إصلاح منظومة الصفقات العمومية يرتهن بتحقيق “الشفافية والمنافسة والفعالية”
الإثنين 9 أكتوبر 2023 – 02:00
عملت الدولة المغربية على تعزيز الترسانة القانونية لجعل الولوج إلى مجال الصفقات العمومية يتسم بالشفافية والمساواة في التعامل بين المتنافسين، والتخليق والتحديث وحسن الحكامة، وهو ما يمكن أن تجد له سندا في أهم مقتضيات دستور المملكة لسنة 2011، الذي أرسى مبدأ الحكامة الجيدة، المقترنة بخضوع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، علاوة على ممارسة الوظائف العامة وفق مبادئ احترام القانون، والحياد والنزاهة والمصلحة العامة. فهل يمكن للإدارة أن تكون ضحية لترسانتها القانونية؟.
ربيع بورحيم، الباحث في القانون العام بكلية الحقوق، أوضح أن “التحدي الرئيسي الذي يواجه هذه المنظومة القانونية الجديدة يتجلى في القدرة على التوفيق بين مبادئ الشفافية والمنافسة والفعالية في الطلبيات العمومية (La transparence , la concurrence et l’efficacité)، والتحديد الدقيق للاحتياجات، وإزالة الطابع المادي عن المساطر، والتعاقد الإلكتروني، وتفعيل الرقابة الداخلية والخارجية، والجودة والاستغلال الأمثل للموارد، والتقديم الدوري للحسابات”.
ووصف الباحث ذاته، في حديث مع هسبريس، إصلاح منظومة الصفقات العمومية بكونه “سيرورة لا تنتهي، وتتطور دائما في أفق تحسين وتجويد هذه المنظومة، لتلبية احتياجات المرفق العام، والمرتفق والمقاولة المتعاقدة بشكل أفضل”، موردا أنه “على المستوى التنظيمي يجب على الدولة تطوير آليات الرقابة الداخلية، واستخدام مؤشرات الأداء وأدوات علمية لتحديد الاحتياجات، وجمع الترسانة القانونية في إطار قانوني واحد، ونشرها لتسهيل الحصول على المعلومة القانونية من الجميع”.
وتابع بورحيم: “بالإضافة إلى التحديد الدقيق لاحتياجات الإدارة، من حيث النوعية والكمية، يتطلب الأمر إجراء دراسات لمتابعة تطور الأسعار في السوق على مدى عدة سنوات، مع تحليل أسباب هذا التطور، وتدريب أو تعيين موظفين مؤهلين في مجال الصفقات العمومية، والسماح لهم بمتابعة التدريب المستمر من أجل مواكبة التطورات في هذا المجال، وإدخال إجراءات جديدة أقل رسمية، إذ يتم منح حرية كبيرة لصاحب المشروع في اختيار أنسب الوسائل من حيث الإعلان والمنافسة لإجراء عمليات الشراء”.
ومما يمكن أن يساهم في مواجهة التحدي المشار إليه “تشجيع تقنيات الشراء الجديدة، مثل مجموعات الشراء، من أجل تمكين الدولة والمؤسسات العامة والجماعات الترابية من تنسيق مشترياتها، والتفاوض بشكل أفضل على الأسعار”، وفق المتحدث ذاته، مردفا: “كما ينبغي النظر في النشر المنتظم لأحكام المحاكم المالية والإدارية في نزاعات الصفقات العمومية، وتفعيل أدوار مصالح الشؤون القانونية، والتدقيق في دراسة وتحليل واستثمار تقارير المجلس الأعلى للحسابات ومناقشتها مع المسؤولين الماليين في الإدارة”.
ويقترح الباحث ذاته “وضع الدلائل المرجعية لتدبير المالية العمومية رهن إشارة الآمرين بالصرف المساعدين، وتمكينهم من التأمين أسوة بالمحاسبين العموميين، وتجنب الاعتمادات المفوضة في نهاية السنة المالية لكونها غالبا ما تكون دون تخطيط وحاجيات حقيقية مسبقة”، مشيرا إلى أن “عملية نزع الطابع المادي عن منظومة الصفقات العمومية هي فرصة عظيمة لإثراء وظيفة الشراء العمومي، وتطويره، وبالتالي الاستجابة لضرورة تحديث الإدارة، والحكامة الجيدة ومكافحة الفساد”.