دول الجنوب.. حاجة ملحة لزيادة التمويل المناخي
وسبق وأن أكد الجابر -خلال مشاركته في المؤتمر الوزاري الإفريقي المعني بالبيئة الذي عقد في إثيوبيا في أغسطس الماضي- أنه تماشياً مع رؤية القيادة في دولة الإمارات، سيركز COP28 على التكاتف وتوحيد الجهود والسعي لتحقيق التوافق وإنجاز تقدم ملموس وفعال في العمل المناخي، وذلك بالتزامن مع تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، خاصةً في إفريقيا ودول الجنوب العالمي.
وتتبنى رئاسة COP28 دعوات متجددة من أجل التوصل لاتفاق جديد حول تمويل المناخ بدول الجنوب العالمي، وذلك في وقت تحظى قضية أفريقيا والجنوب العالمي بزخم واسع في المناقشات المرتبطة بالمناخ، لا سيما في ضوء افتقار تلك الدول للتمويل اللازم من أجل مساعدتها في التكيف مع التغيرات المناخية والحد من آثارها، في الوقت الذي لا تتحمل فيه سوى نسبة ضئيلة من الانبعاثات الكربونية العالمية، بينما تدفع فاتورة باهظة لآثارها على نطاق واسع.
ومما ذكره الجابر في هذا السياق، تأكيده على الحاجة الملحّة لزيادة التمويل المناخي للدول الإفريقية لبناء مستقبل خالٍ من الانبعاثات وقادر على التصدي لتداعيات تغيُّر المناخ.. ومن الرسائل التي بعث بها الرئيس المعيَن لمؤتمر الأطراف “COP28” أيضاً:
- القارة الإفريقية هي إحدى المناطق الأكثر تضرراً من الظروف القاسية التي يسببها تغيُّر المناخ، خاصة المناطق الممتدة من القرن الإفريقي إلى بحيرة تشاد ومحيطها.
- تواجه إفريقيا ظروفاً مناخية قاسية مع تداعيات مستمرة لمدة طويلة، حيث لم تهطل الأمطار في القرن الإفريقي منذ أكثر من أربعة فصول.
- يعاني 23 مليون شخص من الجوع الشديد في مختلف أنحاء إثيوبيا وكينيا والصومال، إلى جانب تقلُّص مساحة بحيرة تشاد إلى عُشر حجمها، وهي التي تعد شريان حياة لملايين البشر في نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، فيما دمرت الفيضانات المستمرة المحاصيل وانتشرت الأمراض في جميع أنحاء مالاوي، وموزمبيق، ومدغشقر، وزامبيا، ورواندا.
توفير التمويل
وفي أبريل الماضي، خلال زيارته إلى العاصمة الأميركية واشنطن، بالتزامن مع انعقاد اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومشاركته في حلقة نقاشية دولية رفيعة المستوى، شدد الجابر على الحاجة الملحة إلى “توفير مزيد من التمويل بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة، من أجل تحقيق النمو والازدهار لكافة المجتمعات، خاصة دول الجنوب العالمي”.
وقال الجابر: “في السنوات الثماني التي تلت اتفاق باريس التاريخي، رأينا مدى الترابط الوثيق بين أهداف التنمية المستدامة والعمل المناخي، ومن الواضح أن آثار تغير المناخ تعرقل مسار التنمية بمختلف أنحاء العالم، وتؤثر على المجتمعات الأكثر تعرضا لتداعيات المناخ، خاصةً دول الجنوب العالمي”.
وأضاف: “بينما تستعد الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف COP28، أمضيت أنا وفريقي الأشهر الثلاثة الماضية في الاستماع والتواصل مع قطاع عريض من المعنيين في دول الجنوب العالمي. ما سمعته منهم بشكل متكرر هو أن التمويل المناخي ليس متوفرا بشكل مُيسَّر ولا بتكلفة مناسبة، كما لا يمكن الوصول إليه بسهولة”.
مبادرة إماراتية
وكذلك خلال كلمته في قمة المناخ الإفريقية التي أقيمت في نيروبي، الشهر الماضي، أعلن الجابر عن مبادرة تمويل إماراتية بقيمة 16.5 مليار درهم (4.5 مليار دولار أميركي) للمساعدة في تحفيز قدرات إفريقيا في مجال الطاقة النظيفة.
- مبادرة تاريخية بدعم من رؤوس أموال حكومية وخاصة وتنموية من مؤسسات إماراتية، بما فيها “صندوق أبوظبي للتنمية”، وشركة “الاتحاد لائتمان الصادرات”، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”، وشركة أيميا باور.
- تندرج المبادرة تحت مظلة “اتحاد 7″، وهي برنامج تطوير أطلقته دولة الإمارات خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة في العام 2022 بدعم من وزارة الخارجية، ويهدف إلى تزويد 100 مليون فرد في جميع أنحاء القارة الإفريقية بالكهرباء النظيفة بحلول عام 2035.
- تتعاون مبادرة التمويل الإماراتية مع مجموعة “إفريقيا 50” التي تمثل منصة استثمارية أنشأتها الحكومات الإفريقية وبنك التنمية الإفريقي بهدف معالجة تحديات البنية التحتية الأساسية في القارة عبر تحديد المشروعات وربط المبادرة بالشركاء المنفِّذين المحليين.
- تتماشى المبادرة مع الجهود المستمرة لرئاسة COP28 في الدعوة إلى زيادة القدرة الإنتاجية العالمية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030 وتوفير مزيد من التمويل المناخي بصورة ميسَّرة وبتكلفة مناسبة.
تمكين الدول الأفريقية
كما شدد الجابر على ضرورة تمكين الدول الإفريقية من تعزيز قدراتها في مجال الطاقة النظيفة، من خلال تقديم التمويل المناخي الكافي. ودعا في الوقت نفسه إلى تعزيز أطر السياسات والتشريعات التنظيمية لجذب الاستثمارات طويلة الأجل اللازمة لتسريع نشر مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة.
وأشار وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي إلى الركائز الأساسية لخطة عمل رئاسة COP28 والتي تتمثل في تسريع تحقيق انتقال مسؤول ومنظّم وعادل في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، والتركيز على الحفاظ على البشر والحياة وسُبل العيش، ودعم هذه الركائز من خلال احتواء الجميع بشكل تام.
وأشار إلى عدد من النقاط التي تتطلب جهوداً منسقة من جانب القادة الأفارقة والمجتمع الدولي لتذليل العقبات أمام جذب الاستثمار، موضحاً أن هذه النقاط تشمل:
- استعادة الاستدامة المالية للمرافق المحلية.
- تحديث البنى التحتية الأساسية للطاقة.
- توضيح مسارات عمليات التنمية وإجراءاتها.
- التغلب على العوائق الروتينية التي تؤخر دخول الشركات إلى السوق.
- إزالة القيود المفروضة على تدفقات رأس المال.
- الوصول إلى تدابير كافية ومعقولة التكلفة لتخفيف المخاطر.
وفي هذا السياق، ووفق رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، الدكتور محمود محيي الدين، فإنه على الرغم من إسهامها الضئيل في الانبعاثات الكربونية العالمية إلا أن أفريقيا تعاني بشدة من آثار الاحتباس الحراري وتغير المناخ، وتواجه مشكلات كبيرة من بينها الجفاف والتصحر والأعاصير، وما ينتج عن هذه المشكلات من أزمات غذاء ونزوح وهجرة، ومع ذلك فإن القارة تواجه صعوبات في تمويل العمل المناخي بسبب تزايد حجم الدين العام الذي يستنزف الموارد المالية لعدد كبير من دول القارة.
