أخبار العالم

التقدم يقتضي فصل الدين عن السياسة .. و “العالم العربي” مجرد تعميم


قال امحمد مالكي، أستاذ العلوم السّياسية بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “سياق التأقلم الخاص بالعرب مع التحولات العالميّة يقتضي التعامل ابتداءً مع مجموعة من الإشكالات التي يجب أن يكون هناك تفكير جماعيّ لحلها”، مضيفا أن “المسألة الأولى هي أن نضع تصورا موضوعيا لبناء المعرفة وتهيئة نموذج ناجح للتعليم في بلداننا بوصفه مفتاح المفاتيح في سبيل هذا التأقلم”.

وأفاد العميد السابق لكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان أن “المسألة الأخرى هي أن نعمل على تبيئة شروط لحسن الاتفاق بيننا لأجل تدبير أفضل لشؤوننا العامة، فلا بد أن تكون لنا فلسفة جديدة في تدبير الشأن العام قوامها الديمقراطية”، مشددا على “ضرورة وضع حل لإشكالية العلاقة بين الديني والسياسي في مجتمعاتنا، فينبغي أن نخلق علاقة جديدة بين المجالين، حيث لا يستثمر أي منهما الآخر لأغراضه”.

وأوضح مالكي، الذي كان يتحدث ضمن المحور الثاني من ندوة “العرب وأعباء الفراغ الاستراتيجي”، أن “الدين والسياسة في المنطقة بحاجة إلى خيط رفيع يفصل بينهما حتى نستطيع التقدم”، مبرزا أن “علينا أن نشتغل أيضا على ترسيخ ثقافة الاختلاف والتسامح والتعايش وآليات تدبيرها، من خلال توطيد ثقافة المشاركة الديمقراطية”. وتابع “إذا بذلنا جهدا في التعاطي مع هذه الإشكاليات سنحقق أشياء إيجابية”.

وفيما يخص تحقيق النتائج، أكد المتحدث ذاته، الذي يشارك في موسم أصيلة الثقافي الدولي، “على ضرورة إدراك أن الفاعلية تتعايش معها لازمة أخرى هي الكفاءة، فلا توجد واحدة دون أخرى، والأولى إذا لم تحتكم للقيادة كمرادف للكفاءة فلن نستطيع تحقيق أي شيء”، داعيا في السياق نفسه إلى “فسح المجال أمام مختلف الكفاءات، من شباب ونساء وكل فئات المجتمع الحيوية، وتجهيز كل الظروف لاشتغالها وإنتاجها وإدماجها”.

وفيما يتعلق بضبابية السياق الدولي العالمي اليوم، قال مالكي إن “العرب يوجدون في قلب عالم متغير صورته غير واضحة ورمادية لأن هذا العالم يعيش توترات عميقة بحكم بروز قوى جديدة”، مضيفا أن “العالم لا بد أن يتغير من عالم مركزي أوروبي غربي إلى عالم متعدد، ونحن كعرب نحضر بالتأكيد ضمن هذه المعادلة ونستطيع، إن أردنا، أن نتموقع في هذه الخريطة الرمادية حتى نصنع فهما جديدا للعالم ولا نكرر الأخطاء”.

وتابع شارحا “العرب دخلوا القرن العشرين دون تحقيق الإصلاحات التي تحدث عنها الزعماء والمفكرون في القرن التاسع عشر، وغادروا القرن العشرين وهم يتفرجون على العديد من الدول وهي تنتقل نحو الوضع الديمقراطي، فكرسوا الانتكاسة مجددا في الألفية الثالثة”. وأضاف “لا بد من التذكير بأن هذا النقاش يستدعي بالضرورة وفاء فكريا معرفيا وثقافيا وليس سياسيا، حتى نتمكن من فهم التحولات العالمية فهما عقلانيّا، وأن نرجح مصالحنا كعرب”.

 

ونبه إلى أنه “لا يمكننا الحديث، مع ذلك، عن “عالم عربي” بصيغة الجمع من المحيط إلى الخليج، فهذا تعميم في النقاش لكون العالم العربي عوالم، وكل دولة لها خصوصياتها الخاصة بها، لكن هناك مشتركات، هي التي يجب أن يتم التركيز عليها”، مشيرا إلى “هناك أيضا تفاوتات ولا يمكن على الإطلاق بناء فضاء مشترك بدون بناء الأوطان عبر تثمين خصوصياتها، وتبيئة الشروط المطلوبة للاندماج”.

كما أشار مالكي إلى مشكلة راهنية متعلقة بمسألة “الهوية”، خصوصا بعد بروز خطابات تفكيكية لهذه الهوية في العقود الأخيرة تطرح أسئلة عميقة حول “هل هذا العالم عربي أو غير عربي؟ وما هو العربي بالتحديد؟ وما المقصود بالعروبة، إلخ؟”.

وتابع قائلا: “نحن نتحدث اليوم عن هوية متعددة ومفتوحة ولديها روافد ومصادر متعددة وغير جامدة أو ثابتة، هذه يمكن أن نتحدث عنها لكون “الهوية العربية” مجرد عنصر، وليست هي كل الهوية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى