الغازوال يرتفع بنصف درهم وسط مطالب بـ”سلم متحرك للضريبة على المحروقات”

كما كان متوقعاً بحلول مطلع شهر أكتوبر الجاري تحولت أرقام لوحات إشهار أثمان المحروقات بمحطات الوقود بالمغرب نحو زيادة جديدة ملموسة، من المرتقب والمرجّح أن ترفع من مستويات أسعار بعض المواد الاستهلاكية، لاسيما تلك التي تخضع لتكاليف النقل بين المدن.
ومع مطلع شمس يوم الإثنين 2 أكتوبر الحالي تبدَّى أثر هذه الزيادة جلياً بالخصوص في سعر الغازوال، مادة المحروقات “الأكثر استهلاكاً” من قِبل المغاربة وفق تقديرات رسمية؛ إذ تجاوز سعر اللتر الواحد من “الديزل” 14 درهماً، وفق ما عاينته جريدة هسبريس في أبرز محطات التزود بالوقود بالعاصمة الرباط ومدينة سلا المجاورة، بعدما تراوحت الزيادة بين 45 سنتيماً ونصف درهم حسب المحطات، ما ينعكس على الأسعار بباقي مدن المغرب.
هذا بينما ظل لتر “البنزين والبنزين الممتاز” مستقراً، دون تغيير، عند حوالي 15 درهماً ونصف درهم. وكانت أسعار المحروقات في المغرب شهدت 5 زيادات خلال شهر غشت 2023؛ بالغة بذلك “مستويات مرتفعة غير مسبوقة” مقارنة بما كانت عليه منذ بداية العام الجاري؛ وهو ما تأكد أيضا من خلال معطيات مرقمة توصلت بها هسبريس من الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب.
هذه الزيادة تأتي في سياق أعقب فترة “هدنة مؤقتة” لم تلجأ خلالها شركات توزيع المحروقات في المغرب إلى زيادة الأسعار، منتصف الشهر الماضي؛ أي شتنبر، الذي عرف أعنف زلزال شهدته المملكة في القرن الأخير، رغم أن الأسعار في السوق الدولية استمرت في الارتفاع منذ أشهر الصيف الماضي؛ إذ ظلت أسعار برميل النفط الآجلة تتأرجح ضمن نطاق تراوح بين 90 و100 دولار، بعدما كانت في حدود 72 دولاراً في يونيو الماضي.
وكان محللون ومتابعون لأسواق النفط وتقلباته فسّروا ما حدث خلال شهر شتنبر من “تغاضي الشركات الفاعلة في قطاع توزيع المحروقات بالمغرب عن عُرف الزيادة” بأنه كان اضطرارياً؛ لاسيما أن الموعد تزامن –حينها- مع هبّة تضامنية غير مسبوقة للمغاربة مع ضحايا زلزال ثامن شتنبر الأليم.
ولم يعد خافياً أن أسعار النفط ارتفعت خلال الأشهر القليلة الماضية بعد قرار السعودية وروسيا تمديد تخفيض الإنتاج حتى نهاية العام؛ مقابل تحسن توقعات الطلب على النفط، بعد زيادة مصافي التكرير في الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، نشاط التكرير إلى مستوى قياسي، وهو ما دفع بنوك استثمار عالمية إلى توقع عودة الأسعار إلى 100 دولار للبرميل مع نهاية العام. كما أفادت وكالة “رويترز” للأنباء، مؤخرا، بأن “أسعار النفط الخام ارتفعت فعلياً بنحو 30 بالمائة إلى أعلى مستوياتها في 10 أشهر في الربع الثالث من العام 2023”.
“نصوص قانون الهيدروكاربورات”
تعليقا على الموضوع، جدد رئيس الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب، جمال زريكم، التأكيد على أن “أرباب المحطات لا علاقة لهم بتسعير الغازوال والبنزين الممتاز، ولا بالزيادات المسجلة في الآونة الأخيرة”، معتبرا أنهم “إلى جانب المستهلك النهائي من أوّل وأكبر المتضررين منها؛ على اعتبار أن كلفة شحن هاتين المادتين ترتفع بشكل مهم، ما يؤدي تلقائيا إلى ارتفاع المصاريف، دون أي تغيير في الهامش الرّبحي البسيط الذي يبقى مستقرا ودون تغيير مهما ارتفعت أو انخفضت الأسعار”.
ولفت زريكم في تصريح لهسبريس إلى أن “جامعة أرباب المحطات سبق أن راسلت مرات عديدة مجلس المنافسة، وطلبت منه التدخل عبر ممارسة صلاحياته القانونية في هذا المجال”، منتقداً “تأخّر إصدار النصوص التطبيقية لقانون الهيدروكاربورات لسنوات طويلة بشكل يساهم –إلى حد ما- في الفوضى التي يعرفها القطاع”، وزاد موضحا: “راسلنا وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة منبهين خلال لقاءاتنا السابقة بها إلى خطورة هذا الأمر وانعكاساته السلبية على سوق المحروقات، لكن الوزيرة تجاهلت هذه المراسلات وأقبرت لجنة مشتركة كانت تشتغل على إعداد هذه النصوص”.
“السُّلّم المتحرك للضريبة على المحروقات”
زريكم جدد في الصدد ذاته نداءه للوزارة بـ”اتخاذ مبادرة في هذا الاتجاه وعقد لقاء بنّاء تحضره جميع الأطراف المسؤولة عن بيع وتوزيع المحروقات، من شركات استيراد وتوزيع ومحطاتيين وشركات نقل، لتدارس الاختلالات التي يعرفها القطاع، مع السهر على تسريع إخراج النصوص التنظيمية وفق حوار مسؤول مع كل المتدخلين”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن مقترح “المحطّاتيين” بالمغرب مازال “واضحا”، يقضي بـ”اعتماد السُّلّم المتحرك للضريبة على المحروقات، لأنها تشكل حوالي 50 في المائة من بِنْية الأسعار؛ ما يعني تخفيض الضريبة في حالة ارتفاع الأسعار ورفعها في حالة انخفاض الأسعار، وذلك لتبقى الأسعار عموما مستقرة وفي متناول المواطنين”.