أخبار العالم

“الحيوانات لم تكن لتفعل ذلك”.. موقف بنجلون من هجوم “حماس” يثير جدلا



مازالت “المشكلة” التي ألقاها الكاتب المغربي الفرنسي الطاهر بنجلون في “الحقل الثقافي المغربي” تواصل إثارة زوبعة من النقاش داخل أوساط المثقفين، الذين استنكروا بـ”شبه إجماع” تصريحات تتقمص “الدور الغربي في إطار التموقع في السياق الخاص بالقضية الفلسطينية والحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل”.

وقال بنجلون في مقال له منشور بموقع “لوبوان” الفرنسي: “أنا، المغربي العربي والمسلم بالولادة والثقافة والتربية التقليدية، لا أستطيع أن أجد الكلمات لأقول كم أشعر بالرعب مما فعله مقاتلو حماس باليهود (…) عندما تهاجمُ الوحشيّة النساء والأطفال، تصبح همجية لا عذر أو مبرر لها إطلاقا (…) القضية الفلسطينية تم اغتيالها في 7 أكتوبر 2023 على يد عناصر متعصبة، عالقة في أيديولوجية إسلامية من أسوأ الأنواع”.

وتابع في مقاله الموسوم “الـ7 من أكتوبر، موت القضية الفلسطينية.. اغتيالها”، بأن “الحيوانات لم تكن لتفعل ما فعلته حماس. ولا يصلح وصف وزير في حكومة نتنياهو، وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، سكان غزة بالحيوانات… لا، بل هناك أناس بلا ضمير، بلا أخلاق، بدون إنسانية ارتكبوا المذابح، ثم هناك سكان يعانون، ليسوا بالضرورة مسلحين ولا همجيين”.

ويبدو أن التصريحات التي عبر عنها بنجلون في إطار “حريته الكاملة في التعبير وحقه في أن يصرّف موقفا مختلفا”، شكلت “ابتزازا معرفيا” بالنسبة للعديد من الأقلام البحثية في الساحة المغربية، التي اعتبرت ذلك “انحيازا ثقافيا وإنسانيا من طرف مثقّف مغربي من عيار الطاهر بنجلون، خصوصا على هامش فورة المشاعر والمآسي القادمة من منطقة الشرق الأوسط”.

لزرق: “موقف بلا ذوق إبداعي”

الكاتب المغربي عزيز لزرق أفاد بأنه “تلقى بتأسّف كبير ما حرّره الطاهر بنجلون في مقاله”، قائلا إن “المكانة الرمزية لهذا الرجل كمثقف مغربي وإفريقي وعربي وعالمي، لا تجعلنا نتصور أن تصدر عنه أقوال متسرعة وانفعالية ليست من لغته ولا من طبيعة، وتخلو من أي حس إنساني أو ذوق إبداعي”، وزاد: “ما يُنتظر من المثقف هو أن يطرح أسئلة ضخمة وعميقة متعلقة بالقانون الدولي وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها”.

وشدد لزرق، في حديث لهسبريس، على أن “التصريح المتسرع بموت القضية الفلسطينية، هو نسيان أنه موتُ موتِها لكونها كانت شبه منسية”، معتبرا أن “المفترض في المثقف بكل معانيه أن يحمل صوت الحكمة والهدوء في التصريح والتعبير والاستقبال، وهذا ما كان منتفيا في ما كتبه بنجلون، رغم أن الأمور يمكن أن يقرأها أي شخص بالطريقة التي يريد”.

وبما أن “الأمر يتعلق باحتلال”، فإن صاحب كتاب “الحب والضيافة: مرايا فلسفية”، اعتبر أنه “رغم عدم اتفاق كثيرين منا مع الخط الأيديولوجي لحركة حماس، فهذا لا ينسينا أنه سياق استعمار قديم ودموي لم يكفّ قطّ عن التقتيل وإلحاق الكثير من الأذى بالشعب الفلسطيني. ولهذا، قراءة رد فعل المقاومة كان يفترض أن تكون في سياقه، وكان حريّا بمثقّف كبير أن يكون محترسا في ما يصدر عنه”، وفق تعبيره.

حمادة: “موقف ينافي المغاربة”

منتصر حمادة، كاتب مغربي، قال إن “الموقف الذي أعلن عنه بنجلون لا علاقة له بالموقف المغربي، سواء في شقه الرسمي أو نظيره الشعبي”، مبرزا أن “كثرة الرفض والانتقادات التي تعرض لها في مواقع التواصل الاجتماعي مؤشر دال، مع أنه في الساحة الفرنسية حيث توجد العديد من الرموز في السياسة والفكر والأدب تدافع عن عدالة القضية الفلسطينية، وهذه مفارقة حافلة بالدلالات”.

وضمن تفسيرات يراها قمينة بفك أزرار فقرات الروائي المغربي الفرنكفوني، أورد حمادة: “الطاهر بنجلون كاتب مغربي فرنكفوني، وبالتالي في سياق التفاعل مع تطورات القضية الفلسطينية، كان أمام خيارين اثنين على الأقل، بصرف النظر عن عدالة القضية التي نجد رموزا فكرية وفنية ورياضية وإبداعية من العالم بأسره تؤيد الحق الفلسطيني، دفاعا عن القضية أساسا”.

الخيار الأول الذي كان أمام بنجلون، يوضح المتحدث لهسبريس، يتعلق بـ”التقاطع مع الموقف المغربي من القضية، في شقيه الرسمي والشعبي، وهو موقف موحد وعليه الإجماع”. أما الخيار الثاني فيتعلق بـ”مسايرة الموقف الفرنسي المختلف كليا عن نظيره المغربي، إلى درجة أن مسؤولين في الحكومة والبرلمان الفرنسيين تبنوا الموقف الإسرائيلي طولا وعرضا”. و”بالتالي، فرأي بنجلون كان واضحا، خاصّة أنه كاتب فرنسي عضو أكاديمية غونكور وسبق له أن فاز بجوائز فرنسية”.

بلكبير: “نحتكم لمنطق التاريخ”

الكاتب المغربي عبد الصمد بلكبير قال: “ما كتبه الطاهر بنجلون يبدو أنه انحياز إلى الطرف المعتدي الأصلي، ولذلك هو موقف خارج المنطق وخارج التاريخ، لكون التموقع في سياق القضية الفلسطينية يحتم التقاط العديد من الإشارات التاريخية الفاعلة في ما آلت إليه الأوضاع الآن”، مضيفا: “المقاومة الفلسطينية على علاتها وأخطائها، لا يمكن أن تجعلنا نقف في صفّ الجلاد”.

وسجل بلكبير، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، أنه “لم توجد حركة تحرر في التاريخ لم تقع في أخطاء، ونحن جميعا نعرف أن الشّعب الفلسطيني يدافع بشكل يومي عن حقه في الحياة، وبالتالي لا يستساغ من بنجلون أن يضع المقاومة في منزلة الاحتلال”، موضحا أن “التوصيفات المتعلقة بـ[الإرهاب] و[الهمجية] هي أوصاف تلقي بها كل جهة من أطراف النزاع في لغة الأخرى، ولكن المنطق له قول أيضا”.

وأكد الكاتب المغربي أن “بنجلون عبر عن مواقف كثيرة مقبولة في حق المغرب في فرنسا بعد الزلزال”، لكن “الروائي المغربي الفرنكفوني لم يكن ربما موفقا في الانحياز للموقف المغربي الحاسم فيما يخص القضية الفلسطينية، وقد ساءل أيضا، باعتباره مثقفا، ماهية الثقافة من حيث هي معرفة يتم توظيفها من أجل الإصلاح والتغيير”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى