مرزوكة تدخل “الموسم الذهبي” وسط مطالب بتأهيل العرض السياحي للصحراء
دخلت صحراء مرزوكة ونواحيها، “رسميّا”، فترة الانتعاشة السّنوية التي يعول عليها المهنيون والفاعلون السّياحيون بالمنطقة لمضاعفة الأرباح، وضمان “موسم سياحي” مزدهر بالصّحراء التي تتأثر في الصّيف عادة بسبب ضعف الإقبال الأجنبيّ؛ فالمنطقة التي تشهد دينامية مغربية خالصة خلال شهري يوليوز وغشت، بسبب تنامي الإقبال على السياحة الاستشفائية، تستقبل مجدداً منذ أيام وفوداً عديدة من الزوار من مختلف بقاع العالم.
وحسب ما بلغ هسبريس من المكان فإن “أسراب السياح الأجانب” لا تتوقف، والحافلات تتوزع على جل الفنادق والمخيمات السياحية الموجودة بمنطقة أسامر، ما بين بالنسبة للفاعلين أن “زلزال الحوز” لم يؤثر كثيرا على تدفّق الزوار العالميين على مناطق الصحراء، خصوصا أن مراكش بدورها دخلت مرحلة “ما بعد الزلزال” سياحيّا، حيث عادت مختلف أشكال الحياة إلى سابق عهدها.
“بداية الموسم الذهبي”
علي أوباسيدي، مستثمر سياحي بمنطقة مرزوكة، أكد أن “منطقة أسامر دخلت فترة انتعاشها التي تصادف سنويا الأسابيع الأولى من أكتوبر”، مردفا: “رغم ما فرضه الزلزال من إلغاءات بسبب التضليل فإن مرزوكة تواصل ممارسة سحرها على القادمين من مختلف مناطق العالم الآن”، وزاد أن “العديد من الجنسيات تتواجد حاليّا بالمنطقة، بالنظر إلى انطلاق فترة العطل بالعديد من الدول، وبسبب طبيعة الجو الذي توفره الصحراء حاليا من شمس وحرارة معتدلة”.
وشدد أوباسيدي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، على أن “المنطقة تعرف تراجعا نسبيا في أعداد السياح خلال الصيف كما هو معروف، فيما تبدأ الانتعاشة تدريجيا أواخر شتنبر، تزامنا مع ما يعرف بين المهنيين بـ’لاهوت سيزون’، الفترة التي تبشر بزيارات سياحية ذات أهمية”؛ وزاد: “خلال هذه الفترة أصبحت نسبة مهمة من الفنادق والمخيمات ممتلئة عن آخرها، ما يبين أن الصحراء مازالت توفر قدرة استيعابية متلائمة مع أعداد القادمين”.
وتابع المتحدّث ذاته: “هناك دائماً جاهزية من طرف المهنيين بالمنطقة طيلة السنة، حيث يبذل أبناء أسامر جهوداً كبيرة للتّسويق لمرزوكة كوجهة سياحية؛ لأن الجهات الرسمية تسوق للمدن الكبرى، رغم أن الإغراء الذي تمنح مرزوكة للسياح الأجانب لا يقل تأثيراً. ومن ثمّ هناك ضرورة تحدثنا عنها مرارا منذ سنوات لتوفير خط جوي مباشر نحو الرشيدية؛ فالعديد من الزبائن الذين يتواصلون معنا يقولون إنهم لم يجدوا طائرة إلى أقرب نقطة لمرزوكة”.
وواصل أوباسيدي: هذه الديناميّة السنوية، التي بدأت ونتحدث عنها، تحتاج لكي يواكبها عرض في التسويق السياحي إلى تثمين الغنى الذي تزخر به المنطقة، والخدمات السياحية الفريدة التي تقدمها، والفنادق ذات المعايير العالمية التي توفرها؛ وذلك لأن التركيز على تسويق الدار البيضاء ومراكش وفاس وأكادير، إلخ، لا يخلق توازنا في العرض السياحي المغربي، فمن الواضح أن مرزوكة تلعب دوراً أساسيا في خضم الإستراتيجية الوطنية للسياحة”.
“انتعاشة مستحقّة”
الحسن بوشدور، فاعل سياحي ومستثمر بالمنطقة، اعتبر أن “هذه الانتعاشة التي تشهدها الرمال والمخيمات المنصوبة فوقها والمآوي المشيّدة جانبها ناجمة عن استحقاق لا يمكن التفاوض بشأنه”؛ فهي، حسبه، “تقدم خدمات لم يخف العديد من الزوار والزبائن أنها ذات ملامح عالمية، لكون الخدمات السياحية هنا منذ البداية وُضعت للسائح الأجنبي، وهو ما ساعد أبناء المنطقة على مراكمة خبرة لا يستهان بها، طيلة العقود الفارطة”.
وشدد بوشدور، وهو يتحدث إلى هسبريس، على أن “الخدمات صارت تقدم للمغاربة بالمعايير نفسها، وهو ما يفسر انتعاشة السياحة الداخلية كذلك، فكل نهاية أسبوع هناك حافلات كثيرة ممتلئة بالزوار المغاربة تلج المنطقة تباعاً”، وزاد: “القدرة على الحفاظ على التقاليد والأعراف المحلية، والتواصل بها مع الزائر الأجنبي وغيره، دائما ما كانت محفزا على استمرارية المنطقة كخيار سنوي لدى السياح الذين زاروها مسبقا أو الذين اقترحوها كوجهة على معارفهم”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “هناك عرضا سياحيا متنوعا، يشمل الرياضات الميكانيكية في الرمال، وركوب الجمال، وغيرها من الأنماط التي تشكل غواية بالنسبة للسياح في المنطقة، الذين يأتون لزيارتها بدون تردد، سنويا بداية من أكتوبر”، منبها إلى أن “هذه الخدمات مازالت في حاجة إلى تأهيل تنموي للمنطقة وتهيئة المزيد من الطرق بها، لكي تكون مرزوكة في سياقها الأصلي: العالمية”.