حزب “فوكس” المتطرف يدعو إلى تعليق منح مهاجرين مغاربة الجنسية الإسبانية
تقدّم حزب “فوكس” اليميني المتطرف بإسبانيا بمقترح إلى مجلس الكونغرس، من أجل “تعليق ملفات الحصول على الجنسية الإسبانية وتصاريح الإقامة، وحظر دخول المهاجرين إلى إسبانيا من البلدان الإسلامية”.
وذكرت صحيفة “إلباييس” الإسبانية أن الحزب تحجج عند وضع مقترحه التمييزي ضد الأجانب عامة، والمغاربة خاصة، بـ”غياب إمكانية ضمان اندماجهم الصحيح والسلمي في الأراضي الإسبانية”، وفق نص المقترح.
وأبرزت الصحيفة أن جميع المختصين والخبراء القانونيين الذين استشارتهم بشأن المقترح الذي من المرتقب أن يناقش الكونغرس في الأيام المقبلة إمكانية دراسته، أجمعوا على أنه مبادرة غير دستورية وغير قانونية وتتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الإسبانية، متوقعين عدم موافقة مجلس النواب على دراسته ورفضه في النهاية مثل العديد من مقترحات الحزب اليميني المتطرف ضد الأجانب.
ويرى مانويل أولي، الرئيس السابق لجمعية حقوق الإنسان في إسبانيا، أن المبادرة معادية للأجانب بشكل علني، وتتعارض مع المواثيق الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والثقافية الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1966، التي يمكن إدانة إسبانيا بسببها أمام الأمم المتحدة إذا وافقت عليه.
كما حذر أوغستين رويز روبليدو، أستاذ القانون الدستوري بجامعة غرناطة، في تصريح لـ “إلباييس”، من أن التمييز ضد شخص لكونه من بلد ذي ثقافة إسلامية يتعارض مع المادة 16 من الدستور، التي تكرس الحق في الحرية الدينية، فيما قال دييغو لوبيز جاريدو، أستاذ القانون الدستوري بجامعة كاستيا لامانشا، إن إجراء من هذا النوع ينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان المدرجة في التشريع الإسباني.
ونبّهت “إلباييس” إلى أن حزب فوكس في ديباجة مقترحه، يخلط بين مواطني الدول الإسلامية والإرهاب الجهادي، ويستحضر أنه، وفقا للمعهد الوطني للإحصاء، فإن “الجنسية الأصلية الأكثر شيوعا بين الأشخاص الذين حصلوا على الجنسية الإسبانية في عام 2022 كانت جنسية المغرب، مع 55453 حالة، أي 30,5 في المائة من المجموع، بينما يتغافل على أرقام عام 2002 حين حصل 62832 شخصاً من أمريكا اللاتينية على الجنسية الإسبانية، وذلك نتيجة حصوله على دعم الأخيرين انتخابياً”.
وأضافت الصحيفة الإسبانية أن “Vox” يتجاهل أيضًا أن 42 في المائة (23,335) من الأشخاص من أصل مغربي الذين حصلوا على الجنسية الإسبانية العام الماضي، ولدوا في إسبانيا، في حين إن البقية كانوا يعيشون في هذا البلد لمدة 15 عامًا على الأقل.
وأبرزت أن المغاربة لا يشكلون أكبر عدد الأجانب في إسبانيا فحسب (أكثر من 880 ألف نسمة)، وهو ما يفسر كونهم أيضا الأكثر عددا بين الحاصلين على الجنسية، بل إن المغرب أصبح الوجهة الأولى للصادرات الإسبانية إلى الخارج، بإجمالي 11.750 مليون يورو العام الماضي، مما عزز موقع إسبانيا كشريك تجاري أول للمغرب.
ولإظهار استهداف الحزب اليميني المتطرف للمغاربة تحديداً من مقترحه إلى الكونغرس، قالت “إلباييس” إنه بالتوازي مع المقترح غير القانوني، قدم الحزب مجموعة من الأسئلة إلى وزارة العدل لمعرفة، على سبيل المثال، نسبة المغاربة الذين حصلوا على الجنسية الإسبانية في عام 2022، والذين وصلوا بشكل غير قانوني إلى إسبانيا أو ارتكبوا جريمة فيها أو في بلدان أوروبية أخرى.
وأضافت: “ليست هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها حزب فوكس وضع العراقيل في طريق حصول المهاجرين المغاربة على الجنسية؛ ففي نونبر 2021، اقترح تعديل القانون المدني لرفع الحد الأدنى لمدة الإقامة القانونية للحصول على الجنسية من 10 إلى 15 عامًا، لكنه استبعد الأمريكيين من أصل إسباني، وهي المجموعة التي بدأ في حصد المزيد والمزيد من الأصوات منها”.
تعليقاً على مقترح “فوكس”، قال إدريس الوهابي، الأمين العام لمندوبية الفدرالية الإسبانية للهيئات الدينية الإسلامية بسبتة، إن هذا المقترح “عنصري ومبني على مغالطات عدّة، أبرزها عدم رغبة الجاليات الإسلامية في إسبانيا في الاندماج في المجتمع المحلي”.
وأضاف الوهابي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الجاليات الإسلامية بإسبانيا، والمغربية بالتحديد، منخرطة بشكل واسع في المجتمع المدني الإسباني عبر تأسيس والانضمام إلى آلاف الجمعيات التي تخدم مجتمعاتها وتمارس حقها الدستوري وتلتزم بقوانين البلد المضيف في احترام متبادل مع الدولة الإسبانية ومكوناتها”.
وأشار المتحدّث ذاته إلى أن حزب “فوكس” عُرف على مدى سنوات بـ”محاولاته للوقيعة بين المهاجرين والأجانب بشكل عام، والمغاربة بشكل خاص، وبين الحكومات الإسبانية المتعاقبة”، مبرزاً في هذا الصدد أن “استناد الحزب اليميني المتطرف إلى الخروج في مظاهرات داعمة لفلسطين، يؤكد هذا الطرح، على اعتبار أن جميع هذه الاحتجاجات مرخّصة من السلطات الإسبانية”، مؤكداً في ختام تصريحه “رفض الفدرالية الإسبانية للهيئات الدينية الإسلامية للمقترح غير القانوني لحزب فوكس”.