أخبار العالم

مندوبية السجون تعتمد مقاربة جديدة أمام تزايد عدد النزلاء المسنين في المغرب



تحديات كثيرة أصبح يطرحها تزايد نسبة الشيخوخة في المجتمع المغربي. وتزداد هذه التحديات عند التعاطي مع الشيوخ الذين يعيشون خارج حضن أسرهم، كنزلاء المؤسسات السجنية ودُور الرعاية الاجتماعية.

هذه الوضعية دفعت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى تنظيم ندوة وطنية حول “الحماية القانونية والاجتماعية والصحية للسجناء المسنين”، أجمع المتدخلون فيها على ضرورة تكثيف وتشبيك الجهود، من أجل تحسين وضعية هذه الفئة من المجتمع.

وتأتي الندوة، بحسب مولاي إدريس أكلمام، مدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة سجناء المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في إطار “المقاربة الجديدة التي تنتهجها المندوبية في عملية تأهيل السجناء، التي تقوم على تنويع البرامج التأهيلية، حسب كل فئة”.

وقال أكلمام، في تصريحات للصحافيين على هامش الندوة المنظمة بمناسبة اليوم العالمي للمسنين، الذي يصادف فاتح أكتوبر من كل سنة، إن “السجناء المسنين (60 سنة فما فوق) لديهم خصوصيات واحتياجات تحاول المندوبية تلبيتها من خلال عدة تدخلات، سواء في ما يخص الإبقاء على روابط التواصل بينهم وبين العالم الخارجي، سواء الأسَر أو المهن، أو في ما يخص التغطية الصحية والمواكبة النفسية”.

وحفلت المداخلات التي ألقيت خلال الندوة بدعوات إلى إيلاء اهتمام خاص للمسنين، لاسيما مع التغيرات التي يعرفها المجتمع، التي أفرزت ممارسات “دخيلة”، من قبيل “التخلي” عن هؤلاء الأشخاص، وذلك عبر وضعهم في دور العجزة.

محمد مرجان، أستاذ جامعي بجامعة ابن طفيل، رئيس الجمعية المغربية لعلم الاجتماع، قال إن “التحولات الجارية في المجتمع المغربي، خاصة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والثقافي، قد تدفع بالتمثلات الاجتماعية حول المسنين إلى تغيير جوهرها التضامني، القائم على التكافل والاحتضان”.

وأشار مرجان إلى “التزايد المطرد لفئة المسنين في المجتمع المغربي، حيث ارتفع عددهم ثلاث مرات، منتقلا من 833 ألف مسن إلى 2.4 ملايين، ويُتوقع أن يصل إلى 5 ملايين سنة 2030، وفق البحث الوطني حول الأشخاص المسنين لسنة 2004”.

وخلص المتحدث ذاته إلى أن “التزايد المطرد للمسنين في المغرب سيطرح عددا من الإشكالات، سواء في ما يخص التخطيط أو التنمية، لاسيما أن مؤشرات التغير الاجتماعي تشير إلى تفكك الروابط الأسرية وما نجم عنها من رفض للمسنين أو الابتعاد عنهم لظروف العمل وغيرها”، ولفت إلى أن “التنامي المطرد لدُور العجزة على المستوى الوطني يعدّ بدوره مؤشرا دالّا على تدهور علاقات التضامن التقليدية ما بين الأجيال، حيث وصل عدد مراكز رعاية المسنين، وفق المعطيات الصادرة عن مؤسسة التعاون الوطني، إلى 50 دارا، أغلبها تتمركز في المراكز الحضرية الكبرى، وتأوي أزيد من 3500 شخص وفق إحصائيات 2016”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “المجلس الجماعي لمدينة الدار البيضاء يعتزم بناء 8 دور للعجزة”، وهو ما يعني، بحسبه، أن وضع المسنين في دُور العجزة “سوف يصير ممارسة بديهية في حياتنا”.

واستعرضت مليكة قلبي، رئيسة مصلحة حماية الأشخاص المسنين بوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لحماية هذه الفئة من المجتمع، مشددة على أن “إنجاح هذه المهمة يستدعي تضافر جميع المتدخلين، من حكومة وفاعلين عموميين ومجتمع مدني”.

وتحدثت سناء ازرويل، رئيسة مشاريع مسؤولة عن ملف الرعاية الصحية بمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، أن “ارتفاع عدد السجناء المسنين شكّل عبئا وتحديا إضافية بالنسبة للمسؤولين القائمين على المؤسسات السجنية، لاسيما أن هذه الفئة من النزلاء تحتاج إلى مواكبة خاصة تختلف عن المواكبة التي يتلقاها غيرها”.

وأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن “نزلاء المؤسسات السجنية المُسنّين يعانون في الغالب من أمراض مزمنة، وهو ما يحتم تناولهم الأدوية بشكل منتظم، والخضوع للفحوصات الطبية الدورية، مع تعويدهم على التأقلم مع الحياة السجنية”.

وبلغ عدد السجناء السابقين الذين استفادوا من مواكبة مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، في عدد من المحاور، كالإداري والقضائي، والمحور الاجتماعي والعائلي، والتشغيل، والتعليم التكوين المهني، حوالي 3000 سجين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى