انقلاب النيجر: “فرنسا تعتبرنا حمقى”
- Author, مايني جونز
- Role, بي بي سي- نيامي
تعد النيجر التي تقع غرب أفريقيا إحد أكثر الدول في العالم تعرضا لهجمات الجهاديين، ويأتي ذلك بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد، قبل نحو شهرين.
وربما يصبح الوضع أكثر سوءا بعد قرارا سحب أكثر من 1500 جندي فرنسي، من البلاد.
وتمكن مراسل بي بي سي مايني جونز، من الوصول إلى النيجر والتحدث مع أشخاص من قلب النظام، وبعض مؤيديهم ومعارضيهم أيضا.
أداما مايغا، تتحدث بشكل ناعم، لكن عينيها تعكس شدة التصميم.
الأم التي تعيش بمفردها مع طفليها، تقطن في منطقة تعيش فيها الطبقة الوسطى، في قلب العاصمة نيامي، لكن أصولها تعود إلى منطقة تيلابري التي تشهد العديد من الهجمات بشكل متكرر.
وتقول “قريب والدتي كان يعمل طباخا في إحدى القرى، وتم اغتياله قبل سبعة أشهر”.
وتضيف “كان الإرهابيون يبحثون عنه، وعندما وجدوه يحاول الهرب في سيارته، أمسكوا به، وقتلوه”.
وتحمل أداما فرنسا المسؤولية عن خسارتها، وعن كل ما يجري، ففرنسا تمتلك 1500 جندي في البلاد، يقومون بمحاربة الإسلاميين المتشددين.
وتقول “لست أفهم كيف يقولون إن جنودهم يحاربون الإرهابيين، والوضع يزداد سوءا كل عام”؟
وكانت النيجر تعد آخر حليف لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي الغربي، وهي المنطقة التي أصبحت مرتعا للجهمات الإسلامية المسلحة، رغم وجود قوات فرنسية وأمريكية في المنطقة، وتوجد أكبر قاعدة للمسيرات الأمريكية فيها.
وقد تحولت الساحة السياسية إلى مرجل يغلي بعدما رفضت فرنسا الاعتراف بسلطة الانقلاب.
ويعتقد الكثير من المواطنين، أن فرنسا لديها تأثير قوي على جميع عناصر الساحة السياسية، وعلى المصادر الرئيسية للثروة في البلاد، منذ فترة طويلة.
وينظر هؤلاء إلى الانقلاب على أنه فرصة للتخلص من هذا التأثير الفرنسي.
وتصاعد الغضب بعد رفض فرنسا الاعتراف بسلطة الانقلاب، ووصل إلى توجية طلب من قبل النخبة العسكرية الحاكمة لفرنسا بسحب سفيرها، وقواتها من البلاد.
ورفض الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون الاستجابة لهذه المطالب، لكنه لاحقا أعلن قبولها، مبررا قراره بأن السلطة الجديدة في النيجر، “لم تعد مهتمة بمحاربة الإرهابيين”.
والتقيت بعض المتظاهرين من بين المئات الذين تجمعوا خارج القاعدة العسكرية التي تستضيف القوات الفرنسية، في نيامي، وكان بعضهم يخيم لأيام في نفس المكان ضمن احتجاجات متواصلة.
وأدى المتظاهرون صلاة الجمعة الماضية في نفس المكان ولم يغادروه.
وخلال حديثه للمتظاهرين قال أحدهم “تماما كالطلاق بين الرجل وزوجته، يجب أن يأخذ الطرفان بعض الوقت، وكذلك سيكون الطلاق بين النيجر وفرنسا”.
وقال الرجل نفسه لي بعدما أنهي حديثه، “في كل منطقة الساحل، النيجر هي أفضل شريك لفرنسا، لكنها فرنسا التي ترفض الآن الاعتراف بالسطلة الجديدة، التي نريدها”.
وأضاف “كان من الممكن أن تخرج فرنسا من البلاد ببساطة بعد الانقلاب، ثم تعود لاحقا لتتفاوض، لكن لماذا رفضت فرنسا الاعتراف بسلطة الانقلاب عندنا وقبلته في الغابون وتشاد في السابق، هذا هو ما يثير غضبنا عليها، لأنها تتعامل معنا كأننا حمقى”.
الحاكم العسكري الجديد للعاصمة نيامي، عثمانا هارونا، الذي يظهر عادة في زيه العسكري، الأخضر، قال لي خلال مقابلة صحفية، إن الشعب النيجري يرغب في رؤية البلاد مزدهرة، ومستقلة، وتحظى بالاحترام في الخارج، وعندما سألته عما إذا كانت البلاد آمنة من الهجمات الإرهابية رد قائلا إن الجيش طالما عمل دوما على حماية الشعب، ويمكنه مواصلة ذلك دون شراكة مع الخارج.
وبعد التهديديدات التي وجهتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقا “إيكواس” للنيجر بغزو البلاد مالم تتم إعادة الرئيس المخلوع، محمد بازوم إلى السلطة، حدث تحالف عسكري بين بوركينا فاسو، ومالي، والنيجر، في 16 من الشهر الجاري.
وضمن الاتفاق تعهدت الدول الموقعة على مساعدة بعضها في حال التعرض لغزو أجنبي، أو وقوع انقلاب عسكري.
ويقول فاهيرمان كونيه، مدير مشروع الساحل، في معهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا إن مغادرة فرنسا، المنطقة، ستؤدي إلى المزيد من انعدام الأمن في النيجر، كما حدث سابقا في مالي المجاورة.
ويشير إلى أن التعاون العسكري الجديد في منطقة الساحل بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، يغير قواعد اللعبة في المنطقة بشكل جذري.
ويضيف كونيه “نقص التعاون بين الدول الثلاث، كان واحدا من الأسباب التي ساعدت الجماعات الإرهابية للعمل بسهولة والتنقل عبر حدودها المشتركة، ويوجد تعاون بين جماعتين أو ثلاث على الأقل، تعمل بين مناطق الدول الثلاث”.
وكانت العلاقات الوثيقة بين الرئيس السابق، بازوم وفرنسا تثير الغضب في الأوساط الشعبية.
وكان وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، قال للصحفيين في كينيا الإثنين إن بلاده لم تدخل أي تغييرات على وجود قواتها في النيجر.
لكنه أكد أنها ستواصل تقدير الموقف وستراجع أولوياتها مع تطور الأوضاع هناك، سواء على الصعيد الديمقراطي، أو الأمني.