ناغورنو كاراباخ: فرار الآلاف وأرمينيا تحذر من خطر التطهير العرقي
- Author, كاثرين أرمسترونغ وناتاليا زوتوفا
- Role, بي بي سي نيوز
واصلت أفواج متزايدة من اللاجئين من أصل أرمني، الفرار من ناغورنو كاراباخ بعد استيلاء أذربيجان على المنطقة المتنازع عليها الأسبوع الماضي.
وعبر أكثر من 6500 شخص حتى الآن إلى أرمينيا، من الجيب الذي تسكنه أغلبية أرمنية تقدر بنحو 120 ألف أرمني.
وغادر الأرمن بعد أن أعلنت الحكومة في يريفان عن خطط لنقل الذين شردوا بسبب القتال، كما حذرت من أن من تبقوا في الإقليم قد يواجهون تطهيرا عرقيا.
لكن أذربيجان تؤكد رغبتها في إعادة دمج الأرمن باعتبارهم “مواطنين متساوين”.
وتحدثت بي بي سي إلى بعض اللاجئين الذين وصلوا إلى مدينة غوريس يوم الأحد، القريبة من الحدود بين أرمينيا وكاراباخ.
وقال أحد الرجال: “لقد بذلت حياتي كلها من أجل وطني، وكنت أفضل أن يقتلوني بدلا من هذا”.
وقالت سيدة تدعى فيرونيكا لبي بي سي إن هذه هي المرة الثانية التي تصبح فيها لاجئة، بعد أن كانت المرة الأولى خلال الصراع في عام 2020.
وباتت الساحة الرئيسية في غوريس مزدحمة، وتحول المسرح القريب إلى قاعدة للصليب الأحمر.
وأوضحت تاتيانا أوغانيسيان، الطبيبة ورئيسة مؤسسة الأطباء والمتطوعين التي تساعد اللاجئين الآن في غوريس، لبي بي سي، أن الذين يأتون إلى الأطباء يشعرون بالإرهاق وسوء التغذية، كما أن نفسيتهم محطمة.
وقالت: “الناس مصدومون، ويقولون لنا: أحتاج إلى حبوب، لونها أزرق”، ما يتطلب من الأطباء البحث لمعرفة أدويتهم وتقديمها لهم.
وتقول سيدة مسنة وصلت لتوها إلى غوريس: “ليس لدينا أي شيء”، مشيرة إلى سترتها التي تقول إنها كل ما أمكنها جلبه من منزلها، وبالقرب منها ابنها يقف على عكازين.
وفي قرية كورنيدزور القريبة، قال اللاجئون الذين كانوا قيد العلاج، إنهم لا يأمنون على أنفسهم في ظل الحكم الأذربيجاني، ولم يتوقعوا أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم على الإطلاق.
وقالت الحكومة الأرمينية في بيان يوم الأحد، إن مئات اللاجئين حصلوا بالفعل على مساكن تمولها الحكومة.
لكنها لم تصدر خطة واضحة لكيفية التعامل مع تدفق الناس. وأعلن رئيس الوزراء نيكول باشينيان الأسبوع الماضي عن وضع خطط لرعاية ما يصل إلى 40 ألف لاجئ.
وقال الأرمن الذين تحدثت إليهم بي بي سي، إنهم مستعدون لاستقبال اللاجئين في منازلهم.
في الوقت نفسه، جرى اعتقال أكثر من 140 شخصا في يريفان يوم الاثنين، في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة المناهضة للحكومة، وفقا لوسائل الإعلام المحلية التي نقلت الأخبار عن وزارة الداخلية في البلاد.
وقالت وكالة تاس للأنباء إن القوات الخاصة بدأت في اعتقال المتظاهرين الذين أغلقوا الطرق في يريفان.
وتمركزت الشرطة أيضا خارج المبنى الحكومي الرئيسي الذي يضم مكتب رئيس الوزراء، الذي حاول المتظاهرون اقتحامه.
واندلعت الاحتجاجات لأول مرة الأسبوع الماضي، بسبب تعامل الحكومة مع الأزمة في ناغورنو كاراباخ.
وقد اتُهم باشينيان بتقديم الكثير من التنازلات لأذربيجان، وتعالت دعوات لاستقالته.
ووافقت القوات الانفصالية الأرمنية في الإقليم على نزع أسلحتها يوم الأربعاء، في أعقاب هجوم عسكري أذربيجاني خاطف.
وقالت أرمينيا مرارا وتكرارا إن النزوح الجماعي من المنطقة سيكون خطأ السلطات الأذربيجانية.
وفي خطاب تلفزيوني يوم الأحد، قال باشينيان إن الكثيرين داخل الجيب “سيرون إبعادهم عن الوطن، السبيل الوحيد للخروج”، ما لم توفر أذربيجان “ظروف معيشية حقيقية” و”آليات فعالة للحماية من التطهير العرقي”.
وكرر أن حكومته مستعدة “للترحيب بمحبة بإخوتنا وأخواتنا”.
لكن ديفيد بابايان، مستشار زعيم العرق الأرمني في ناغورنو كرباخ سامفيل شهرامانيان، قال لرويترز إنه يتوقع مغادرة الجميع تقريبا.
وقال إن شعبه “لا يريد العيش كجزء من أذربيجان، فـ 99.9 في المئة يفضلون مغادرة أراضينا التاريخية”.
وقال لرويترز “مصير شعبنا الفقير سيسجل في التاريخ وصمة عار وخزيا للشعب الأرمني وللعالم المتحضر كله”.
وأضاف: “يوماً ما، سيُحاسب المسؤولون عن مصيرنا أمام الله على خطاياهم”.
ويعد إقليم ناغورنو كاراباخ، المنطقة الجبلية في جنوب القوقاز، جزءا من أذربيجان باعتراف دولي، لكن مناطق واسعة من الإقليم كانت تحت سيطرة الأرمن لمدة ثلاثة عقود.
ويحظى الإقليم بدعم من أرمينيا، وكذلك من حليفتها روسيا، التي تنشر مئات الجنود هناك منذ سنوات.
وقُتل خمسة من قوات حفظ السلام الروسية، إلى جانب ما لا يقل عن 200 من الأرمن وعشرات الجنود الأذربيجان، عندما اجتاح الجيش الأذربيجاني المنطقة في وقت سابق من الأسبوع الماضي.
وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية، الأحد، إنها صادرت المزيد من المعدات العسكرية، بما يشمل عددا كبيرا من الصواريخ وقذائف المدفعية والألغام والذخيرة.
وعلى الرغم من تصريحات المسؤولين في أذربيجان لطمأنة الأرمن، إلا أن هناك مخاوف مستمرة بشأن سكان ناغورنو كاراباخ، حيث لم يُسمح إلا بتمرير دفعة واحدة من المساعدات، مكونة من 70 طناً من المواد الغذائية، منذ أن قبل الانفصاليون وقف إطلاق النار ووافقوا على نزع أسلحتهم.
ويقول زعماء العرق الأرمني إن الآلاف يعيشون بدون طعام أو مأوى وينامون في الأقبية أو المباني المدرسية أو خارجها.