وتخسر أفريقيا 4 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة تلك التداعيات، فضلاً عن حالات الجفاف وانعدام الأمن الغذائي الذي يجبر الناس على الهجرة، ويضعف التنوع البيولوجي ويؤثر على الحياة وسبل العيش.
وذكر محيي الدين أن قمة أفريقيا للمناخ التي عقدت في نيروبي الشهر الماضي صاغت رؤية إيجابية لمستقبل المناخ في أفريقيا التي تملك قوة عاملة شابة وإمكانات هائلة لإمدادات الطاقة المتجددة، فضلًا عن الموارد الطبيعية الهامة التي تذخر بها القارة بما في ذلك المعادن والغابات وأشجار المانغروف، مؤكدًا الحاجة إلى إطلاق العنان للتمويل العادل لتحفيز واستغلال هذه الإمكانات على النحو الأمثل لصالح أفريقيا والعالم كله.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال كلمة ألقاها في قمة المناخ الأفريقية، التي استضافتها العاصمة الكينية نيروبي، العالم إلى جعل أفريقيا “قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة”.
وقال: قد تكون الطاقات المتجددة المعجزة الأفريقية.. يجب أن نعمل معاً حتى تصبح أفريقيا قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة.
مشاركة ضئيلة في الانبعاثات
وبينما تمثل أفريقيا حوالي 4 بالمئة فقط من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، فهي من بين المناطق الأكثر عرضة للآثار الضارة لتغير المناخ، طبقاً لبيانات الأمم المتحدة.
تحدث عن هذه المعضلة، نائب وزير الطاقة في غانا، هربرت كرابا، بجلسة (الطريق إلى COP28: المناخ والاستدامة والانتقال العادل)، والتي أدارتها الإعلامية في “سكاي نيوز عربية” لبنى بوظة، خلال فعاليات معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول “أديبك” 2023، وهو الملتقى الأكبر لقطاع الطاقة في العالم، والذي انطلق الاثنين، بمشاركة قادة القطاع وصُناع السياسات والمبتكرين من أنحاء العالم، وذلك من أجل تعزيز جهود خفض الانبعاثات من منظومة الطاقة الحالية.
وأشار إلى أن المعضلة التي تواجهها أفريقيا التي تسهم بأقل من 5 بالمئة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، فيما يخص تمويل عملية التحول، قائلاً: “إنه أمر بالغ الأهمية.. وجميع الوعود والتعهدات لم تتحقق”.
وأفاد بأن تحول البلدان النامية إلى مصادر أنظف للوقود يتطلب “بشكل عاجل” التوسع في الاستثمار بتكنولوجيات نظيفة ومحسنة، وهو ما يجب أن يتم التركيز عليه بقوة.
جدير بالذكر أن 600 مليون شخص يعيشون دون مصدر للكهرباء في الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى وحدها، ومن شأن توفير فرص أكبر للحصول على الطاقة النظيفة أن يدفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في قارة إفريقيا، التي لا تحصل إلا على نحو 2 بالمئة فقط من الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة، وأقل من ربع المبلغ الذي تحتاجه القارة سنوياً، والذي يبلغ 60 مليار دولار بحلول عام 2030.
دور محوري لـ COP28
وسيكون COP28 محورياً في تعزيز حوار المناخ العالمي، وتوفير دعوة للعمل لجميع القطاعات للعمل معاً، وإنشاء شراكات، وإيجاد حلول واضحة وقابلة للتطبيق لمعالجة تغير المناخ.
وسيتعين على قادة الطاقة العالميين الموازنة بين التحديات المتمثلة في تحقيق أهداف صافي الصفر بحلول العام 2050 والحاجة إلى أمن الطاقة والقدرة على تحمل تكاليفها على المدى القصير، مما يسلط الضوء على الأهمية المتزايدة للجنوب العالمي في مرحلة انتقالية أكثر إنصافًا وعدالة. ويتعين أن يستوعب هذا الطموح الآن تحديات الأشهر الأخيرة لنظام الطاقة الحالي.
