الكونغرس: كيف سيتأثر العالم بأزمته بعد إقالة كيفن مكارثي؟
- Author, أنتوني زورتشر
- Role, مراسل بي بي سي – شمال أمريكا
بعد يوم واحد من التصويت التاريخي الذي أطاح برئيس مجلس النواب كيفين مكارثي، وتَرك المجلس في فراغ، لا يوجد حتى الآن أي حل واضح للأزمة.
دخل مجلس النواب في عطلة حتى الأسبوع المقبل على الأقل، إذ يتنافس عدد قليل من المشرعين الجمهوريين علنا أو سرا على المنصب الأعلى.
لكن العواقب المترتبة على التمرد الذي قادته مجموعة صغيرة من المحافظين المتشددين أصبحت أكثر وضوحا ــ ومن المرجح أن نشعر بها في اقتصاد الولايات المتحدة وفي ساحات القتال في أوكرانيا.
فيما يلي نظرة أعمق على اثنتين من أكبر المشكلات المحتملة:
المساعدات الأمريكية لأوكرانيا في خطر
منذ أسابيع وإدارة بايدن تحذر من أن الأموال التي خصصها الكونغرس لمساعدة ودعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا قد نفدت تقريبا. وتوقع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان “مقياسا متدرجا من الاضطراب والتشويش” في الدعم الأمريكي اعتبارا من بداية أكتوبر/ تشرين الأول؛ بحال لم يأذن الكونغرس بتقديم عشرات المليارات من الدولارات الإضافية لتغطية بقية العام الحالي.
وتحت ضغط من الأعضاء اليمينيين في مجلس النواب – وهم نفس المحافظين الذين أطاحوا بكيفين مكارثي يوم الثلاثاء – لم تتم الموافقة على صرف أموال إضافية.
والآن، وبعد الإطاحة بمكارثي، يبدو أن احتمال تقديم مساعدات جديدة لأوكرانيا في أي وقت قريب قد تضاءل إلى حد كبير.
لن يتمكن مجلس النواب من القيام بأي شيء جوهري أساسي، حتى ينتخب رئيسا جديدا. وفي هذه المرحلة، يمكن أن يحدث هذا الأمر على أقرب تقدير منتصف الأسبوع المقبل.
علاوة على ذلك، فإن أي شخص يتولى منصب رئاسة مجلس النواب سيكون على الأقل تحت نفس الضغط – وسيواجه نفس المعضلات – تماما مثل مكارثي.
ويعارض الجمهوريون، مثل مات غايتس الذي قاد حملة الإطاحة برئيس مجلس النواب، ومارجوري تايلور جرين التي دعمت مكارثي، بشدة تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا. وأي متحدث يصوت لصالح هذه القضية، فإنه من شبه المؤكد أن يواجه انتفاضة معارضة من الجناح اليميني الجمهوري.
ويمكن لرئيس مجلس النواب الجديد أن يحاول دمج المساعدات الأوكرانية مع ميزانية الأولويات المحافظة كتمويل الحدود، الأمر الذي من شأنه أن يجعلها أكثر قبولا لدى اليمين. ومع ذلك، فإن هذا الأمر من شأنه أن يعرض الدعم الديمقراطي في المجلس للخطر، وقد رفض حشد جرين وغايتس سابقا مثل هذه الجهود.
وتسعى إدارة بايدن جاهدة لإيجاد طرق أخرى لمساعدة أوكرانيا، مثل تزويدها بالأسلحة الإيرانية المُصادرة. ويوم الأربعاء أعلن بايدن أنه سيلقي “خطابا مهما” بشأن أهمية تمويل أوكرانيا.
كما لمح إلى أن هناك خيارات أخرى مطروحة على الطاولة.
وقال بايدن “يمكننا دعم أوكرانيا في الدفعة التالية التي نحتاجها، وهناك وسيلة أخرى قد نتمكن من خلالها من إيجاد التمويل اللازم، لكنني لن أخوض في هذا الأمر الآن”.
وربما كان يُشير بايدن إلى إجراء برلماني نادرا ما يُستخدم لتجاوز القيادة الجمهورية في مجلس النواب، ما يمكنه من طرح التصويت على المساعدات الأوكرانية.
وحتى مع بعض المقاومة الجمهورية، أشار بايدن إلى أن هناك أغلبية في مجلس النواب، كما هو الحال في مجلس الشيوخ، تؤيد استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن أمر التمويل يزداد صعوبة يوما بعد يوم.
إغلاق حكومي يلوح في الأفق
كان السبب الرئيسي المباشر وراء الإطاحة بمكارثي، هو تعاونه مع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ لتمرير اتفاق مؤقت بشأن الموازنة، يضمن تمديد التمويل الفيدرالي حتى 17 من نوفمبر/تشرين الثاني، من أجل تجنب أي إغلاق حكومي.
وفي نهاية المطاف، لم تسفر هذه الأزمة إلا عن تأخير وتأجيل بشأن كيفية تمويل الإنفاق الحكومي للعام المالي المقبل. وبالنظر إلى مصير مكارثي، قد يتعين على رئيس مجلس النواب الجديد تقديم المزيد من التنازلات للجناح اليميني من حزبه، كما يتعين عليه أن يكون أقل ميلا إلى تقديم أي تنازلات أو تسهيلات للأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، أو الأغلبية في مجلس الشيوخ، أو بايدن في البيت الأبيض.
وسيكون من الصعب على رئيس مجلس النواب المستقبلي أن يتوصل حتى إلى اتفاق بشأن الإنفاق الفيدرالي بين الجمهوريين في مجلس النواب، إذ يدعو غايتس وحلفاؤه إلى تخفيضات هائلة في الإنفاق بينما يتطلع المزيد من الأعضاء الوسطيين في الحزب، وأعضاء صقور الدفاع، إلى تمويل أولوياتهم التشريعية.
وسيتعين على مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون في نهاية المطاف الموافقة على حزمة الإنفاق الحكومي الخاصة به، ومن غير المرجح أن يبتلع مشروع قانون حزبي يدعمه مجلس النواب.
ومع عدم احتمال التوصل إلى تسوية، فإن احتمالات الإغلاق – وربما تمديده حتى نهاية العام – تتزايد بشكل كبير.
في العقود الأخيرة، نجت الولايات المتحدة من إغلاق العديد من المؤسسات الحكومية، كما أصبحت الآن تأثيرات الإغلاق مألوفة وواضحة. وسيعاني الموظفون الحكوميون والمقاولون أكثر من غيرهم، حيث ستتأخر رواتبهم، أو تنتهي بالكامل في بعض الحالات.
ومن الممكن في حال الإغلاق الحكومي أن تتقلص ميزانية بعض البرامج الحكومية المخصصة للفقراء، في حين يمكن أن يتم إغلاق المكاتب والخدمات الأخرى.
كل هذا سيخلق تأثيرات اقتصادية غير مباشرة، قد تدفع الولايات المتحدة نحو الركود ـ وهذا بطبيعة الحال سيؤدي لعواقب على الاقتصاد العالمي.
وأيضا من الممكن أن يؤدي استمرار الخلل الوظيفي في الكونغرس إلى تآكل ثقة الجمهور في المؤسسات الحكومية، والتي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها تقترب من أدنى مستوياتها على الإطلاق.
وبينما شاهد الديمقراطيون الأحداث الدرامية التي تكشفت في مجلس النواب يوم الثلاثاء بمزيج من الدهشة والتسلية، فمن الصعب التنبؤ بالمخرجات النهائية لهذه الأزمة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس بعد عام واحد فقط، فإن جمهور الناخبين الغاضبين والمحبطين قد يشكل مصدر قلق لشاغلي المناصب السياسية من كافة الأطياف.