أخبار العالم

هكذا وحّد غوتيريش رؤية المنتظم الدولي نحو مقاربة واقعية لملف الصحراء المغربية



في مثل هذا اليوم، الـ13 من أكتوبر سنة 2017، عيّن أنطونيو غوتيريش أمينا عاما للأمم المتحدة، في سياق عالمي مليء بالتحديات والصراعات، لا يزال معظمها قائما إلى حدود الساعة، كما هو الحال بالنسبة لملف الصحراء المغربية.

في إطار معالجته للنزاع الصحراء المفتعل، عاصر غوتيريش مبعوثين شخصيين له إلى الأقاليم الجنوبية المغربية؛ أولهما الألماني هورست كولر الذي كان “آخر” من شهد على حضور الجزائر كطرف أساسي للصراع إلى الموائد المستديرة ( 2018/2019) قبل أن يستقيل بعدها لدواعٍ صحية، ثم بعدها المبعوث الحالي دي ميستورا الذي “لا تزال أوراقه غير واضحة”.

وبعد حصوله على ولاية ثانية سنة 2021، أصبحت تقارير غوتيريش حول الصحراء المغربية “أكثر واقعية”، إذ أصبح ذكر “تهرب الجزائر” باعتبارها طرفا أساسا في النزاع واردا، وهو الحال أيضا لعرقلة البوليساريو للعمل الأممي.

المسار الدبلوماسي الذي نهجه غوتيريش حيال الصراع كان دائما يتسم بنوع من “الوعي” تجاه الاختلاف الحاصل في نية أطراف النزاع؛ كما أشاد بالتزام المغرب بعدها في نقاط تقاريره بـ”وقف إطلاق النار رغم الابتزازات الانفصالية المتكررة”.

المقاربة الدبلوماسية غير ناجعة

هشام معتضد، خبير استراتيجي وسياسي، قال إن “أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، اختار المقاربة الأكثر دبلوماسية في تدبيره لملف الصحراء بعيدا عن التأثير السياسي على الملف، بمنهجية ذات توجه براغماتي وواقعي من أجل التقدم في مسلسل تسوية هذا النزاع الإقليمي”.

وأضاف معتضد لهسبريس: “للأسف الشديد، قيادة البوليساريو استغلت مرونة الأمين العام للأمم المتحدة في إيجاد حل سياسي وواقعي للملف بالتهرب التكتيكي، من خلال عدم انخراطها الجدي في الملف بتفعيل أسلوب مراوغاتها السياسوية اتجاه توجهات الأمم المتحدة”.

واعتبر الخبير الاستراتيجي والسياسي أن “التأسفات المتتالية للأمين العام للأمم المتحدة حيال الملف تترجم اقتناعه بعدم نجاعة المقاربة الدبلوماسية التي اختارتها الأمم المتحدة تحت قيادته، خاصة بعد وقوفه على تهرب قيادة البوليساريو في تحمل مسؤوليتها كاملة في إيجاد حل نهائي لهذا النزاع وعدم رغبة السلطات الجزائرية في اعترافهم كطرف مباشر في الملف بحكم علاقتها بتاريخ نشأة النزاع وروابطها بقيادة الجبهة، بالإضافة إلى تفاعلاتها الدائمة مع تطورات هذا النزاع الإقليمي”.

في السياق عينه، أبرز المتحدث ذاته أنه “على الرغم من نجاح أنطونيو غوتيريش في خلق سياق دبلوماسي مناسب للمداولات حول الملف وحرصه على تقوية القنوات التواصلية للأمم المتحدة مع جميع المعنيين بهذا النزاع، فإنه فشل في دفع كافة الأطراف إلى الرجوع إلى استئناف المفاوضات المباشرة، والرجوع إلى مقاربة طاولة الحوار من أجل الدفع بمسلسل التسوية السياسي إلى إيجاد حل دائم للنزاع”.

تحسيس العالم بحقيقة النزاع

حسب معتضد، فإن “غوتيريش استطاع تحسيس المنتظم الدولي بحيثيات هذا الملف بطريقة فعالة أكثر من أي أمين عام سابق، حيث ساعدت مقاربته الدبلوماسية الديناميكية الذي عرفها هذا النزاع على دفع العديد من الفاعلين الدوليين إلى إزالة الغبار عن الكثير من المغالطات التي كانت تشوب الملف والتي كان ينشرها داعمو الأطروحة الوهمية بغية التشويش على تحقيق تقدم سياسي”.

وقال المتحدث سالف الذكر: “طيلة ولايتيه الاثنتين، تمكن أنطونيو غوتيريش من تحقيق أهداف دبلوماسية على مستوى المقاربة التي اختارها في إدارته للملف؛ لكنه لم يتمكن من الوصول إلى تحقيق المبتغى الأممي وانتظارات المنتظم الدولي في هذا الملف؛ وهو ما يدفع العديد من الفاعلين الدوليين إلى التساؤل حول نجاعة المقاربة الأممية في الضغط على كل من البوليساريو والجزائر في تحمل مسؤوليتهم اتجاه الملف”.

ولايتان إيجابيتان للملف

من جانبه، قال عبد الفتاح الفاتحي، خبير في قضية الصحراء، إن “ولايتي غوتيريش جد إيجابيتين بالنسبة لملف الوحدة الصحراء المغربية؛ لأنه استطاع تصحيح منزلقات بان كي مون خلال ولايته الأخيرة. واليوم، يحاول، عن طريق مبعوثه الشخصي ستيفان دي ميتسورا، إزالة معالم “اللا حياد” الذي وجدت في ممارسات المبعوث الشخصي السابق كريستوفر روس”.

وأضاف الفاتحي لهسبريس أن “غوتيريش وضع سكة البحث عن تسوية سياسية على أساس واقعي حتى أصبح خيارا لا محيد عنه، كما عمل على تكريس إقبار أطروحة الاستفتاء”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “غوتيريش لم يتمكن في إيجاد تسوية سياسية لنزاع الصحراء؛ إلا أنه وحد رؤية العالم نحو مقاربة واقعية لنزاع الصحراء تتجاوز المفاهيم الفضفاضة، في أفق تدبير نزاع جد معقد بسبب التدخلات المتعسفة للجزائر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى