الدعم الخارجي يعوض خسائر الزلزال.. وجهود التعافي ترفع الإنفاق
سجلت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني العالمي أن “الدعم الخارجي للمغرب قد يساعد في تعويض الأثر المالي الذي ترتب عن زلزال الثامن شتنبر الذي ضرب أقاليم مغربية عديدة”، راصدة ضمن تحليلاتها وتوقعاتها أن “جهود التعافي في أعقاب الزلزال الذي ضرب المغرب، في أوائل شتنبر، ستؤدي إلى ارتفاع الإنفاق العمومي”.
فيتش”، في تقرير حديث لها (صدر اليوم الخميس 28 شتنبر) وطالعته هسبريس، أثارت الانتباه إلى أن “مخاطر أن يفضي ذلك إلى اتساع العجز المالي على المدى القريب”، قبل أن تستدرك: “لكن من المرجح أن تعوض المساعدة الدولية بعض ضغوط تكلفة إعادة الإعمار، وستقدم التحويلات المرتفعة مزيدا من الدعم للسيولة الخارجية”.
رجح خبراء “فيتش”، تفاعلا مع آثار وتداعيات الزلزال التي وصفوها بـ”تكلفة بشرية مدمرة، إذ أودى بحياة حوالي 3000 شخص تاركا العديد من الجرحى أو المشردين، أن “تؤدي تكاليف الاسترداد إلى زيادة الإنفاق؛ مما يؤدي إلى عجز أكبر وديون أعلى مما توقعنا في وقت المراجعة الأخيرة لتصنيف المملكة”.
وزادت الوكالة معلقة: “عندما أكدنا على تصنيف المغرب ‘بي بي+BB’ مع توقعات مستقرة في أبريل 2023، لاحظنا أن تصنيفاته كانت مقيدة جزئيا بسبب ارتفاع الديْن العام وعجز الميزانية أكبر من نظرائه”.
وذكرت الوكالة باستجابة سريعة للمغرب مع “إعلان السلطات -مؤخرا- عن خطة إعادة إعمار تبلغ قيمتها، على مدى خمس سنوات، حوالي 11.7 مليارات دولار أمريكي، مقدرة ذلك في 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد”. وتابعت بأن “حوالي 30 في المائة من الحجم المخصص يستهدف المساعدة الطارئة وإعادة بناء المساكن وإصلاحها وإصلاح البنية التحتية المتضررة، بما في ذلك المرافق الصحية والتعليمية؛ في حين يركز الباقي على التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة المتضررة”.
ومع ذلك، استرسل تحليل وكالة “فيتش” لافتا إلى أنه “مازال مِن غير الواضح الحصة التي ستتحملها الحكومة ضمن تكاليف خطة إعادة الإعمار”، مستحضرة في السياق عينه أنه “سيتم دعم الإنفاق المخطط له من قِبل صندوق أنشأته السلطات لجمع التبرعات من المواطنين والشركات المحلية. وحتى الآن، جُمعت حوالي 700 مليون دولار أمريكي”.
وتابع المصدر ذاته مسجلا أنه “سيتم توجيه بعض المساعدات الدولية بعد الزلزال من خلال الخطة، على الرغم من أن المبالغ لا تزال غير واضحة إلى حدود هذه المرحلة”، مذكرة بما حدث (في وقت سابق من شتنبر 2023) من “إبرام صندوق النقد الدولي اتفاقا على مستوى الخبراء، لتوفير تمويل طويل الأجل بقيمة 1,3 مليارات دولار أمريكي لمقاومة تغير المناخ؛ لكن هذا لم يكن مرتبطا بشكل مباشر بالزلزال”.
تبعا لذلك، قال خبراء وكالة “فيتش”: “نعتقد أن عنصر الإنفاق الإنمائي في خطة الإعمار يمكن أن يكون مَرنا، اعتمادا على التمويل المتاح”.
توقعات “تمويل خارجي إضافي”
توقعت وكالة “فيتش” أن “تحصل الحكومة المغربية على تمويل خارجي إضافي”، مؤكدة أن ذلك “سيساعد على تعويض تكاليف إعادة الإعمار وزيادة متطلبات الاقتراض”، دون أن تُغفل “تأكيد صندوق النقد والبنك الدوليين وتخطيطهما لعقد اجتماعاتهما السنوية بالمغرب خلال أكتوبر. هذه الأخيرة التي رأت فيها “فيتش” “فرصة للحكومات والمؤسسات الدولية لتقديم المزيد من الدعم التمويلي للمغرب في أعقاب الكارثة الطبيعية”.
وخلصت الوكالة الائتمانية ذاتها إلى أنه “من غير المرجح أن تكون ضغوط السيولة الخارجية كبيرة”؛ على اعتبار أن “المغرب لديه خط ائتمان مرن لمدة عاميْن مع صندوق النقد الدولي – وافق عليه مجلس إدارة الصندوق في أبريل 2023 – بقيمة حوالي 5 مليارات دولار، والتي يمكن للسلطات أن تتطلع إلى الاعتماد عليها إذا رغبت في ذلك”.
بالمقابل، ذهب الخبراء في الوكالة إلى “توقع زيادة في التحويلات النقدية والتبرعات على المدى القصير، حيث من المرجح أن يرسل مغاربة العالم مساعدات إلى أهاليهم، كما حدث خلال جائحة كوفيد19”.
وفق أرقام استشهدت بها “فيتش”، كانت تحويلات الجالية المغربية بالخارج في عام 2022 تعادل حوالي 8.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، قبل أن “ترتفع بالفعل بنسبة 10 في المائة على أساس سنوي في الفترة من يناير إلى يوليوز 2023، لتصل إلى 66 مليار درهم”.
بالنسبة للمصدر ذاته، فإن “السياحة تظل محركا مهما للنمو الاقتصادي بالمغرب وعائدات العملات الأجنبية”؛ بيد أن “الزلزال قد يُعيق جهود التعافي بعد الوباء، لكن الإيرادات زادت بالفعل بنسبة 50.9 في المائة بين يناير ويوليوز (على أساس سنوي)، مما يجعلها أعلى بكثير من مستويات ما قبل الوباء”.
علاوة على ذلك، “أبلغ مُشغلو القطاع السياحي المغربي عن تأجيلات أكثر من عمليات الإلغاء”، أفادت “فيتش” خاتمة بنبرة طمأنة: “بالنظر إلى أن المراكز الرئيسية للنشاط الصناعي المهم بالمملكة، مثل قطاع تصنيع السيارات، لم تكن قريبة من مركز/بؤرة الزلزال، فإنه لا نتوقع أن تتأثر بشكل كبير بتداعياته”.