هل يؤثر تأخر فتح قنصلية أمريكا بالداخلة على التطبيع بين السعودية وإسرائيل؟
تخرج واشنطن بكل “ثقلها الدبلوماسي” من أجل إقناع المملكة السعودية بالتطبيع مع إسرائيل، لما سيشكل ذلك من خطوة “تاريخية” بالمنطقة، وأيضا “مرحلة جديدة” في العلاقات بين تل أبيب والدول العربية، غير أن ذلك يواجه العديد من “المعيقات”، لعل أهمها “غياب الالتزام الأمريكي” ببعض بنود الاتفاقات الموقعة مع دول أخرى.
بعض هاته البنود تلك التي وقعتها المملكة المغربية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وتلزم الأخيرة بفتح قنصلية بمدينة الداخلة، وهي من الخطوات التي مازالت بعيدة إلى حدود الساعة، بعد مرور 3 سنوات، والمرشحة للدخول إلى السنة الرابعة، وهي الأخيرة في عهد إدارة بايدن قبل الانتخابات القادمة.
وتضع الإدارة الأمريكية الحالية وعودا أمام السعودية في حالة توقيع الاتفاق المحتمل مع تل أبيب، مثل “ضمانات أمنية، ومساعدة في إنشاء مشروع نووي مدني”؛ وهي من الضمانات التي من الممكن أن تعرقل في حالة ظهور إدارة جديدة بعد العام القادم، لكن مراقبين يرون أن “عرقلتها بشكل كامل غير ممكن، خاصة أن بايدن لزم الصمت تجاه الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء”، فيما أكد المتحدث باسم خارجيته أن “قرار إدارة ترامب لسنة 2020 لم يتغير”.
لا يمكن أيضا إخفاء “الحذر البالغ” الذي تمارسه الإدارة الأمريكية الحالية تجاه مسألة الاعتراف بمغربية الصحراء، رغم الخطوات التي أقدمت عليها، لكنها تبقى “غير كافية” في ظل غياب تواجد أمريكي بالداخلة، ما يطرح تساؤلات حول “تأثير ذلك على ثقة السعودية في جدية الأمريكيين حول الاتفاق المقبل”.
الاعتراف أسمى من القنصلية
الحسين كنون، خبير في العلاقات الدولية، يرى أن “الاعتراف الأمريكي بمغربية لصحراء يوجد في السجل الفيديرالي، وهو ما لم يتراجع عنه بايدن إلى حدود الساعة، وهذا الأمر أهم وأسمى من فتح قنصلية بالداخلة”.
وبحسب المتحدث لهسبريس فإن “العلاقات بين أمريكا والمغرب مزدهرة وتتطور على جميع الأصعدة، فيما تأخر واشنطن في فتح قنصلية بالداخلة شأن تدبيري يهم أمريكا نفسها وليس المغرب”.
“يمكن للقنصلية أن تفتح في أي وقت، هذا أمر يعني أمريكا، ولا يمكن ربطه بمنطق التراجع، أو عدم الالتزام من قبلها تجاه الاتفاق الثلاثي الذي وقع مع الرباط وتل أبيب”، يقول الخبير في العلاقات الدولية.
وأشار كنون إلى أن “تأخر أمريكا في فتح قنصليتها بالداخلة لا يمكن أن يؤثر على جهود التطبيع في السعودية”، مبينا أن “فتح القنصلية ليس بشرط ضمن بنود الاتفاق الموقع، فيما يبقى الاعتراف بمغربية الصحراء هو الأهم على الإطلاق”.
وشدد المتحدث عينه على أن “واشنطن لا يهمها رأي الجزائر بخصوص اعترافها بمغربية الصحراء، أو خطوتها المقبلة في فتح قنصلية”، مشيرا إلى أن “الرباط بالنسبة لأمريكا الشريك الأول في القارة السمراء”.
التأخر يسائل الالتزام الأمريكي
من جانبه اعتبر محمد الغواطي، محلل سياسي، أن “موقف إدارة بايدن لم يتغير بخصوص الاعتراف بمغربية الصحراء، كما أنها تواصل دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي”.
وأضاف الغواطي لهسبريس أن “التأخر في فتح قنصلية بمدينة الداخلة يسائل حقا مدى التزام الجانب الأمريكي ببنود الاتفاق الثلاثي، وربط ذلك باحتمال تأثيره على منسوب الثقة لدى السعودية تجاه الاتفاق المقبل أمر منطقي”.
وأورد المتحدث عينه أنه “رغم هذا التراجع إلا أن الموقف الأمريكي من قضية الصحراء المغربية إيجابي وفي صالح المملكة المغربية، لكن ذلك يشوه بعدم الالتزام الكامل ببنود الاتفاق الثلاثي، التي يجب أن تنزل كاملة على أرض الواقع”.
وبين المحلل السياسي ذاته أن “فتح قنصلية أمريكية بالداخلة أمر وارد في المستقبل، خاصة أن المصالح بين الطرفين مشتركة، مع وجود استثمارات أمريكية مهمة، ستستفيد من البنيات التحتية المهمة كميناء الداخلة الأطلسي”.
وخلص الغواطي إلى أن “الجزائر من أسباب عرقلة التمثيل القنصلي الأمريكي بالداخلة، رغم أنها خابت آمالها منذ وقت طويل مع استمرار الموقف الأمريكي لسنة 2020”.