معضلة أخرى، أشارت إليها الرئيس التنفيذي لشركة كلايمت إنفستمنت، براتيما رانجاراجان، لدى مشاركتها في الجلسة المذكورة، تتعلق بنصيب دول الجنوب العالمي من الاستثمارات الموجهة للطاقة النظيفة والمتجدد.
وأوضحت أن رأس المال الذي يتم جمعه “لا يتم تركيزه في القطاعات الصحيحة” ذلك أن 80 بالمئة من الأموال التي يتم توجيهها في هذا السياق لا تزال تركز على الطاقة المتجددة أو المركبات الكهربائية، رغم أن 80 بالمئة من الانبعاثات ربما تكون من الأسمنت الصلب والطاقة وغير ذلك من القطاعات. علاوة على أنه لا يتم استهداف الجنوب العالمي حيث يتزايد التصنيع وعدد السكان. وشددت على أنه إذا لم يتم استهداف القطاعات الصحيحة بالتمويل فإنه من المؤكد لن تتحقق الكثير من الأهداف.
وبينما سجل حجم الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة في العام 2022 زيادة تصل إلى 17.2 بالمئة، وصولاً إلى 495 مليار دولار (وفق تقرير الحالة العالمية لمصادر الطاقة المتجددة للعام 2023، الصادر عن شبكة سياسات الطاقة المتجددة للقرن الـ21)، فإن القارة السمراء حصلت على استثمارات لم تتجاوز الـ 13 مليار دولار خلال العام نفسه في تلك القطاعات (طبقاً لدراسة صادرة عن مركز فاروس للدراسات الاستراتيجية والأفريقية).
شح الاستثمارات والتمويل
وفي هذا السياق، كان الدكتور سلطان الجابر، قد ذكر في كلمته أثناء المؤتمر الوزاري الأفريقي المعني بالبيئة، أن:
- إفريقيا تستفيد من عُشر التمويل المناخي العالمي فقط.
- ووفقاً لبنك التنمية الإفريقي، يجب توفير نحو 250 مليار دولار سنوياً للوفاء بالتزامات دول إفريقيا الـ 54 تجاه المساهمات المحددة وطنياً حتى عام 2030.
- كما تتلقى القارة أقل من 30 مليار دولار في السنة من التمويل المناخي رغم أنها تسهم بأقل من 5 بالمئة من الانبعاثات العالمية، أي أن التمويل الذي تحصل عليه قليل جداً مقارنة مع بقية العالم، ويجب البدء بإصلاح ذلك.
وأشار خلال استعراضه لخطة عمل COP28 لتطوير أداء التمويل المناخي إلى أن الخطة استرشدت بنتائج الجولة العالمية للاستماع والتواصل، التي التقى خلالها مع عديد من الأفراد والشخصيات من جميع أنحاء العالم، وخاصة من إفريقيا.
وجدد الجابر دعوة المجتمع الدولي للوفاء بمسؤولياته التاريخية، التي تشمل التزام الدول المتقدمة بتوفير مبلغ 100 مليار دولار من التمويل المناخي سنوياً للدول النامية، ومضاعفة تمويل التكّيُف بحلول العام 2050، وتجديد موارد صندوق المناخ الأخضر، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار وترتيبات تمويله، والالتزام بالتنفيذ السريع لكافة التعهدات.
يأتي ذلك، فيما تستمر رئاسة COP28 في دعوتها إلى مضاعفة تمويل التكيف، وتفعيل ترتيبات تمويل الخسائر والأضرار لضمان حماية الأفراد والمجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، وتسعى رئاسة المؤتمر إلى توسيع نطاق تطوير مؤسسات التمويل الدولية، بما يدعم جهود التخفيف بالتمويل اللازم لها، بالتزامن مع توفير تمويل التكيف لدعم دول الجنوب العالمي.
