كيف يستخدم سجناء مقاطع فيديو عائلية لتخفيف العقوبة في سجون أمريكا؟
- Author, تيم بروك
- Role, بي بي سي- نيويورك
يتجه أشخاص مدانون بارتكاب جرائم في الولايات المتحدة، إلى حيلة جديدة لكسب تعاطف القضاة وهيئات المحلفين والمدعين العموم، من خلال مقاطع فيديو قصيرة توثق حياتهم، ليتم النظر إليهم كأشخاص كاملين يستحقون الخلاص، بل وحتى التسامح معهم، وليس مجرد متهمين بجرائم.
ويظهر أوغوستا “جوسي” كلاي، بمظهر جميل في الفيديو وهو يجلس حاملا طفلا على ركبته، بينما كانت شريكته منذ 16 عاما وتدعى تانيشا، تسهب في كيل المدح له.
وهناك أيضا صور لـ “جوسي” وهو يعيش أوقات سعيدة في ملعب مع الأطفال وعلى الشاطئ في يوم مشمس. ويظهر في الفيديو كشاب محب ويحظى بحب واهتمام المقربين منه.
كل هذه الصور لم تكن مناسبات عائلية لجوسي، بل كانت مقطع فيديو مجهز، وهو يمثل أداة رقمية جديدة يستخدمها المحامون الأمريكيون لإقناع القضاة بالتعاطف مع موكليهم.
ويمكن لمقاطع الفيديو، التي تم إنتاجها بدرجة عالية من الاحترافية، أن تساعد في تقديم قصة حياة الشخص المتهم، وتوضيح الجوانب المختلفة بها لتكون في أفضل سياق ممكن.
بالطبع ليست هذه الأفلام القصيرة مثل أفلام هوليوود البراقة، ولكنها قد تشمل نفس التجهيزات من استخدام الموسيقى وتقنيات الإنتاج المعقدة. والبعض الآخر، مثل الذي يروي قصة أوغوستا كلاي، أكثر وضوحا.
واعترف كلاي بالذنب في محاولة السرقة من الدرجة الثالثة، وهي جناية منخفضة المستوى، وكان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 12 شهرا في سجن جزيرة ريكرز، سيئ السمعة في مدينة نيويورك، وذلك بعد انتهاكه الإفراج المشروط عنه.
في وقت تصوير الفيديو، كان في حالة يرثى لها: كان يعاني من السرطان والتليف الكيسي. كان مسجونا في جزيرة ريكرز في ذروة تفي وباء كوفيد 19 في السجن، وتوسل إلى أن يتم السماح له بالخروج المبكر من السجن.
ويقول في الفيديو: “أخشى أن أموت في السجن”.
ولا توجد أرقام محددة حول مدى شيوع مقاطع الفيديو المخففة، ربما لأن المحامين العامين في الولايات المتحدة يستخدمونها منذ فترة قصيرة.
ولكن في بلد مثل الولايات المتحدة، حيث يوجد واحد من أعلى معدلات السجن في العالم، ينظر المحامون بشكل متزايد إلى هذه التدابير على أنها أداة فعالة يمكنها في كثير من الأحيان تقليل أحكام السجن.
وتوضح ريجينا أوستن، مديرة برنامج بنسلفانيا للأفلام الوثائقية والقانون، وهي شخصية رائدة في استخدام مقاطع الفيديو المخففة، إنها يمكن أن تكون فعالة، لأنها تزيل وصمة العار عن شخص خلف القضبان.
وتقول ريجينا، “في أذهاننا مفاهيم حول شكل المجرمين، وكيف تبدو أصواتهم، ومن أين أتوا، وهي صورة مركبة. وأحد الأشياء التي يمكن أن تفعلها مقاطع الفيديو هذه أنها تستهدف هذه الصورة ومحاولة تغييرها في العقل، من خلال توفير السياق المناسب”.
وتأمل نيكول مول، التي تقود مشروع فيديوهات تخفيف العقوبة في جمعية المساعدة القانونية، وهي أقدم وأكبر شركة محاماة في أمريكا للأفراد ذوي الدخل المنخفض، أن تصبح مقاطع الفيديو هذه أكثر شيوعا.
وتقول: “أحد أهدافنا الكبيرة هو الحصول على المزيد منها حتى يتمكن عملاؤنا، ومحامو الدفاع العام عنهم، من الحصول على نفس فرصة التمثيل الجيد أمام المحكمة، مثل تلك التي يتمتع بها المدانون الأخرون ذات الإمكانيات الكبيرة في الدفاع عن أنفسهم.”
وتقول إن مقاطع الفيديو المخففة تساعد القضاة على رؤية إنسانية العملاء، “ما الذي يدفعهم، وما الذي يضعهم للوقوف في هذا الموقف، وما الذي يجب أن نفعله كمجتمع، بدلا من سجنهم”.
لكن هناك منتقدين يعارضون مقاطع الفيديو.
وتصفها جنيفر هاريسون، المديرة التنفيذية لمجلس إصلاح حقوق الضحايا، بأنها “صفعة على وجه الضحايا”.
وقالت لبي بي سي: “كل التعاطف والتركيز منصب على المجرم. إذا كان سيُسمح لهم باستخدام مقاطع الفيديو هذه لصالح المجرمين، فيجب أن يتمتع ضحاياهم بنفس الرفاهية”.
ومع ذلك، يشير متحدث باسم المساعدة القانونية إلى أنه بموجب قانون نيويورك، يمكن لضحايا الجريمة بالفعل تقديم بيانات للتأثير في المحكمة عند إصدار الحكم، وتعد مقاطع الفيديو المخففة مجرد أداة أخرى لتوفير سياق لحياة المتهم.
في 11 أبريل/نيسان 2020، أُطلق سراح كلاي أخيرا، وإن كان ذلك قبل شهرين فقط من إنهاء عقوبته البالغة سنة واحدة. وتوفي بعد عام عن عمر يناهز 39 عاما.
لا يوجد دليل قاطع، لكن محاميه يعتقد بشدة أن مقطع الفيديو المخفف كان محوريا في المساعدة على إخراجه من السجن وتمكينه من قضاء أيامه الأخيرة مع عائلته.
وقام بتجميع فيديو كلاي المخرج المخضرم في نيويورك ديفيد سيمبسون، الذي شارك في إنتاجه لمدة خمس سنوات تقريبا.
ويقول ديفيد: “نحاول تصوير العميل وعائلته في سياقه الخاص، لذلك نقوم بزيارتهم في منازلهم، ونذهب إلى أحيائهم، ونلتقط صورا للبيئة التي يعيشون فيها”.
لكن هناك تحذيرات حتى من جانب من يؤيدون مقاطع الفيديو هذه، خوفا من أنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية إذا استخدموا الموسيقى أو كانوا عاطفيين بشكل مفرط.
يقول أوستن: “يحاول مقطع فيديو التخفيف السيئ التأثير على أوتار القلب. أريد أن يتم استخدام مقاطع الفيديو الخاصة بنا للتنوير. ولا يجب استخدام مقاطع الفيديو للتلاعب”.