أخبار العالم

باحثون ينشغلون بالحصول على المعلومات .. و”بوابة شفافية” تتجاوز العثرات



نقاش حول تراكمات وإشكالات تنزيل مضامين القانون الخاص بحق المواطنين في الحصول على المعلومات، حضر في ندوة نظمها المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، بتعاون مع منظمة اليونسكو، الثلاثاء بأحد فنادق العاصمة الرباط، وكشف قرب إطلاق نسخة جديدة من موقع “شفافية” تتجاوز العثرات السابقة، البوابة التي تتيح تقديم وتتبع طلبات الحصول على المعلومات، وفقا للقانون رقم 31 – 13 المنظم لهذا الحق الدستوري.

ورش وطني

وئام المستمد، رئيسة قسم الدراسات بوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة منسقة ورش الحكومة المنفتحة بالمغرب، ذكرت أن “الحكومة المنفتحة ورش وطني”، والمعلوماتُ “أوكسجين الديمقراطية والحكومة المنفتحة أيضا”.

وذكّرت المتحدثة أن من بين المعايير التي كان ينبغي استيفاؤها لانضمام المغرب إلى مصاف الدول ذات “الحكومة المنفتحة” قانون حق الحصول على المعلومات.. ولهذا ولو أن المغرب كان يطمح إلى الانضمام منذ سنة 2012، إلا أن الأمر لم يرسَّم إلا في سنة 2018، بعد صدور القانون رقم 31.13 في الجريدة الرسمية.

وأكّدت المستمد أن “لا محاربة للفساد ولا مساءلة للمسؤولين ولا مشاركة للفاعلين غير الحكوميين” بدون معلومة متاحة، ثم قدمت نماذج إيجابية في تعميم الانفتاح بالمؤسسات المغربية؛ منها “العمل الممتاز للمديرية العامة للجماعات الترابية”، ولو أن الوزارة قد رصدت “تفاوتا في الردود وقيمتها بين الإدارات”.

وكشفت المتحدثة أن “بوابة شفافية” الإلكترونية، التي تيسّر الوصول إلى المعلومات والتواصل مع المؤسسات بشأن طلبات تحقيق ذلك، “كانت فيها نواقص في مساطر الحصول على المعلومات”، و”الخبر الجيد أنه في أكتوبر المقبل من سنة 2023 الراهنة سنطلق النسخة الثانية من هذه البوابة، للرفع من قيمة المعلومات المعالَجة، وتعزيز النشر الاستباقي للمعلومات”، وتحسين معالجة الطلبات”، كما ستوفر خدمة جديدة هي توجيه الطلب نفسه إلى مجموعة من المخاطبين المؤسساتيين، حتى لا يتكرر الاضطرار إلى تجديد الطلب لكل مخاطَب.

“أوكسجين الديمقراطية”

قالت زينب بوزار، باحثة في العلوم السياسية متخصصة في “الحصول على المعلومات”، إن المعلومات “أوكسجين الديمقراطية”، و”لا مشاركة بدون معرفة”.

ونبهت بوزار إلى ضرورة استعمال المواطنين في المجتمع المدني ووسائل الإعلام “قانون الحصول على المعلومات”، لتظهر النقائص التي ينبغي تطويرها في القانون، علما أن الوصول إلى المعلومات “لا يتطلب تبريرا لحاجة الوصول إليها، وهو مجاني باستثناء عندما يريد الطالب نسخا ورقية عنها، أو عندما يطلب التوصل بها عبر البريد العادي”.

وذكرت المتحدثة أن تحسيس المواطنين بحقهم في الوصول إلى المعلومات لا يزال لم يبلغ المستوى المطلوب “ولو كثر الحديث عنه”، كما أن الصحافيين “لا ينبغي أن تعجزهم مدة الحصول على المعلومات، المنصوص عليها قانونا، عن وضع طلبات للحصول على المعلومات التي لا يجدونها متوفرة بصيغة النشر الاستباقي على المواقع الرسمية وجميع وسائل النشر المتاحة”.

وأكّدت المتدخلة على ضرورة الانضباط للقانون في شق “النشر الاستباقي” فيما يتعلق بمختلف المعلومات التي لا تشكل موضوع استثناء قانوني؛ لأنه “كلما زاد النشر الاستباقي، كلما قلّت الطلبات التي تُملأ، وكلما خفّ الحمل على المكلفين بتلبيتها”.

حرية الصحافة مضمونة

مصطفى أمدجار، مدير مديرية الاتصال والعلاقات العامة بقطاع التواصل، قال، في كلمته التي ألقاها نيابة عن وزير الشباب والثقافة والتواصل، إن من أولويات مختلف المتدخلين في المجال “كيفية بناء نسق إعلامي متماسك يسمح للمواطنين بالحصول على المعلومة، وتداولها بشكل سليم، وبعيدا عن أي تضليل أو تزييف للحقائق”.

وأضاف: “يشكل موضوع الأخبار الزائفة وكيفية التصدي لها أحد التحديات الكبرى أمام مجتمعات اليوم، حيث لم يعد أي مجتمع في منأى عن هذا الوباء الذي يهدد بتقويض أسس التعايش والديمقراطية الناشئة ويدخل الأفراد والمجتمعات في متاهات فقدان الثقة في كل البنيات والمؤسسات الاجتماعية والسياسية”.

وذكر المتدخل أن “التطور المؤسساتي والتشريعي بالمملكة” قد ساهم في “تعزيز حرية الرأي والتعبير، وتكريس محورية الصحافة المهنية في تأطير المجتمع وتعبئته وتوعيته عبر مختلف مراحل البناء الديمقراطي؛ وهو ما تم تتويجه في دستور سنة 2011 بمبادئ واضحة تؤكد أن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية””.

وأضاف: “لقد جاء ليكرس حق الصحافيين في ممارسة المهنة بكل حرية، وأيضا لضمان حق المواطن في إعلام مهني متعدد ومسؤول من خلال علاقة يلعب فيها الصحافي دور الوسيط في الوصول إلى المعلومة الموثوقة وذات المصداقية، في غمرة ثورة تكنولوجية تجعلنا أمام تدفق هائل للمعلومات.

ولهذا، “عملت المملكة على تطوير الإطار القانوني المنظم للمهنة من خلال مدونة متقدمة للصحافة، جاءت بمجموعة من المستجدات إن على مستوى الحريات أو التنظيم الذاتي للمهنة أو وضع إطار قانوني وتنظيمي متقدم لوضعية الصحافي المهني. كل ذلك وفق رؤية استراتيجية تقوم على تحصين المهنة وضمان ممارساتها وفق القواعد المتعارف عليها دوليا”.

كما “جرى الاشتغال على تطوير آليات تقوية النموذج الاقتصادي للمقاولات الإعلامية، أخذا بعين الاعتبار التحولات الحاصلة في المجال الإعلامي”، مسجلا في السياق نفسه أن “جائحة كورونا” قد جاءت “لتؤكد مكانة الصحافة الوطنية داخل المجتمع، حيث تم العمل على تعزيز صمود المؤسسات الإعلامية من خلال منظومة الدعم العمومي الموجه للصناعة الصحافية تسعى إلى تمكين المقاولات الصحافية من الاستمرار في أداء رسالتها الإعلامية ومواكبة هيكلة المقاولات الإعلامية؛ في إطار رؤية وقناعة راسختين بأن مهنة الصحافة في بلادنا ركيزة أساسية من ركائز البناء الديمقراطي، وعنصر من عناصر الثقة فيه”.

وتحدث أمدجار عن “الدور الأساسي لوسائل الإعلام في تحسيس المجتمع وتوعيته أولا بمحورية الصحافة في الوصول إلى الخبر الموثوق من مصدره الأول، ولا سيما إبان الأزمات، حيث تتعاظم الحاجة إلى مزيد من الأخبار الموثوقة”.

وأبرز المتدخل أن “كارثة زلزال الحوز” قد شكلت “فرصة لاختبار منظومتنا الإعلامية وقدرتها على لعب دور محوري في مواكبة الرأي العام ومده بالأخبار والمعلومات الضرورية لمواجهة الشائعات والأخبار المفبركة”، وهذه المنظومة “وعلى الرغم من الإكراهات التي تحيط بها، أظهرت حيوية في مواكبة الأحداث، وتمكين المواطنين من معلومات ذات مصداقية”.

وزاد: “لقد ساهم الانفتاح الكبير على وسائل الإعلام الدولية، من خلال تمكين أزيد من 300 صحافي ومبعوث لأزيد من تسعين مؤسسة إعلامية دولية من الاعتمادات، وتسهيل وصولها إلى المناطق المتضررة، وتوفير كل الظروف للقيام بمهامها من خلال الوصول إلى المعلومة، في تعزيز تدفق الاخبار بشكل عام وفقا للمعايير المطلوبة”.

لكن، على الرغم من هذه الجهود؛ فقد “تم رصد انزياح بعض وسائل الإعلام الدولية عن أدوارها وتحوُّلها إلى أدوات لبث ونشر أخبار موجهة، بهدف خلق قناعات معينة لدى الجمهور”؛ وهو ما اعتبرته الوزارة “تعديا على أعراف مهنة الصحافة والإعلام، وخروجا عن قواعدها يسائل الادعاءات التي ما فتئ البعض يكررها حول مفاهيم الحرية والمصداقية والحياد”.

مدونة للصحافة والنشر

حسن فرحان، قاض ورئيس وحدة قضايا الصحافة بالنيابة العامة، قال إن النيابة العامة، “بمقتضى الدستور والقوانين في حناية الحقوق والحريات واعتبارا للمهام التي أسند إليها المشرع بمقتضى القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر”، تضع “قضايا الصحافة والنشر ضمن أولوياتها في تنفيذ السياسة الجنائية ذات الصلة بحماية حقوق وحريات المواطنين، مستهدفة ضمان التفعيل الناجع والفعال للنصوص القانونية التي تضمن حرية الصحافة والحق في التعبير والرأي، بما ينسجم مع الالتزامات الدستورية للمملكة المغربية، باحترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وانخراطها النشيط في الآليات الأممية لحقوق الإنسان وتفاعلها الإيجابي مع المنظمات الحقوقية”.

وتابع: “عمل المشرع على إصدار مدونة لصحافة والنشر كرست مفهوم حرية الصحافة والحق في التعبير من خلال عدم فرض قيود مشددة على إصدار الصحف والجرائد، والاكتفاء بمسطرة التصريح القبلي، وتعزيز دور القضاء في ضمان حرية الصحافة بجعله الجهة الحصرية المختصة بتلقي تصريحات إصدار الصحف واتخاذ التدابير المتعلق بالإيقاف والحجب والحجز”.

ثم أضاف: “دعم القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر الممارسة المهنية للصحافة؛ من خلال تحديد الحقوق والواجبات، وإقرار الحماية القضائية لسرية مصادر الخبر، وضمان الحق في الحصول على المعلومات، ووضع ضمانات قانونية لحماية الصحافيين، والتأكيد على التزام الدولة بحماية الصحافيين من الاعتداءات التي قد تقع عليهم بمناسبة ممارسة مهامهم. كما ألغى القانون 88.13 العقوبات السالبة للحرية من لائحة العقوبات التي تطبق على الصحافيين في حالة ارتكاب أحد الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون”.

وواصل: “لقد عززت ضمانات المحاكمة في قضايا الصحافة والنشر، عبر تمكين الصحافي من تقديم ما يثبت صحة الواقعة التي توبع من أجلها بجنحة القذف، طيلة مراحل الدعوى؛ وذلك انسجاما مع حقوق الدفاع المخولة للجميع وفقا للمبادئ العامة. كما عمل المشرع، من خلال قانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين، على تقوية شروط الولوج إلى المهنة وتعزيز استقلال الصحافي والمؤسسة الصحافية”.

وذكر المتحدث أنه “إذا كان الاقتناع راسخا لدى المجتمع اليوم في أن حرية الصحافة ركيزة أساسية ومكون رئيسي في بناء المجتمع الديمقراطي الذي يتاح فيه للجميع المشاركة ممارسة نوع من الرقابة الشعبية على تدبير الشأن العام وحماية مصالح المجتمع وترقية سلوك أفراده عبر ممارسة حرية التعبير والفكر والحق في استقاء المعلومات والأخبار ونشرها وتبادلها مع الآخرين بحرية ودون قيود، باستثناء تلك التي يضعها القانون مما يسهم في بناء دولة الحق والقانون، فإن النقاش المجتمعي والقانوني والحقوقي يتمحور اليوم حول كيفية تحقيق التوازن بين ممارسة حرية الصحافة والحق في التعبير والرأي وبين حماية باقي الحقوق والمصالح التي كرستها المواثيق الدولية والقوانين الوطنية”.

واسترسل شارحا: “الحرية المطلقة، التي تتحلل من أي قيود قانونية أو ضوابط، قد تؤدي إلى الانحراف عن الأهداف النبيلة لمهنة الصحافة وتسقطها في التعسف الذي ينتهك حرمة باقي الحقوق والحريات المحمية في إطار المنظومة الكونية لحقوق الإنسان. لذلك، فإن المواثيق والاتفاقيات الدولية تجيز فرض قيود وضوابط قانونية على ممارستها هو ما أشرت الفقرة الثالثة من المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي أباحت وجود قيود على حرية التعبير على أن تذكر في القانون”.

وفي سبيل “التصدي لظاهرة الأخبار الزائفة”، ذكر المتحدث أنه “ارتباطا بالظروف الاستثنائية التي عرفها المغرب خلال السنوات الفارطة فيما يتعلق بجائحة كورونا أو التي شهدها المغرب خلال الأيام الأخيرة من جراء كارثة زلزال الحوز”، جعلت “رئاسة النيابة العامة أمام هذه الظروف الاستثنائية من الحق في الوصول إلى المعلومات الصحيحة ومحاربة انتشار المحتويات المضللة والأخبار الزائفة أولوية مرحلية تصدت لها النيابات العامة منذ تسجيل الحالات الأولى ببلادنا عبر توجيه تعليمات إلى الشرطة القضائية من أجل فتح أبحاث قضائية حول ما يتم نشره من أخبار مضللة وكذا فتح رئاسة النيابة العامة قنوات التواصل مع الرأي العام؛ إما من خلال المشاركة في البرامج التلفزيونية أو الإذاعية، أو من خلال إصدار البلاغات لتوضيح المغالطات وتنوير الرأي العام”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى