حرب غزة: “حتى الشموع غير متوفرة”
- Author, عدنان البرش وإيثار شلبي
- Role, بي بي سي
بينما انقطعت الكهرباء عن غزة، قالت فاطمة علي، التي تبلغ من العمر 36 عاما وتعيش مع أسرتها في جباليا شمالي القطاع، إن أول ليلة دون كهرباء لا تطاق.
وبينما تتزايد كثافة القصف الإسرائيلي، الذي يدمر كل شيء حولها، تقول وهي ترتجف من الخوف “غزة تغط في ظلام دامس”.
وتضيف “ليس لدينا حتى الشموع، لنضيء لأنفسنا الطريق، المحال أغلقت، ولا نمتلك سوى مصباح صغير، لا يستمر إلا بضع ساعات”.
وتصف فاطمة الموقف بأنه “غير إنساني” لأن انقطاع الكهرباء، يؤثر على إمدادات المياه، مضيفة أن “انقطاع الكهرباء يعني انقطاع الماء أيضا”.
وبعد انقطاع الكهرباء عن القطاع بيومين فرضت إسرائيل حصارا شاملا في التاسع من الشهر الجاري.
وتعتمد فاطمة ووالداها على برميلين صغيرين من الماء، كانت قد ملأتهما قبل انقطاع الكهرباء، وتقول “انقطاع الكهرباء يؤدي إلى نقص إمدادات الغذاء أيضا”.
وتضيف “الغذاء في الثلاجة يفسد بشكل سريع لذا نتخلص منه” مشيرة إلى أن العائلة تعاني بشدة من أجل الحصول على مياه للوضوء.
“نعتمد على الزعتر والزيتون”
وللتواؤم مع الظروف تعتمد فاطمة وغالبية جيرانها على الزعتر والزيتون كمصدر للغذاء، لا يفسد بسهولة.
وتقول “ليس لدينا غذاء يذكر باستثناء مخزون بسيط من قبل الحرب، نعتمد بشكل أساسي على الزعتر والزيتون”، وتضيف الأطفال هم من يتأثرون بشكل أكبر.
“أبناء إخوتي وأخواتي، في الطوابق الأخرى، هم من يدفعون الثمن الأغلى”، تقول فاطمة ذلك بينما تدمع عيناها وهي تنظر إلينا مضيفة أن الأطفال ليس لديهم مكان يلعبون فيه، ويستمتعون بطفولتهم.
عندما وصلت مخيم جباليا المكتظ شمالي قطاع غزة، كان الناس يفرون من الدمار، ومنازلهم المدمرة، والمحظوظ منهم من تمكن من أخذ بطانية معه، أو بعض الملابس الثقيلة.
وبالنسبة لي، فالحياة تبدو مستحيلة في المخيم بعد قصفه بشكل متكرر من جانب إسرائيل.
ويقول أحدهم “ليس لدينا كهرباء، ولا ماء، ولا حتى هواء نتنفسه، ما هذه الحياة”.
ويقول آخر “ليس هذا محتملا، ليست هذه حربا طبيعية، إنها حرب إبادة”.
نفس الأمر يتفق عليه كثيرون هنا في المخيم، فأبو صقر، الرجل السبعيني، قد خسر كل أولاده، الثلاثة.
وقال باكيا “لقد خسرت أولادي الثلاثة، وكل أسرتي، وبينما كنت أدفنهم، عدت لأجد منزلي قد دمر في القصف بشكل كامل، فأين أذهب”؟.
واستقبل المخيم المزيد من الناس بعدما فروا من منازلهم في مناطق أخرى من القطاع مع بداية الحرب.
وقالت ليلى وهو ليس اسمها الحقيقي، إنها جاءت من بيت حانون، لتجد أن الوضع في جباليا أسوأ.
وتضيف “لقد فقدت زوجي، ونجلي، وأصيب بقية أطفالي بشدة، بينما القصف يتواصل كل يوم”.
وفي ظل نقص الغذاء والمياه، يؤكد الجميع أنهم ينتظرون المعونات، بينما يقترب المخزون من النفاد، في الوقت نفسه يخطط آخرون لاستخدام موارد بديلة للكهرباء، مثل الشموع.
لقد أصبح نقص الوقود أزمة إضافية في القطاع، ما يعني توقف أي مولدات طاقة عن العمل.
كما أنه لم يعد هنا أي مأوى بالنسبة للمزيد من القادمين إلى مخيم جباليا طلبا للأمان.
ويمكن رؤية سحب الدخان الأسود فوق المخيم، ويؤكد الكثيرون أن يومهم يبدأ برائحة البارود، التي تسد الأنوف، وتدفعهم للسعال.
أيضا لا يمكن تشغيل خدمات إزالة الفضلات في ظل انقطاع الكهرباء، ما أدى لتضخم أكوام القمامة.
وداخل ما كان يوما ما مدرسة تابعة لصندوق الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، في المخيم، نجد مئات اللاجئين يعيشون بشكل دائم.
ويقول شخص في الثلاثين من عمره، انتهى توا من صنع كوخ لأسرته، “لقد جمعت بعض القماش والبلاستيك، والأخشاب لأعد هذا الكوخ، فليس لنا مكان نذهب إليه”.
وفي الجهة المقابلة، شاهدت رجلا يحمل طفلا من سيارة إسعاف، وبينما يعطيه للمسعف، يقول إنه شاهد الكثير من الأطفال يختنقون، وكذلك النساء، بسبب الدخان الناتج عن القصف.
وتشير خدمات الصحة في غزة إلى أن انقطاع الكهرباء يؤثر بشدة على عملها، وقدرتها على إنقاذ الأرواح.
وتقول إن حياة أكثر 1100 مريض بينهم 38 طفلا، يحتاجون غسيل الكلى عرضة للخطر، في حال استمرار انقطاع الكهرباء، كما أن هناك أكثر من 100 وليد، في الحضانات وحياتهم مهددة أيضا.