الهشاشة وتغير المناخ والصراع المسلح
وفي شهر يونيو الماضي، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة رفيعة المستوى لبحث العلاقة بين تغير المناخ والتهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين. ترأست الجلسة مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتولى رئاسة مجلس الأمن خلال الشهر المذكور.
وقالت مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة – التي ترأست الجلسة – إن الدراسات العلمية حددت العلاقة المعقدة بين الهشاشة وتغير المناخ والصراع المسلح، وكيف يمكن لهذه العناصر أن تشكل حلقة مدمرة. وشددت على ضرورة تعزيز الحلول الشاملة لهذا التحدي متعدد الأبعاد. وأوضحت الوزيرة الإماراتية أن مؤتمر المناخ الثامن والعشرين (COP28) الذي تستضيفه بلادها سيشهد تخصيص يوم “الإغاثة والتعافي والسلام”.
أما وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام، جان بيير لاكروا قال إن “حوالي 3.5 مليار شخص يعيشون في مناطق تعاني بشدة من تداعيات تغير المناخ” وفق تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
تطرق لاكروا إلى عدد من المجالات ذات الأولوية للعمل في بعثات الأمم المتحدة الميدانية:
- أولا: الاستثمار في قدرة عمليات السلام الأممية على توقع ومعالجة الروابط بين تغير المناخ والسلام والأمن.
- ثانيا: تعزيز المنافع المتبادلة للعمل المناخي وعمل الأمم المتحدة من أجل السلام والأمن.
- ثالثا: بينما تعمل الأمم المتحدة على التخفيف بشكل استباقي من تغير المناخ، يصبح من الضروري بشكل متزايد ألا نكون سببا آخر لهذه الظاهرة. “لذلك نعمل على تقليل بصمتنا البيئية، بما في ذلك من خلال التحولات المحسنة إلى كفاءة الطاقة والاعتماد بشكل أكبر على الطاقة المتجددة”.
حلول تشمل جميع الأطراف
وخلال الجلسة الثانية والعشرين من منتدى الأمم المتحدة الدائم لقضايا الشعوب الأصلية، في أبريل الماضي، دعت رزان خليفة المبارك رائدة الأمم المتحدة لتغير المناخ في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين (COP28)، ورئيسة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، إلى بذل المزيد من الجهد لشمول الشعوب الأصلية بوصفهم “شركاء رئيسيين في عمليات اتخاذ القرار التي تؤثر على أراضيهم وصحتهم ومواردهم وطريقة حياتهم”، وذلك خلال الجلسة الثانية والعشرين من منتدى الأمم المتحدة الدائم لقضايا الشعوب الأصلية.
إن حجم التغير المناخي عالمياً وتأثيره على المجتمعات حول العالم، خاصة في دول الجنوب، لا يمكن التعامل معه دون حلول تشمل جميع أطياف المجتمع، ولذلك فإن جميع الأصوات والأطراف ستكون حاضرة في المفاوضات في مؤتمر COP28 بهدف الإسراع في اتخاذ الإجراءات المناخية اللازمة.
تبعات اقتصادية
وفي سياق متصل، تضغط أزمة التغيرات المناخية بشكل واسع على اقتصادات الدول الأكثر تضرراً من أزمة المناخ. وبحسب دراسة أجريت في جامعة إيست إنغليا البحثية الأميركية أخيراً، فإن التغيرات المناخية أسقطت 59 بلداً في أزمة ديون خلال 10 سنوات.
وتوقع مركز سياسات المناخ الأفريقي، أن تتراوح تكاليف خسائر وأضرار تغير المناخ في “القارة السمراء” بين 290 إلى 440 مليار دولار.
- وفقا للمركز، فقد تأثر في العام 2022 أكثر من 110 ملايين شخص في القارة بشكل مباشر بالمخاطر المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه؛ مما تسبب في أضرار اقتصادية تزيد عن 8.5 مليار دولار.
- كما تم الإبلاغ عن 5 آلاف حالة وفاة منها 48 في المئة مرتبطة بالجفاف و43 في المئة بالفيضانات في أفريقيا.
