حرب غزة: ماذا يخبرنا مقطع فيديو لغارة استهدفت قافلة من النازحين الفلسطينيين؟
- Author, بول براون وجميما هيرد
- Role, بي بي سي
تحذير: يتضمن هذا المقال تفاصيل قد يجدها البعض مؤلمة.
تحدثت تقارير مساء يوم الجمعة عن شن غارة استهدفت قافلة مركبات كانت متجهة نحو جنوبي غزة، تقل مدنيين فروا من شمالي غزة بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أمرا بإخلاء المنطقة.
وأظهرت مقاطع فيديو بعد فترة وجيزة أشلاء القتلى في مكان الحادث.
وأكد “فريق التدقيق في بي بي سي” أن الهجوم وقع في شارع صلاح الدين، الذي يعد أحد الطريقين لنزوح الأهالي من شمالي غزة إلى الجنوب.
ماذا تظهر اللقطات؟
استطاع فريق بي بي سي التحقق من أطول فيديو مصور لا يمكننا نشره، نظرا لما يحتويه من مشاهد كاملة للمذبحة، شوهد فيه رجال يركضون نحو شاحنة وهم يرددون أدعية ويصرخون في الهواء يحيط بهم بالدخان، وسط دوي صافرات الإنذار وأجهزة إنذار السيارات.
ومع اقتراب الكاميرا من الشاحنة، اتضح حجم الدمار، كانت الجثث ملقاة ومشوهة في كل مكان.
وفي وقت لاحق، شوهدت جثة طفل صغير، كان يرتدي سروالا قصيرا وقميصا، ملقى على الشاحنة، ورأسه ملتوي بشكل غريب تجاه الكاميرا.
أحصينا ما لا يقل عن 12 جثة بين الحطام، أغلبهم من النساء والأطفال، ويبدو أن عمر بعض هؤلاء الأطفال لم يناهز عامين إلى خمسة أعوام.
كما أظهرت لقطات أخرى جثث ضحايا ملقاة في الشارع، وشوهدت سيارات تحترق، يبدوا أن سائقي تلك السيارات وركابها كانوا بداخلها.
التحقق من الحادث في أعقاب حدوثه
أظهرت الآن عدد من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي الآثار المباشرة التي أسفرت عنها تلك الغارة.
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن الهجوم وقع على طريق صلاح الدين، وهو طريق سريع رئيسي يمتد من الشمال إلى الجنوب عبر قطاع غزة، وواحد من طريقين فقط لنزوح المدنيين الذين يعيشون في الشمال.
كان الطريق مزدحما بحركة مرورية طوال يوم الجمعة، بعد أن التزم سكان غزة في الشمال بالتحذيرات الإسرائيلية من أجل إخلاء المنطقة.
بدأنا التحقق من الفيديو الأول الذي أظهر الآثار المدمرة للهجوم، وركزنا انتباهنا على هذا الطريق الذي يبلغ طوله 45 كيلومترا، بدءا من الشمال، الذي من المحتمل أن تكون القافلة قد انطلقت منه.
وعلاوة على مشاهد الموت والدمار، أظهر الفيديو أيضا عددا من التفاصيل الرئيسية، المباني وعلامات الطرق واللافتات، التي أوضحت أدلة ساعدت في تحديد الموقع.
وباستخدام صور الأقمار الصناعية المتاحة مجانا، بحثنا على طول هذا الطريق، عن المناطق التي تطابق التفاصيل التي شاهدناها، واستطعنا تحديد الموقع على بعد بضعة كيلومترات من الضواحي الجنوبية لمدينة غزة.
كما أجرينا بحثا إضافيا في اللقطات للتأكد من أن المادة المنشورة لقطات حديثة، وليست إعادة نشر لحادث قديم كما يحدث غالبا على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأخيرا، استخدمنا أدوات على الإنترنت تحدد زاوية ضوء الشمس وطول الظلال للتأكد من أن اللقطات جرى تصويرها في الساعة 17:30 بالتوقيت المحلي (14:30 بتوقيت غرينتش) في 13 أكتوبر/تشرين الأول.
وبعد تحديد تلك التفاصيل الرئيسية، استطعنا تحديد السمات المشتركة في اللقطات الأخرى التي تظهر الحادث.
وشمل ذلك مقطع فيديو جرى تصويره من مسافة 100 متر تقريبا يُظهر المركبات المحترقة، ولكن ليس الشاحنة التي يبدو أنها تحملت العبء الأكبر من الضربة.
قبل الهجوم
كما تداول مستخدمون مقطع فيديو آخر على منصة “إكس”، تويتر سابقا، في وقت مبكر من صباح يوم السبت.
وأظهر الفيديو قافلة تفر من شمالي غزة، وجرى تصويرها بالقرب من الموقع الذي شهد آثار الغارة.
ونقدّر أن ما يزيد على 30 شخصا كانوا على متن السيارة في الفيديو، ولا نعرف على وجه اليقين إذا كانت هذه الشاحنة هي نفس الشاحنة التي أصيبت في اللقطات التي شاهدناها بعد الغارة أم لا.
كما يوضح عرض وتقسيم الطريق أنه لابد أن يكون طريقا رئيسيا، نظرا لأن الشاحنة العريضة الظاهرة في الفيديو لا يناسبها السير في شارع سكني.
وساعدنا استخدام صور الأقمار الصناعية في التحقق من الموقع الدقيق للمركبة باستخدام موقع المباني والأشجار القريبة، وتحليل ظلال المباني السكنية.
ونعلم أيضا أن الهجوم وقع جنوبي هذا الموقع، وجرى تصوير هذا الفيديو شمال شرق موقع الهجوم، وهو المكان الذي كانت القافلة موجودة فيه على الأرجح في الساعات التي سبقت الهجوم.
محصلة النتائج
قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 70 شخصا قُتلوا في مكان الحادث، وأنحت بالمسؤولية على إسرائيل.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يجري تحقيقا، بيد أنه يضيف أن أعداءه يحاولون منع المدنيين من مغادرة الشمال.
ويواصل “فريق التدقيق في بي بي سي” متابعة الوضع والإبلاغ عن أي تحديثات.