صرف منحة الولادة وتقليص المقاصة يكلفان خزينة المغرب 40 مليار درهم سنويا
بعد طول انتظار بصَمَ سياسة الاستهداف الاجتماعي للأسر، خصوصا الهشة منها، كشفت الحكومة على لسان رئيسها عزيز أخنوش “تفاصيل منحة الولادة التي ستمنحها في إطار برنامج الدعم الاجتماعي المباشر” المرتقب إطلاق العمل به مع نهاية عام 2023.
وقال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مساء الإثنين خلال جلسة عمومية مشتركة بمقر “النواب”، جمعت غرفتيْ البرلمان، إن حكومته “خصصت مبلغ 2000 درهم كمنحة عن الولادة الأولى، و1000 درهم عن الولادة الثانية، لفائدة الأسر المغربية المستهدَفة بالدعم الاجتماعي المباشر”.
“هو دعمٌ جزافي يمنح لكل أسرة بمناسبة الولادتين الأولى والثانية”، يقول أخنوش، مثيرا الانتباه إلى أن هذا الورش “يستهدف تمكين ملايين الأسر، غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي، من دعم شهري مباشر”؛ وذلك خلال الجلسة التي انعقدت بمقر مجلس النواب طبقاً لأحكام الفصل 68 من الدستور، وحضرها غالبية أعضاء مجلسي النواب والمستشارين.
ويقتضي تفعيل التوجيهات الملكية التي وردت في أكثر من خطاب، وفق رئيس الحكومة، أن يتم “وضع شبكة للأمان الاجتماعي (un bouclier social) في إطار برنامج متكامل للدعم الاجتماعي”، وتابع شارحا بأن “الحد الأدنى للدعم لكل أسرة كيفما كانت تركيبتها 500 درهم شهرياً”؛ كما أن قيمة الدعم الاجتماعي المباشر لكل أسرة مستهدفة “يمكن أن تصل إلى أكثر من 1000 درهم شهريا، أخذا بعين الاعتبار تركيبة كل أسرة، لاسيما عدد أطفالها”.
ورداً على التشكيك الذي صاحب النقاش العمومي مؤخرا، مع “بوادر تقليص دعم المقاصة”، أكد أخنوش امتلاك حكومته “رؤية كفيلة بإنجاح هذا الورش الملكي الكبير للدعم الاجتماعي المباشر”، مستدلاً بأنه “يوازي بين التضامن الاجتماعي كقيمة نبيلة متوارثة تعكس الهوية المغربية، في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية وتكريس مجتمع تسوده قيم الوحدة والتضامن من جهة، وكآلية تروم ترسيخ المبادرات الملكية الهادفة لمواصلة المسار التنموي للمملكة، وتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود، من جهة أخرى”.
“الحكومة عكفت على إعداد الإطار العملي والزمني والميزانياتي لهذا البرنامج، وكذا تحديد كيفيات وشروط تنزيله، مع استكمال منظومة استهداف المستفيدين منه، وتأمين الاعتمادات المالية لاستدامته، وذلك وفق مقاربة تشاركية وتنسيق محكم بين جميع القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية المعنية، تنفيذا للتعليمات الملكية، وتطبيقا لمقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، وتكريسا لمضامين البرنامج الحكومي”، يورد رئيس الحكومة.
40 مليار درهم سنويا
لـ”إنجاح” هذا الورش الوطني، يضيف أخنوش، “شُغلنا الشاغل هو ضمان دَيْمومتِه المالية وضبط قنوات الاستهداف”، وتابع: “يتطلب تنزيل هذا الورش ميزانية قدرها 25 مليار درهم سنة 2024، لتصل إلى 29 مليار درهم سنويا ابتداء من 2026. وتنضاف هذه الميزانية إلى 10 ملايير درهم التي تخصصها الدولة سنويا لتعميم التغطية الصحية الإجبارية على الأسر الفقيرة والهشة”.
وإجمالا، سيُمثل ذلك حسب رئيس الحكومة “ميزانية سنوية تقارب 40 مليار درهم بحلول سنة 2026، تُخصص لشِقَّيْ التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر من ورش تعميم الحماية الاجتماعية”.
مصادر التمويل
بخصوص “مصادر تمويل” هذه المتطلبات الجديدة، أورد رئيس الحكومة أنها اتخذت “جملة من التدابير اللازمة لتأمينها، من خلال تعبئة 20 مليار درهم في ظرف السنوات ثلاث المقبلة عن طريق الموارد الذاتية للدولة؛ وستة (6) ملايير درهم من العائدات الجبائية المتعلقة بالمساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالمقاولات، في إطار انخراطها المسؤول في إنجاح هذا الورش الوطني”؛ تضاف إليها “عائدات الرسوم الضريبية المستخلصة من تفعيل ‘المساهمة الإبرائية’ برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج؛ وكذا تعبئة 15 مليار درهم، عبر عقلنة وتجميع وإعادة توجيه الاعتمادات المالية المسخرة لمجموعة من برامج الدعم السابقة، وفقا للتوجيهات الملكية السامية”.
وستتم أيضا حسب المتحدث نفسه “تعبئة 9 ملايير درهم، تهمّ احتياطي صندوق التماسك الاجتماعي لسنة 2024 فقط؛ وأخيرا 12 مليار درهم تدريجيا في أفق سنة 2026 وبعد مضي فصل (un trimestre) من الشروع في صرف الإعانات المباشرة، من خلال الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة، طبقا لمقتضيات القانون الإطار للحماية الاجتماعية”.
تقليص جزئي للمقاصة
لم تفت رئيس الحكومة الإشارة إلى “إصلاح صندوق المقاصة”، قائلا: “في إطار السياسية التشاركية التي تنتهجها الحكومة نَعقد سلسلة من اللقاءات مع الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، ستكون مناسبة لنقاش عملية الإصلاح”.
وأكد أخنوش بشأن هذا الموضوع المثير للجدل منذ سنوات أن “ميزانية الدولة لن تتحمّل تمويل الدعم الاجتماعي المباشر والإبقاء في الوقت نفسه على تحمل الكلفة الكاملة لنظام المقاصة”.
وبالتالي، يخلص أخنوش، إلى أنه “بالنظر إلى ضُعف الإنصاف الاجتماعي لنظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والهشة، وبعد شروع الحكومة في صرف الإعانات المباشرة ابتداء من دجنبر 2023، ستعمَد إلى تخصيص الهامش الناتج عن تقليص دعم المقاصة، الذي يمثل تقليصاً تدريجيا، جزئيا ومحددا زمنياً ما بين 2024 و2026، لاستكمال تمويل إجراءات ورش تعميم الدعم الاجتماعي المباشر للأسر؛ بمعنى أنه تسقيف وليس تحرير، إنصافاً للأسر المستحِقّة فعلاً للدعم”.