- يضر تغير المناخ بالأمن الغذائي والنظم البيئية والاقتصادية في أفريقيا، ويؤجج النزوح والهجرة ويزيد من خطر الصراع على الموارد المتضائلة؛ وفقًا لتقرير جديد صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة.
- وبالنظر إلى التعرض الكبير لأفريقيا وهشاشتها وانخفاض قدرتها على التكيف؛ فمن المتوقع أن تكون آثار تغير المناخ أكثر حدة على العديد من القطاعات وخصوصا الزراعة والأمن الغذائي.
وتعتبر الزراعة هي الدعامة الأساسية لسبل العيش والاقتصادات الوطنية في أفريقيا؛ وتشكل النشاط الرئيسي لأكثر من 55% من السكان؛ لكن الإنتاج انخفض بنسبة 34 بالمئة منذ العام 1961 بسبب تغير المناخ؛ وهو التراجع الأعلى مقارنة بما شهدته مناطق أخرى من العالم.
وبسبب تراجع الإنتاج الزراعي؛ يتوقع أن تزيد الواردات الغذائية السنوية للبلدان الأفريقية بنحو ثلاثة أضعاف؛ من 35 مليار دولار حاليا إلى 110 مليار دولار بحلول 2025.
وعلى الجانب الآخر، يمكن أن يؤدي تغير المناخ وقاعدة الموارد الطبيعية المتضائلة إلى تأجيج الصراعات على الأراضي المنتجة ومواد المياه والمراعي الشحيحة. وبالفعل زاد العنف بين المزارعين والرعاة على مدى السنوات العشر الماضية بسبب الضغط المتزايد على الأراضي خصوصا في البلدان الواقعة بلدان جنوب الصحراء الكبرى.
- تعيش بلدان أفريقيا حاليا أوسع موجة جفاف منذ العام 1980؛ وغطت الموجة أكثر من 90 في المئة من مساحة الصومال واجزاء واسعة من أثيوبيا وكينيا والسودان في شرق أفريقيا، إضافة إلى النيجر ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا في غرب أفريقيا.
- يعتبر انعدام الأمن الغذائي واحدا من أخطر إفرازات التغير المناخي في أفريقيا، إذ بات يداهم نحو 800 مليون شخص أي قرابة ثلثي سكان القارة البالغ عددهم 1.4 مليار؛ في حين ضرب الجوع فعليا أكثر من 270 مليونا، ما يعني أن واحد من كل 5 أفارقة يأوي إلى فراشه جائعا.
- تتزايد تأثيرات التغير المناخي أكثر في بلدان مثل إثيوبيا والصومال وكينيا والنيجر ومالي والتي تشكل مجتمعة موطنا لـنحو 80 في المائة من الأشخاص الأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي في العالم.
- تؤدي تحولات التغير المناخي وما يصاحبها من فيضانات وموجات جفاف إلى رفع حدة التنافس على الموارد ويؤجج بالتالي الصراعات الأهلية حيث تواجه 10 بلدان في القارة نزاعات داخلية وهشاشة أمنية
تعهدات
يأتي ذلك في وقت تعهدت فيه الدول الكبرى (المسؤولة عن النسبة الأكبر من الانبعاثات) بتوفير تمويلات للبلدان الأكثر تضرراً بقيمة 100 مليار دولار لتلك الدول، وهي التعهدات التي تم إقرارها منذ اتفاق باريس للمناخ، لكن لا يزال التمويل لا يغطي أكثر من 20 بالمئة في أفضل الظروف.
والعام الماضي، تم الدفع باتجاه إقرار انشاء “صندوق الخسائر والأضرار” في COP27 في مدينة شرم الشيخ في مصر، بهدف توفير التمويل اللازم للإنقاذ وإعادة الإعمار بعد الكوارث غير المتوقعة المرتبطة بالمناخ في الدول الناشئة.