أخبار العالم

أثر مدينة طنجة في هنري ماتيس .. أكاديمية المملكة تهتم بالتاريخ الفني المغربي



ندوةٌ دولية حول أثر المغرب في الفنان هنري ماتيس ينظمها المعهد الأكاديمي للفنون، وتستقبلها أكاديمية المملكة المغربية الخميس والجمعة، بحضور أساتذة جامعيين ومتخصصين ورسامين من أستراليا وتونس والمغرب وفرنسا وبلجيكا وسويسرا.

وعرفت الجلسة الافتتاحية للندوة تقديم جائزتين أطلقهما المعهد الأكاديمي للفنون التابع للأكاديمية لتشجيع الباحثين والمبدعين والفنانين الشباب، وقدم الأولى الأكاديمي شرف الدين ماجدولين في صنف أفضل مقال نقدي من وحي اللوحات التي أنجزها ماتيس في طنجة والمغرب، ليسرى عبد المومن؛ فيما قدم التشكيلي عبد الكبير ربيع جائزة أفضل ملصق مستوحى من التجربة الطنجويّة لماتيس إلى ياسين أيوب.

وفي افتتاح الندوة الدولية قال عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، إن ماتيس ومحطتَيه بالمغرب “قضية لها أهمية كبرى في التاريخ الفني المغربي”؛ فـ”الأعمال الفنية والإبداعية للأجانب في بلادنا تشكل جزءا من تراثنا مادام الأمر يتعلق بصور المغرب وتاريخه ومجتمعه، كيفما كان منظور الآخرين له، وأساليب تقديمه والحديث عنه”، وذكّر في هذا الإطار بالندوة السابقة التي نظمتها أكاديمية المملكة حول أوجين دولاكروا والمغرب.

وأضاف لحجمري: “لوحات ماتيس بطنجة التي زارها سنتَي 1912 و1913 تعكس طريقة مختلفة في إدراك أضواء المغرب ونباتاته وإنسانه، انطلاقا من الوعي الخاص الذي عبّر عنه، وانطلاقا من خلفيته الثقافية، ونزوعه الإبداعي المتميز”، إضافة إلى أثر من سبقه من فنانين وأعمال تصويرية في المغرب وعن المغرب أو التي كان المغاربة موضوعها؛ ووضع “عرض واستحضار هذه التركة وفحصها وتحليلها”، ضمن “المسؤولية الفكرية”، للأكاديمية “في التشكيل المتنوع للثقافة المغربية المعاصرة”.

وزاد المتحدث ذاته: “نسعى بالمعهد الأكاديمي للفنون إلى تناول السياقات التاريخية والسياسية والشخصية لزيارة ماتيس بطنجة، وإعادة عرض أعماله المنجزة بالمغرب، وما يمكن أن يعتبر منعطفا في التجربة الخاصة للرسام، على مستوى تاريخ الفنون التشكيلية والرسم في العالم، وما تركته من تأثيرات في بعض الرسامين المغاربة”.

وفي سبيل “تعميق أفق المعالجة”، طرح لحجمري في كلمته الافتتاحية أسئلة حول النظرة السائدة للشّرق المتخيل في المتخيل الجمعيّ للغرب، وأثر ماتيس في الفنون التشكيلية بشكل عام، و”كيف نفسر صمت ماتيس عن الأحداث الكبرى والعنف الاستعماري على المغرب في 1912 و1913 عقب احتلاله، علما أن هناك مراسلات تبرز متابعته للاعتداءات على المغرب والمغاربة؟”.

جاك لينهارت، مدير بالمدرسة العليا للدراسات في العلوم الاجتماعية بفرنسا، تحدث عن المسار الداخلي للعمل التصويريّ لماتيس بفضل لقاءاته مع ثقافات مختلفة؛ إذ “جعلت من الممكن التطور وخلق طريقة جديدة لتصور اللوحة”، وهو تطوّرٌ مسّ الإضاءة التي غيّرت طبيعة حضور الأشياء المرسومة.

وتحدث المحاضر عن لقاء ماتيس الصدمة مع فنون اليابان الكلاسيكية الذي استفاد منه ما للألوان من حضور في ذاتها، وعن “المغامرة المغربية” التي استفاد منها الصفاء والتناغم، وهو ما وجده في الجزائر أيضا، لا بفضل طبيعة النور فقط، بل بفضل ثقافةِ وطبيعةِ عيش من التقَى بهم…وفي حقبة الثورة الصناعية الأولى التي كان يُشعر فيها “بسطوة السرعة على الحياة”، وخلقت “الوعي بالزمن المار، واللحظة”، وجد طريقةَ في العيش “تخفف من ثقل اليومي، وتوجد خارج الوقت بشكل رمزي”، وهو ما أراد أن يُؤبّده في اللوحة.

وللوصول إلى قناعة “اللوحة واستقلالها، كفضاء تشكيلي”، عدّد المحاضر محطات لماتيس من بينها طنجة التي اكتشف “ضوءَها الأطلسي” في 1912، قبل أن يتخلى “عن التقسيم الخاص بفضاء اللوحة في عصر النهضة، ليخلق فضاء تصويريا واحدا في لوحات مثل ‘المغاربة’ في 1916؛ حيث صهر بشكل متناغم فضاءات متعددة في فضاء واحد”.

وكشف المتدخل مسارا قاد ماتيس إلى رسم أو “تحقيق” لوحة “المقهى العربي” بطنجة، من تناغم في الإضاءة، وسكينة وطمأنينة، بعدما وجد “جنته المتخيلة بطنجة”، ورأى “جوا من البهجة دونَ رغبة”، حمل معه “دعوة مقدسة للحياة”، يرافقها إيمان بدور الفنون في الزخرفة والتجميل؛ لأن “الرسم والبهجة ينبغي أن يترافقا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى