“إعادة البناء” تطلق دعوات لتثمين الأدوار النسائية الطلائعية في القرى المغربية
تواصل مشاريع إعادة الإعمار جني العديد من التّوصيات والمقترحات التي تحاول جعلها شمولية وكلّيانية لا تغفل أي جانب، في إطار التّشاركية والالتقائيّة بين الجهات الرسمية والفعاليات المدنية؛ وهذه المرة كانت الفرصة ملائمة للدعوة إلى تمكين المرأة القروية بالمناطق المنكوبة وضمان إعادة تأهيلها على هامش البناء، لكي تتوفر بدورها على مجمل الفرص المتاحة لمثيلتها بالوسط الحضري.
وتشديدا على الدّور الطّلائعي للعنصر النّسوي في العالم القروي فإن الدعوات إلى “ربط مخططات الإعمار بمحاربة تأنيث الفقر” مازالت مرتفعة، مع “محاصرة فرص إعادة تدوير الهشاشة في صفوف النّساء والطفلات في المداشر والأرياف”، خصوصا بعدما فاقمت أزمة المناخ والجفاف معاناة المرأة الساكنة في البوادي والدواوير المغربية النائية.
أمينة التوبالي، عضو ائتلاف “المناصفة دابا”، قالت إن “إعادة بناء المناطق المتضررة من الزلزال يجب أن تكون فرصة حقيقية لإنهاء مآسي المرأة القروية وتمكينها ماليا واقتصاديا والنهوض بوضعها السّوسيو – ثقافي”، مردفة: “الأوراش التي تفكر الدولة في تنزيلها هناك ينبغي أن تضع في مخططاتها ضرورة مراعاة مقاربة النوع لضمان أوراش عادلة تنتصر للمساواة بين الجنسين وتراعي البعد الثقافي السائد”.
وشددت التوبالي، في تصريحها لهسبريس، على أن “تصوراتنا للمرأة القروية بدورها يجب أن تساهم عمليات إعادة التأهيل في تفكيكها من خلال ضمان نمو اقتصادي شامل لهذه المناطق، بحيث تصبح قرى نموذجية تستجيب لكافة شروط العيش الرغد ومتطلبات الحياة الأساسية”، موضحة أن “تفعيل هذه السياسات يجب أن يستحضر الأولويات التي سطّرت عليها الحركات الحقوقية بخصوص وضع النساء في الهوامش والأرياف”.
وأبرزت المتحدثة ذاتها أن “نساء المناطق المتضررة يجب أن يستفدن من التأهيل عن طريق المدرسة وفرض إجبارية التعليم بالنسبة للإناث لإنقاذهنّ من الزواج المبكر، أو من استمرار وضع الهشاشة وتوارثه”، مضيفة أنه “من الضروري أيضا توفير فرص لممارسة الصناعة التقليدية والحرف، وفتح تعاونيات وكذا تكوينات مهنية للإناث في المجالات المختلفة، بما فيها المعلوميات، لتقريبهن من العالم وكسر العزلة التي تحيط بهن”.
وأجملت الناشطة الحقوقية قائلة: “أوراش إعادة البناء يبدو أنها لا تستثني النساء، بحكم أن الملك هو من يقف وراءها، ولكن من الضروري أن تكون هناك صرامة في تمكين نساء المناطق المنكوبة في أفق تحقيق التنمية المستدامة بالعالم القروي ككل”، داعية إلى “المزيد من التحسيس بأن معاناة النساء القرويات ليست بطولة، بل يحتجن إلى تقريب العديد من الخدمات الأساسية منهن، بما فيها التطبيب”.
من جانبها، قالت نجاة إخيش، رئيسة مؤسسة “إيطو” للنساء ضحايا العنف، إن “أي ورش لا تكون في صلبه متطلبات المرأة القروية بشكل مفصل هو بالضرورة ورش ناقص”، مضيفة أن “الأولوية التي يجب أن تفكر فيها الدولة الآن هي حماية خصوصية وحميمية النساء اللائي دمرت بيوتهن ووجدن أنفسهن ينمن في الخيام أو في جنباتها، بكل ما لذلك من مخاطر تعرضهن للتحرش أو العنف”.
وأضافت إخيش، وهي تتحدث إلى هسبريس، أن “النساء في المناطق المتضررة لهن طبعا مطالب على الدولة أن تصغي إليها بتشارك مع فعاليات المجتمع المدني النشيطة ميدانيا في هذا المجال، على اعتبار أن الرجال يقدمون الأمور والمتطلبات بشكل عام، لكن النساء يقدمن معطيات جد دقيقة وحساسة مرتبطة بوضعهن”، مردفة: “هذا ما بدا دائما في جلسات البوح الجماعية التي تنظمها مؤسسة إيطو في كافة القوافل الميدانية”.
وكشفت المتحدثة ذاتها أن “العديد من هؤلاء النساء كنّ يشتغلن في الضيعات الفلاحية ويعشن منها ويقمن برعي الغنم، لكن كل شيء تضرر بسبب زلزال الثامن من شتنبر”، مضيفة: “الدولة يجب أن تفكر في صيغ لكي تضمن تمكينا اقتصاديا يوقف تأنيث الفقر ويقلّص الهشاشة تدريجيّا من خلال توفير المرافق الضرورية والأساسية وتهيئة الطّرق، خصوصا بعدما ازداد وضع النساء سوءا بسبب انعزال العديد من الدواوير غداة اهتزاز الأرض”.
وخلصت إخيش إلى أن “الفترة التي تسبق إعادة الإعمار هي بدورها محورية للعمل على محاربة الهشاشة في صفوف النّساء بتلك المناطق”، لافتة الانتباه إلى أن “خطة البناء يجب أن تشمل العمران والإنسان، من خلال تطوير أسس العيش الكريم بالنسبة للمرأة وزوجها وعائلتها، على اعتبار أنه خلال الأزمات والكوارث الطبيعية تعاني المرأة بشكل مزدوج”.