أخبار العالم

خطوط حمراء تعترض طريق الإدارة الأمريكية لإعادة الاتفاق النووي مع إيران



يري المحلل الأمريكي غريغ بريدي أنه بجانب بنود الاتفاق المعلن بين الولايات المتحدة وإيران بشأن تبادل السجناء وتحويل أموال إليها، أصبح أيضا واضحا في الأشهر الأخيرة أن هناك جهدا على نطاق واسع لإعطاء حوافز لإيران لكي تبطئ وتيرة برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وخفض التوترات في الشرق الأوسط.

ومع تبادل السجناء الذي تم تنفيذه الأسبوع الماضي بين الولايات المتحدة وإيران، بعد تحويل 6 مليارات دولار، وهي عائدات نفطية إيرانية، يعرب منتقدو الإدارة الأمريكية مجددا عن معارضتهم إبرام صفقات مع الحكومة الإيرانية الحالية.

وقال بريدي، وهو زميل رفيع المستوى لشؤون الشرق الأوسط في مركز ناشونال انتريست، إن هذا الجهد يهدف إلى صياغة تفاهمات غير رسمية مع إيران من خلال الجمع بين توصيل الخطوط الحمراء للولايات المتحدة والتخفيف الواضح للعقوبات التي تستهدف صادرات النفط الإيرانية، بدلا من التفاوض بشأن اتفاق رسمي، سوف يخضع للمراجعة من جانب الكونغرس بموجب قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل المشتركة الشاملة) المبرم عام 2015.

وأضاف بريدي، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، أنه سوف يكون لهذا النهج دعم صريح ضئيل بين الطبقة السياسية لأي طرف في واشنطن. غير أنه في غياب بدائل أفضل يكون هذا النهج فرصة لإدارة بايدن لكي تمنع أزمة متصاعدة مع إيران، وتعويض خطوات سعودية لرفع أسعار النفط، إذ إن أيا منهما يمكن أن تقوض محاولة بايدن لإعادة انتخابه عام 2024.

وحتى الآن تعد نتائج هذا الجهد الخاص بالمسار النووي الإيراني متواضعة، لكنها إيجابية. وأظهر التقرير الأحدث للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي تم تداوله في أوائل شهر سبتمبر الماضي قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة ، أن الإيرانيين أبطؤوا إنتاجهم من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60%، التي تسمح بصنع أسلحة نووية، وخففوا بعضا من تلك المادة لخفض تراكم مخزونها.

وأبطأ الإيرانيون أيضا ما كان سابقا سرعة فائقة لنصب أجهزة طرد إضافية متقدمة للتخصيب. وهذه الإجراءات لا تطيل “زمن الاختراق” إذا اختاروا تخصيب اليورانيوم بالنسبة التي تسمح باستخدامه في صنع أسلحة نووية، لكن هذا التوقف خطوة لخفض التصعيد، الذي ينبغي في حال استمراره أن يمنع اندلاع أزمة حادة.

وأصدرت إيران في ما يبدو توجيهات لوكلائها في العراق وسوريا بوقف الهجمات على عناصر الجيش الأمريكي المنتشرة هناك، التي كانت متكررة حتى العام الماضي . ولم تقع أي حوادث من هذا القبيل في سوريا على مدار أكثر من أربعة أشهر، كما لم تقع أي حادثة في العراق على مدار عام.

وتابع بريدي أنه على جبهة النفط أصبح واضحا على نحو متزايد خلال الصيف أن الولايات المتحدة تحولت بدرجة أكبر نحو التطبيق المتساهل للعقوبات التي تستهدف صادرات النفط الإيراني، حيث سمحت برفع كميات النفط المستخرج في وقت شهد السوق على نطاق أوسع تشديدا.

وبينما نفت وزارة الخارجية رسميا حدوث تغيير في السياسة، اعترف مسؤولون أمريكيون بأنهم واصلوا فرض العقوبات على نحو أخف.

ويأتي هذا في وقت أعلنت السعودية في شهر يونيو خفضا أحاديا بمقدار مليون برميل في اليوم اعتبارا من شهر يوليوز، إضافة إلى خفض للإنتاج كجزء من إطار “أوبك بلس” الذي تم تمديده الآن على الأقل حتى نهاية العام. وكانت هذه الخطوة مفاجئة، ما يظهر أن هناك حملة قوية لدعم الأسعار.

وذكر بريدي أنه بينما تسعى إدارة بايدن إلى اتفاق متعدد الأوجه لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، ما قد يحسن العلاقات السعودية الأمريكية، فإنه ليست هناك أي إشارة على الإطلاق إلى أن سياسة السعودية بشان إنتاج النفط جزء من المناقشات السعودية الأمريكية الحالية.

وبينما يتحدث محللو السلع في وول ستريت مجددا عن احتمال وصول سعر برميل البترول إلى 100 دولار، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام المقبل، سوف يكون من الصعب بالنسبة لإدارة بايدن أن تتخذ خطا أكثر تشددا في تطبيق العقوبات ضد إيران، على أقل تقدير.

والتزمت إدارة بايدن حتى الآن الصمت بشأن مناقشاتها غير المباشرة مع إيران، ولم تعترف بأن هناك اتفاقا يربط تساهل إيران الواضح بشأن التخصيب والهجمات عبر الوكلاء بالتساهل الأمريكي بشأن تطبيق العقوبات.

وأوضح بريدي أنه ربما يكون هذا الأمر مقصودا، لأن اتفاقا رسميا سوف يؤدي إلى مراجعة الكونغرس قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني، وهو الأمر الذي سيكون مثيرا للجدل الشديد وحزبيا لا محالة في عام انتخابات. ويعكس هذا أيضا أن ما يبدو أنه تم الاتفاق عليه ضيق للغاية مقارنة بأي متابعة رسمية معقولة للاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل المشتركة الشاملة).

ولم تنجح في ما يبدو جهود ترددت شائعات بشأنها للترتيب لاتصال غير مباشر على الأقل بين الولايات المتحدة وإيران خلال اجتماعات الجمعية العامة لأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي.

وذكر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مؤخرا احتمال استئناف المحادثات التي يتوسط فيها الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة، مع البدء من حيث توقفت في شهر سبتمبر عام 2022، ولكن هذا يبدو أمرا غير مرجح.

وأوضحت الولايات المتحدة أن النافذة لعودة للاتفاق النووي الإيراني تم إغلاقها. ويبدو حتى إن طلب إيران ضمانات أمريكية في الوقت الحالي بعيد المنال بدرجة أكبر الآن، في وقت تقترب الولاية الأولي للرئيس جو بايدن من نهايتها.

وأشار بريدي إلى أنه إذا فاز بايدن بإعادة انتخابه فإنه ربما يكون هناك مجال لتجدد المناقشات بشأن تسوية أكثر ديمومة. ويمكن الدفع بالقول إن بايدن في ولايته الثانية سوف يقلص مخاوف طهران بشان قيام واشنطن مرة أخرى بإلغاء أي اتفاق.

ومازال من غير المرجح أن تستطيع إدارة بايدن إقناع إيران بإعادة برنامجها النووي إلى أي نقطة قريبة من المستويات المقيدة التي فرضها الاتفاق النووي، ناهيك عن تمديد بعض البنود التي كانت تأمل الولايات المتحدة فيها من أجل اتفاق أطول وأقوى.

وقال بريدي في ختام تقريره إن إيران الآن للأسف أصبحت على أعتاب أن تكون دولة نووية، وهذا وضع لا يمكن عكسه بشكل دائم، حتى في حالة اندلاع صراع عسكري. وسوف يركز أي جدول أعمال معقول لاتفاق متابعة في ولاية بايدن الثانية على استعادة الشفافية وإطالة وقت الانطلاق بالنسبة لإيران، لإتاحة المزيد من التأكيد والثقة للعالم بأن تظل على الأعتاب وألا تصبح قوة نووية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى