوات ولهيب المسيرات”، و”قسما بدموع الولي النازلات”، وهي الشعارات التي اعتبر العديد من المحللين بأنها تندرج في إطار “حرب نفسية تراهن على شحذ المسلمين وتحضيرهم ذهنيا لقبول مواجهات طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
إيران تعلن النفير
تلقفت العديد من المنظمات العسكرية وشبه العسكرية والانفصالية المحسوبة على إيران تصريحات الوزير حسين أمير عبد اللهيان بكثير من الجدية، وتعاطت معها على أنها “إشارة من ولاية الفقيه” لإعلان “القتال” ضد المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة.
ففي العراق نشر تنظيم يطلق على نفسه “المقاومة الإسلامية في العراق” بلاغا، اليوم الأحد، أعلن فيه “عن استهداف مقاتليه للقاعدة العسكرية الأمريكية (الشدادي) في جنوب الحسكة السورية، باستخدام طائرتين مسيرتين”، مردفا بأنه “تمت إصابة الأهداف بشكل مباشر”.
كما أعلن التنظيم نفسه، المقرب من إيران، في بلاغ آخر “عن استهداف قاعدة الجيش الأمريكي (عين الأسد) الموجودة غرب العراق، باستخدام طائرة مسيرة إيرانية الصنع”.
وبالتزامن مع هذه العمليات القتالية، نشرت “المقاومة الإسلامية” التابعة لحزب الله في لبنان، بلاغات تدعي فيها استهداف عدة مواقع، من بينها موقع “أبو دجاج” جنوب لبنان، ومواقع “رويسات العلم والسماقة وزربدين” في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وموقع “العباد” شمال إسرائيل.
وفي هذا السياق المحموم والمفتوح على تصعيد متزايد، أوضح البنتاغون أن القوات الأمريكية في العراق وسوريا تعرضت في الآونة الأخيرة لتسعة عشر هجوما بالأسلحة والمسيرات من طرف مجموعات مسلحة.
اتساع رقعة القتال
ولم تقتصر العمليات القتالية التي أذنت وأوعزت بها إيران على سوريا والعراق ولبنان فقط، بل امتدت جغرافيا حتى اليمن السعيد، حيث أعلن أنصار الله الحوثي المقربون من إيران عن إطلاق صواريخ “كروز” ومسيرات ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية، في تحول جديد في قواعد الاشتباك التي دأب عليها الحوثيون في المنطقة.
وفي شرق القارة الإفريقية كشفت مصادر عسكرية في أريتريا عن تسجيل هجوم مسلح تعرضت له قوات إسرائيلية في قاعدة “دهلك” بأريتريا، وهو ما اعتبره الخبراء العسكريون “مؤشرا على اتساع رقعة القتال خارج منطقة الشرق الأوسط وخليج العرب لتشمل مناطق بعيدة نسبيا في القارة الإفريقية”.
وفي سياق هذا التوسع الجغرافي، المتزامن مع تهديدات إيران بفتح جبهات قتالية جديدة، جاء الاعتداء الغاشم الذي استهدف مواطنين عزّلا في السمارة المغربية، حيث أودت مقذوفات متفجرة بحياة شخص واحد وإصابة ثلاثة أشخاص، حالتان منهما حرجتان وتتسمان بالخطورة.
وإذا كانت السلطات المغربية لا تريد استباق نتائج التحقيقات القضائية في هذا الاعتداء الآثم، فإن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر والمقربة من إيران وحزب الله، سارعت، في المقابل، إلى تبني هذا الهجوم، وهو ما اعتبره البعض “تجليا آخر من تجليات التهديد الإيراني لأمريكا وحلفائها”.
فالبوليساريو هي “أداة من أدوات إفراز الفوضى واللانظام”، التي تراهن عليها الجزائر لزعزعة استقرار المغرب ومنطقتي شمال إفريقيا والساحل والصحراء، كما أنها أداة طيعة في أيدي إيران تسعى من خلالها إلى توسيع نطاق القتال مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في منطقة المغرب الكبير.