أخبار العالم

إرسال المساعدات إلى قطاع غزة يجدد التزام المغرب بنصرة القضية الفلسطينية



في خطوة لا تخلو من دلالات، أرسلت المملكة المغربية، بتعليمات من الملك محمد السادس، طائرتين عسكريتين محملتين بمساعدات إنسانية عاجلة لفائدة السكان الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، وصلت إلى مطار العريش بمصر، الأربعاء، في انتظار إدخالها إلى القطاع عبر معبر رفح الحدودي.

تأتي هذه المبادرة لتؤكد التزام المغرب الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، وتجسيدا للعناية التي يوليها الملك محمد السادس للقضية بصفته رئيس لجنة القدس، حيث يوجه في كل ظرف مماثل بضرورة إرسال المساعدات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين في مواجهة الظروف التي يعيشونها جراء العدوان الإسرائيلي.

واشتملت المساعدات المغربية لسكان غزة المحاصرين منذ إطلاق عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الجاري، على كميات مهمة من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والمياه، حيث أكدت وزارة الخارجية أنه سيتم تحديد آليات إرسال هذه المساعدة العاجلة بتنسيق مع السلطات المصرية والفلسطينية.

في قراءته للمبادرة المغربية، قال المحلل السياسي محمد شقير إن المساعدات التي أرسلها المغرب إلى قطاع غزة “ليست الأولى التي يرسلها سواء لغزة أو لفلسطين بشكل عام”، مذكرا بأن المغرب كان قد أرسل في مناسبات سابقة مثل هذه المساعدات، بل وأقام مستشفى ميدانيا في غزة.

وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن السياق الذي تأتي فيه هذه المساعدات “هو المختلف”، موضحا أنها جاءت في إطار استعار الحرب ما بين حماس والجيش الإسرائيلي والحصار الاقتصادي المضروب على غزة.

واعتبر المحلل السياسي أن هذه المبادرة تعبر عن “التضامن بشكل عام وتنفذ ما كان قد عبر عنه وزير الخارجية، ناصر بوريطة، خلال اجتماع الجامعة العربية برفض العقاب الجماعي لأهل غزة وفتح ممرات مساعدة دائمة لهم”.

وأكد شقير أن “المغرب ليقرن القول بالفعل أرسل هذه المساعدات”، خاصة وأن الملك هو رئيس لجنة القدس والمملكة تترأس دورة الجامعة العربية في هذه الفترة، مبرزا أن هذه المساعدات تأتي في خضم استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل وتمتين التعاون في مجالات عدة بين البلدين.

وزاد موضحا: “هذه إشارة إلى أن المغرب كونه استأنف العلاقات مع إسرائيل، لا يعني أنه تخلى عن التشبث بثوابت القضية الفلسطينية التي عبر عنها مرات عدة، والآن يعبر عنها بشكل ملموس من خلال إيفاد هذه المساعدات”، مشددا على أنها تأتي “ضدا على التوجهات الإسرائيلية وضدا على المواقف التي يظهر أنها لم تعجب السلطات الإسرائيلية”.

ومضى شقير مفسرا: “هذا ظهر من خلال الانسحاب المؤقت لمدير مكتب الاتصال الإسرائيلي من الرباط، وإظهار الخريطة المبتورة خلال استقبال نتنياهو رئيسةَ وزراء إيطاليا، وكلها تجسد وتعكس المواقف التي عبر عنها العاهل المغربي بأن استئناف العلاقات الإسرائيلية لا يعني أنه تخلى عن ثوابت القضية الفلسطينية أو نسي حل الدولتين”.

من جهته، قال خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، إن هذا الأمر يدخل في “الجانب الإنساني”، مبرزا أن القانون الدولي الإنساني “يتيح للدول أن تقدم مساعدات، خاصة أثناء النزاعات العسكرية، وأن تكون هذه المساعدات متزامنة حسب الحاجة والضرورة، وهو أمر طبيعي بالنسبة للمغرب”.

وأضاف الشيات، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذه المساعدات الغذائية والطبية في غزة، تمثل “حاجة ضرورية مع الظروف القاسية التي يعيشها السكان، ومع الحصار القوي الذي تعرض له القطاع لسنوات ويتواصل مع القصف اليومي والعمليات العسكرية التي تعرضت لها غزة في الآونة الأخيرة”.

واعتبر الشيات أن هذه المبادرة المغربية إشارة واضحة إلى “استقلالية القرار السياسي المغربي وموقفه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية”، مشددا على أن تقديم المساعدة يدخل في إطار “الاختيارات السياسية الداخلية للمغرب، ويعكس الانتماء الحضاري والتشبث بإيجاد الأدوات والوسائل لدعم الشعب الفلسطيني بكل الأشكال، سواء في إطار بيت مال القدس أو في إطار أشكال أخرى من الدعم”.

كما عد المحلل السياسي ذاته الخطوة إشارة “سياسية إلى الأشخاص الذين يعتقدون أن الاتفاق الثلاثي الذي وقعه المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، قد يعفي المغرب أو يدفعه إلى الانكماش وعدم التفاعل مع القضايا المصيرية للأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية”، موضحا أن هذا العمل يبين “الاستقلالية التي يعبر عنها المغرب تجاه إسرائيل، وتجاه كل دول العالم التي تريد التعامل معه بالمنطق الذي يحكم سياسته الخارجية، وليس بالمنطق الذي تريد أو تتمناه هذه الدول”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى