ندوة بموسم أصيلة تقارب الاندماج الأوروبي
يواصل موسم أصيلة الثقافي الدولي فعاليات دورته الـ44 التي تحتضنها مدينة أصيلة وتشهد حضور قامات وشخصيات رفيعة من ميادين مختلفة لمناقشة ومعالجة القضايا والإشكالات الإقليمية والدولية، وتعرف تنظيم ندوات في محاور مختلفة.
على هامش الموسم، نظمت بمكتبة الأمير بندر بن سلطان ندوة بعنوان “أوروبا بين نوازع القوة والخروج من التاريخ”، تهدف إلى معالجة هذه التحديات انطلاقا من مشروع الاندماج الأوروبي.
وكشف محمد بنعيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، أن الندوة تعنى بالتطورات التي تعرفها أوروبا في السنوات الأخيرة وانعكاساتها على دول الجنوب التي كانت في أغلبها مستعمرات لدول أوروبية، مشيرا إلى أن في السنوات الأخيرة، تعددت تحذيرات كبار القادة السياسيين والمفكرين الأوروبيين من انحدار بلدان الاتحاد الأوروبي بالخصوص إلى خطر الخروج من التاريخ، وهي الدول التي قادت عهد النهضة التي عرفها العالم منذ القرن 16 .
وقال نبيل لحمر، مستشار ملك البحرين، إن تاريخ العلاقات بين الدول العربية وأوروبا قديم ومعقد؛ لأنه شهد تحديات ومشاكل عديدة على مر العصور.
وخلال القرون الثلاثة الماضية، كانت أوروبا تهيمن على العالم ومنطقة الشرق الأوسط، خاصة المنطقة العربية، حيث كانت في صعود عبر ديناميكية الدولة المستعمرة وعبر ديناميكية نشر التنوير والثورة الصناعية والنظم الديمقراطية الليبرالية، كما كانت النموذج للنظام السياسي والاقتصادي والفكر الحر.
وأضاف لحمر، في مداخلة له ضمن الندوة ذاتها، أن التساؤلات تطرح إن كانت أوروبا قادرة على الاستمرار في مواصلة الصعود أم إنها بدأت ودخلت في مراحل السير نحو الانحدار والخروج من التاريخ، مشيرا إلى أن نوازع القوة والانحدار والخروج من التاريخ في أوروبا وغيرها، موضوع شائك ومعقد يتعلق بتحوّل الدول والشعوب والتأثيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تؤثر في هذا السياق.
وتابع مستشار ملك البحرين بأنه “في الوقت الراهن، لا يوجد أي دليل على أن أوروبا تخرج من التاريخ أو تنحدر بشكل ما، وأن الواقع هو أن أوروبا لا تزال تلعب دورا مهما في الشؤون العالمية وتحتفظ بتاريخ غني وتراث ثقافي واقتصادي قوي، ويمكن أن توجد بعض التحديات والمشكلات التي تؤثر على بعض الدول الأوروبية بشكل أكبر من غيرها، لكن هذا لا يعني أنها تدخل في مرحلة الانحدار التاريخي.”
وأشار المتحدث ذاته إلى أنه لا يمكن اعتبار أوروبا خارجة عن التاريخ أو بدأت مرحلة الانحدار، حيث لا يزال لديها تأثير كبير على الساحة العالمية، ومن خلال العمل المشترك والتكامل الأوروبي، يمكنها الاستمرار في الحفاظ على تأثيرها وتحقيق التقدم والتطور في العديد من المجالات، كما يمكنها أن تستمر في لعب دور بارز في الشؤون العالمية من خلال العمل المشترك والتحالفات والتفاعل مع التحديات الجديدة بعيدا عن العقلية الاستعمارية والهيمنة التي كانت تمارسها مع دول العالم، وبشكل خاص الدول العربية ودول القارة الإفريقية، حيث لم تعد هذه دول تقبل الهيمنة والرضوخ لأية قوة والاستكانة لأية جهة في استباحة الثروات التي تتوفر عليها.
وسلط لحمر خلال معرض حديثه الضوء على التحديات التي تواجه أوروبا، التي اعتبر أنها جاءت ضمن الدور الذي اطلعت به سياسيا واقتصاديا وعسكريا طيلة القرون الماضية من الهيمنة على مناطق كثيرة في العالم ومسؤولياتها في هذا الجانب، ومن بين هذه التحديات الأزمات المالية التي تعرضت لها بعض دولها خلال العقد الماضي، والتي تسببت في صعوبات اقتصادية واضطرابات سياسية في بعض الحالات.
من جهته، قال نجيب الفريجي إنه لا يوجد حاليا أي دليل على أن أوروبا تخرج من التاريخ، بل إنها تواجه تحديات متنوعة ومعقدة، سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها، بسبب ظروف موضوعية وأخرى ذاتية، معتبرا أن الاتحاد الأوروبي على وجه التحديد لا يزال يضطلع بدور استراتيجي مهم وله تأثير على أصعدة حساسة مختلفة رغم أن العالم يعرف بروز قوى ناشئة تشق طريقها بثبات وتطلع في خريطة العالم الحاضر.