غزة: هربنا من الغارات في الثانية صباحا وسط صراخ الأطفال
- Author, رشدي أبو العوف
- Role, بي بي سي – غزة
نفد الوقود في محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة. وأخذت المواد الطبية والغذائية في التناقص، بعد ليلة أخرى هرع فيها الناس إلى الشوارع هربا من الغارات المتواصلة.
في الثانية صباحا من يوم الأربعاء ضرب أحد الجيران على باب بيتي وطلب مني أن أغادر حالا لأني شقتي مستهدفة.
وتواصلت غارات الطيران الإسرائيلي لليوم السادس.
وأصبح سكان غزة البالغ عددهم 2.3 ملايين في حالة من اليأس، إذ لا حيلة لهم في مغادرة الإقليم الضيق الذين يعيشون فيه.
وتقول السلطات إن محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع توقفت عن العمل نهائيا يوم الأربعاء في الثانية ظهرا.
وقطعت إسرائيل الاثنين الإمدادات الأساسية من بينها الوقود عن قطاع غزة المحاصر برا وبحر وجوا، عقب هجمات مسلحي حركة حماس.
وبسبب غياب شبكة كهرباء، فإن غزة تعتمد في توفير حاجاتها من الطاقة على المولدات، ولكن ليس بمقدروها استيراد الوقود أو المولدات، لأنها تحت حصار إسرائيلي منذ عقدين تقريبا.
ولا أمل الآن في مغادرة غزة، بعدما أغلقت إسرائيل جميع المعابر، وأرغمت الحكومة المصرية على إغلاق معبرها الوحيد مع غزة وسط الغارات الإسرائيلية.
حاولت إخراج عائلتي، لأنه لا أحد يعرف ما الذي سيحدث هنا مستقبلا، ولكن الأمر مستحيل.
في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء، أيقظت أبنائي الثلاثة، أخذنا عدة الطوارئ واتجهنا صوب المستشفى.
ولكن عندما وصلنا إلى هناك، كان المئات يسدون المدخل، فهم أيضا كانوا يبحثون عن ملجأ يقضون فيه الليلة.
وكان الأطفال يصرخون وهم يجرون في الشارع وقد غلبهم النعاس والصواريخ تحلق فوق رؤوسهم.
وفي صباح الأربعاء، قالت حماس إن 30 شخصا قتلوا في الغارات الليلية. وبلغ عدد قتلى غزة في الغارات الإسرائيلية أكثر من 1000 شخص.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه أصاب 450 هدفا في غزة في 24 ساعة الأخيرة.
وبدأت الغارات بعدما عبر مقاتلو حماس الحدود مع إسرائيل وشنوا سلسلة من الهجمات على مواقع ومستوطنات هناك فقتلوا 1200 إسرائيليا على الأقل. ويعتقد أن المقاتلين أسروا 150 شخصا في الهجمات.
وأعلنت إسرائيل الاثنين حصارا “تاما” على غزة، قررت بموجبه قطع الكهرباء والغذاء والماء والوقود عن القطاع. وبدأت تبعات هذا القرار تظهر الآن.
والتقيت الثلاثاء امرأة في مركز تجاري تفتش في رفوفه عن الحليب لرضيعها. لم تبق لها إلا نصف زجاجة، ولكن المتجر كان خاليا.
ويعتمد 80 في المئة من سكان غزة على الإعانات الإنسانية، حتى قبل بدء الحرب الأخيرة. وقالت وكالة اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة إن مليون شخص على الأقل لم يتناولوا وجباتهم الغذائية منذ يوم السبت.
وطالبت منظمة الصحة العالمية بفتح ممر إنساني إلى القطاع. ولكن المدنيين هنا لا أمل لديهم بأن ذلك سيحدث.
وقال الطبيب البريطاني الفلسطيني، غسان أبو ستة، في تصريح لبي بي سي إن المنظومة الصحية ستنهار خلال أسبوع، ما لم يسمح بدخول الإعانات.
“جمع الأسرة مشغولة، والمرضى الذي بحاجة إلى جراحة لا يمكنهم إجراء العمليات لأنهم غرف الجراحة تعمل حاليا بكامل طاقتها”.
وأضاف أن هذا الهجوم الأكثر فتكا منذ أن بدأ يعمل في غزة منذ 40 عاما.
وقال أيضا: “لأن الناس يصابون في بيوتهم، فنسبة 30 إلى 40 في المئة منهم أطفال. وعائلات بكاملها تأتي إلى المستشفى وقد أصيبوا جميعهم. أثناء الحرب تسعى إلى تسريح المرضى باسرع وقت لتوفير الأسرة، ولكن هذه العائلات تركت بيوتا مهدمة، فلا يمكنك إرسالها إلى الشارع”.
وقال قادة حماس إنه لا تفاوض على مبادلة الأسرى بالغذاء والدواء، ولا تفاوض مع إسرائيل بينما القطاع يتعرض للغارات.
وتقول منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إن الحصار ينتهك القانون الدولي. ونددت وكالات الأمم المتحدة أيضا بعمليات القتل التي نفذتها حماس، وطالبتها بتحرير “الرهائن” الذين تحتجزهم.
وتقول إسرائيل إنها لا تستهدف المدنيين في غزة. ولكن الناس هنا يشعرون بإن قطع الكهرباء والماء والغذاء والوقود عن 2.3 ملايين شخص عقاب جماعي.
ويعرف أهل غزة الحروب، ولكنهم يجدون هذا مختلفة عن سابقاتها.