ناغورنو كاراباخ: الأرمن يغادرون البلاد وسط مخاوف من التطهير العرقي
- Author, أولغا إيفشينا وروبرت بلامر
- Role, بي بي سي نيوز
وصلت المجموعة الأولى من عرق الأرمن الذي كان يسكن ناغورنو كاراباخ إلى أرمينيا، بعد أيام من سيطرة أذربيجان على الإقليم.
وضمت المجموعة الأولى نحو 40 شخصا، وذلك بعد وقت قصير من إعلان المسؤولين المحليين عن خطط لنقل المشردين بسبب القتال.
وسيطرت أذربيجان على المنطقة التي يسكنها نحو 120 ألف شخص من العرق الأرمني مطلع الأسبوع الجاري، وتقول إنها تريد إعادة دمجهم “كمواطنين متساوين”.
ومع ذلك، حذرت أرمينيا من أنها قد تواجه تطهيرا عرقيا، وقالت إنها ستساعد أي شخص يغادر، لكنها قالت مراراً وتكراراً إن النزوح الجماعي سيكون خطأ السلطات الأذربيجانية.
وفي خطاب تلفزيوني يوم الأحد، قال رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشانيان إن الكثيرين داخل الجيب “سيرون إبعادهم عن الوطن، السبيل الوحيد للخروج” ما لم توفر أذربيجان “ظروف معيشية حقيقية” و”آليات فعالة للحماية من التطهير العرقي”.
وكرر أن حكومته مستعدة “للترحيب بمحبة بإخوتنا وأخواتنا”.
لكن ديفيد بابايان مستشار زعيم العرقي الأرمني في ناغورنو كاراباخ سامفيل شهرامانيان، قال لرويترز إنه يتوقع مغادرة الجميع تقريبا.
وقال إن شعبه “لا يريد العيش كجزء من أذربيجان، فـ 99.9 في المئة يفضلون مغادرة أراضينا التاريخية”.
وقال لرويترز “مصير شعبنا الفقير سيسجل في التاريخ وصمة عار وخزيا للشعب الأرمني وللعالم المتحضر كله”.
وأضاف: “يوماً ما، سيُحاسب المسؤولون عن مصيرنا أمام الله على خطاياهم”.
ويعد إقليم ناغورنو كاراباخ، المنطقة الجبلية في جنوب القوقاز، جزءا من أذربيجان باعتراف دولي، لكن مناطق واسعة من الإقليم كانت تحت سيطرة الأرمن لمدة ثلاثة عقود.
ويحظى الإقليم بدعم من أرمينيا، وكذلك من حليفتها روسيا، التي تنشر مئات الجنود هناك منذ سنوات.
وقُتل خمسة من قوات حفظ السلام الروسية، إلى جانب ما لا يقل عن 200 من الأرمن وعشرات الجنود الأذربيجان، عندما اجتاح الجيش الأذربيجاني المنطقة في وقت سابق من هذا الأسبوع.
انتقادات لروسيا
وفي خطابه التلفزيوني، لمح رئيس الوزراء الأرميني إلى أن روسيا لم تهبّ للدفاع عنها في الصراع.
وتقول روسيا إنها قدمت مساعدات لكن حجمها غير معروف.
وكررت تصريحاته انتقادات بأن موسكو سلمت ناغورنو كاراباخ فعليا إلى أذربيجان، وهو اتهام وصفه وزير الخارجية الروسي بأنه “سخيف”.
وقال سيرغي لافروف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: “لقد قامت يريفان وباكو بتسوية الوضع بالفعل، وحان الوقت لبناء الثقة المتبادلة”.
وحثت أرمينيا يوم السبت الأمم المتحدة على إرسال بعثة لمراقبة حقوق الأرمن في ناغورنو كاراباخ، معللة ذلك بأن وجودهم ذاته أصبح الآن مهددا.
وتنفي أذربيجان هذا الاتهام، قائلة إنها تريد إعادة دمج سكان المنطقة من العرق الأرمني كمواطنين لهم حقوق متساوية في البلاد.
وقالت أذربيجان يوم السبت إنها تعمل مع قوات حفظ السلام الروسية في ناغورنو كاراباخ لنزع سلاح القوات الأرمينية، الذي يعد أحد مطالبها الرئيسية مقابل وقف إطلاق النار.
مخاوف إنسانية
وعلى الرغم من تصريحات المسؤولين في أذربيجان لطمأنة الأرمن، إلا أن هناك مخاوف مستمرة بشأن سكان ناغورنو كاراباخ، حيث لم يُسمح إلا بتمرير دفعة واحدة من المساعدات مكونة من 70 طناً من المواد الغذائية.
وتعد قافلة الصليب الأحمر الدولي، الحزمة الأولى التي تصل إلى المنطقة المتنازع عليها، منذ سيطرة أذربيجان عليها في عملية خاطفة قبل خمسة أيام، بعد قبول الانفصاليين وقف إطلاق النار وموافقتهم على نزع أسلحتهم.
ويقول زعماء العرق الأرمني إن الآلاف يعيشون بدون طعام أو مأوى، وينامون في الأقبية أو المباني المدرسية أو خارجها.
وقال مسؤولون في كاراباخ إن آلاف عدة من النازحين من القرى والذين انفصلوا عن أقاربهم، ينامون الآن في خيام أو في الهواء الطلق بالقرب من المطار في مدينة ستيباناكيرت الرئيسية، والمعروفة باسم خانكيندي في أذربيجان.
وصرح مسؤول أذربيجاني لبي بي سي إنه “لا أحد يطرد أحدا”، مضيفا: “لو لم نهتم بالمدنيين والنساء والأطفال، لدخلنا خانكندي ببساطة”.
مغادرة اختيارية
أبدت أذربيجان استعدادها للعفو عن مقاتلي كاراباخ الذين يسلمون أسلحتهم ويمكنهم المغادرة إلى أرمينيا إذا اختاروا ذلك.
وقال مسؤول آخر إن الجيش أعد مخيمات للاجئين خارج كاراباخ “جاهزة لاستقبال المدنيين”، لكن هناك قدرا كبيرا من عدم الثقة على الجانبين، وقد لا يكون العديد من الأرمن على استعداد للانتقال.
من جهتها، أقامت أرمينيا أيضا منشآت لاستيعاب آلاف المدنيين، لكن رئيس الوزراء نيكول باشينيان قال إنه لا يريدهم أن يغادروا ما لم يضطروا إلى ذلك.
وقال سكان خانكيندي/ستيباناكيرت لبي بي سي إن الكثيرين قد يختارون المغادرة.
وقال الصحفي سيرانوش سركسيان: “لا أعرف أحداً يريد البقاء هنا. لدي أقارب كبار في السن فقدوا أبناءهم في حروب سابقة ويفضلون الموت هنا”.
وأضاف: “لكن بالنسبة لمعظم الناس، بالنسبة لجيلي، فهي بالفعل حربهم الرابعة”.
وقال السناتور الأمريكي غاري بيترز، الذي يقود وفدا من الكونغرس إلى الحدود الأرمينية الأذربيجانية، إن الناس في ناغورنو كاراباخ “خائفون للغاية”، داعيا إلى إنشاء بعثة مراقبة دولية.
وقال: “أعتقد أن العالم بحاجة إلى أن يعرف بالضبط ما يحدث هناك. لقد سمعنا من الحكومة الأذربيجانية أنه لا يوجد ما يستدعي القلق، لكن إذا كان الأمر كذلك، فينبغي السماح للمراقبين الدوليين بالتحقق”.
أسلحة الأرمن
من ناحية أخرى، استعرض الجيش الأذربيجاني الأسلحة الثقيلة التي استولى عليها في إقليم ناغورنو كاراباخ، وكانت الدبابات والبنادق وقذائف آر بي جي، من بين الأسلحة التي عُرضت أمام بي بي سي، بعد فتح الباب للصحفيين.
وفي المقر العسكري في شوشة، بالقرب من العاصمة الإقليمية، قام المسؤولون العسكريون الأذربيجان بوضع الأسلحة التي تخلى عنها الانفصاليون.
وتضمنت الأسلحة التي جرت مصادرتها ما يبدو أنها دبابة من طراز T-72، إلى جانب ناقلات جند مدرعة من طراز BMP-2 ورشاشات وبنادق هجومية ودروع وألغام.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه تم تسليم ست مركبات مدرعة وأكثر من 800 بندقية ونحو 5000 وحدة من الذخيرة حتى الآن.
وتقدر بي بي سي المساحة التي تخزن فيها الأسلحة بما يعادل نصف ملعب كرة قدم.