هل يتحول الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لقطاع غزة إلى حرب شاملة في المنطقة؟
قال سعيد عكاشة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن الحرب الفلسطينية الإسرائيلية الدائرة حاليا من الصعب توقع متى يمكن أن تتوقف، وأيضا مداها، موردا أنه “من الصعب تصور أن تتخلى إسرائيل طواعية عن اجتياح قطاع غزة، وتقسيمه إلى مناطق عدة، لتحقيق الأهداف المُعلنة من جانبها؛ وأهمها تصفية الوجود العسكري لحركتي حماس والجهاد الإسلامي”.
وأكد الخبير ذاته، ضمن تحليل نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أنه “فقط الحسابات الأمنية من جهة إسرائيل، والضغوط الدولية والإقليمية، هي التي يمكنها الحد من حجم ومدى عملية الاجتياح لا إلغاءها؛ لكن تل أبيب ستصر في المقابل على مطلبين هما: إعادة أسراها وجثث جنودها ومواطنيها لدى حماس والجهاد الإسلامي بالكامل، وتشكيل لجنة دولية للإشراف على نزع سلاح التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة، ووضعه تحت إدارة دولية”.
وأردف عكاشة بأن “الأفق الزمني لنهاية الحرب لا يمكن تحديده، وهو ما أكدته تصريحات القادة الإسرائيليين، سواءً رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أو وزير الدفاع، يوآف غالانت، أو رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، الذين أجمعوا على أن الحرب ستكون طويلة ولن تتوقف إلا إذا حققت إسرائيل أهدافها”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “إسرائيل ستحاول تقليص المدى الزمني للحرب للأسباب التالية: ضغط الرأي العام الإسرائيلي على نتنياهو وحكومته لتقصير أمد الحرب، تخفيف الضغوط الدولية الواقعة على إسرائيل للسماح بتمرير المساعدات الغذائية والطبية للمدنيين في قطاع غزة، وعدم إطالة زمن الإبقاء على الحشد الضخم من قوات الاحتياط التي تم استدعاؤها منذ بداية الحرب؛ وكذا خوف الحكومة من تأثير إطالة الحرب في الفئات الاجتماعية المُستعدة للهجرة من إسرائيل جراء عدم شعورها بالأمان، أو لعدم قدرتها على الاندماج في المجتمع، ثم عدم تعريض العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لتوترات متزايدة”.
أما عن نطاق الحرب فقال عكاشة إنه “عملياً لا يمكن القول إن الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين لم تتسع فعلياً، إذ إن تحركات حزب الله في لبنان، وبعض المنظمات الفلسطينية في سوريا، منذ اليوم الأول للحرب، كانت تشي بأن فتح جبهات القتال مع إسرائيل في الشمال يمكن أن يتسبب في نشوب حرب شاملة على عدة جبهات بين إسرائيل وخصومها المدعومين من إيران، بل إن هناك احتمالاً لا يمكن تجاهله باضطرار إيران نفسها للتورط في هذه الحرب في أي لحظة”.
وأكد الخبير ذاته أن “إيران لن تبادر بشن حرب على إسرائيل لأسباب عديدة”، ذكر منها أنه “مازال لدى طهران الفرصة في الابتعاد عن الاشتباك المباشر مع إسرائيل عبر دفعها حزب الله لفتح الجبهة الشمالية من لبنان وسوريا”.
ومن بين الأسباب التي عددها المحلل ذاته “كون دخول طهران الحرب سيُعد عملاً غير مشروع من ناحية القانون الدولي”، وكذا “وجود الأساطيل الأمريكية أمام السواحل الإسرائيلية، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة، التي تعهدت بحماية أمن إسرائيل، يمكن أن ترد على أي هجمات من جانب إيران ضد تل أبيب”.
وتابع عكاشة: “إذا حاولت إيران استهداف الأساطيل الأمريكية، سواءً لمنعها من تقديم العون لإسرائيل في مواجهة حزب الله اللبناني (في حالة دخوله الحرب بكامل قوته)، أو رداً على ضربات أمريكية وُجهت إلى أراضيها وقطعها البحرية؛ يمكن في هذه الحالة أن تدخل قوات حلف الناتو الحرب ضد طهران، وفقاً لميثاق الحلف الذي يُلزم أعضاءه بالدفاع عن أي عضو يتعرض لهجوم عسكري”.
ونبه الخبير نفسه إلى أن “طهران تبقى أمام ثلاثة خيارات صعبة، وهي كالتالي: أن تترك حلفاءها (حماس والجهاد الإسلامي) يواجهون خطر التدمير الشامل لقدراتهم العسكرية، أو أن تدفع حزب الله اللبناني لفتح جبهة الشمال للتخفيف عن الجبهة الجنوبية، أو أن تبادر بالمشاركة في الحرب مباشرة بقصف إسرائيل، ودفع قوات حزب الله للدخول إلى عمق الأراضي الإسرائيلية والقتال من داخلها، تحت حماية الضربات الصاروخية الإيرانية، ومثيلتها من مواقع حزب الله في الجنوب اللبناني والأراضي السورية”.