“وزارة ميراوي” تشرع في تفعيل الإصلاح البيداغوجي لاسترجاع “هيبة الجامعة”
في ندوة صحافية عقدها مساء الأربعاء بمقر وزارته، بسَط عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بتفصيل، أهم مستجدات الدخول الجامعي 2023-2024 الذي قُص شريطه قبل أيام، معلناً رسميا عن “تفعيل العمل” بإصلاحات أقرتها المراسيم المصادق عليها حكومياً الصيف الماضي.
ويشكل الدخول الجامعي (الراهن) نقطة انطلاق لمجموعة من “الأوراش المُهيْكِلة المندرجة ضمن تفعيل المخطط الوطني لتسريع تحول المنظومة 2023 PACTE ESRI”، وفق الوزارة الوصية التي قال المسؤول الأول عنها إنها تتعلق بمحاور واضحة؛ هي “إرساء نموذج بيداغوجي جديد والنهوض بالبحث العلمي والابتكار”، بالإضافة إلى “تعزيز حكامة المنظومة”.
“استعادة هيبة الجامعة”
بحسب معطيات قدّمها ميراوي أمام صحافيين ومسؤولي وزارته، فضلا عن رؤساء الجامعات، عن مستجدات الموسم الجامعي الحالي، فإنه “دخول يميزه ارتفاع عدد الطلبة بالتعليم العالي بنسبة 6,8 في المائة ليبلغ العدد الإجمالي ما يناهز 1,3 مليون طالب وطالبة، يرتقب تسجيل 94 في المائة منهم بمؤسسات تعليم عالي عمومية”.
وطمأن وزير التعليم العالي بشأن المخاوف المعبر عنها بـ”أن يكون للاكتظاظ انعكاس سلبي على جودة التكوين، لاسيما بمؤسسات الولوج المفتوح”، وزاد: “في نظري الأمر لا يتعلق باكتظاظ، بل هو إقبال على الجامعة المغربية واستعادة لإشعاعها المعهود تاريخياً. كما أن عدد مناصب توظيف الأساتذة تضاعف 3 مرات ليصل إلى 2400 منصب فقط السنة الماضية”.
وتابع المسؤول الحكومي ذاته بأن مشروع الإصلاح الذي أطلقته وزارته “يروم استعادة هيبة ومكانة الجامعة المغربية، بعد أن ساد الاعتقاد بأن مؤسسات الاستقطاب المحدود (هندسة وطب…) هي الأفضل”، لافتا إلى كون “المنصات الرقمية للتدريس التي سيُشرع في العمل بها بدءا من أكتوبر 2023 ستعوّض في جزء كبير مهام التأطير والتوجيه التي يقوم بها الأستاذ في المدرّج”.
مسالك ومسارات
وفي عرضه المفصل، أورد ميراوي معطيات دالة عن “تطوير وتنويع مسالك التكوين بسلك الإجازة ليصل مجموع المسالك المعتمدة إلى 1037 مسلكاً خلال هذا الموسم”، ما يعني بحسبه “مضاعفتها مقارنة بـ570 مسلكا فقط السنة الماضية”.
كما عرّج المتحدث على “إطلاق مسارات جديدة: مسارات التميز ابتداء من باك+2 بمؤسسات التعليم العالي ذات الولوج المفتوح من خلال إحداث 63 مركزاً للتميّز”، قال إنها “عرفت إقبالا كبيرا من طرف الطلبة بالنظر إلى عدد الترشيحات المقدمة (إلى حدود اليوم) التي ناهزت 66 ألف ترشيح، في ظل عرض يشمل 18 ألفا و370 مقعدا بيداغوجيا”.
الرقمنة لا بد منها!
وتعتمد الوزارة، منذ هذه السنة، “آلية جديدة في تنظيم استقبال وتسجيل الطلبة”، ستمكّن كل طالب من الحصول في وقت وجيز على الوثائق المتعلقة به؛ وتتمثل، حسب الوزير، في “بطاقة الطالب، شهادة التسجيل، البريد الإلكتروني المؤسساتي مع شريحة للهاتف المحمول تمكنه من الولوج إلى مختلف المنصات الرقمية مجاناً…”.
كما لم يُغفل الوزير “إدماج الأنشطة الموازية”، مشددا على محورية “الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية والعمل التطوعي في برامج التكوين”، واعداً الطلبة المغاربة بـ”اعتماد ملحق للشهادة الجامعية كوثيقة مصاحبة لها تتضمن تفاصيل المسار والمهارات اللغوية والإشهادات الموازية”.
خدمات اجتماعية للطلبة
“الرفع من عرض الخدمات الجامعية الاجتماعية” يتمثل في تعزيز “الطاقة الاستيعابية” للأحياء الجامعية بـ5520 سريرا إضافيا في أحياء جامعية جديدة ستفتح أبوابها هذا الموسم، وأخرى خضعت لأشغال توسعة.
ولفت وزير التعليم العالي إلى “توسيع قاعدة الطلبة المنخرطين بالتأمين الإجباري على المرض ليصل إلى 600 ألف منخرط هذه السنة، مقابل 470 ألف منخرط العام المنصرم”، معلنا “تبني منهجية جديدة لتخويل مِنح السلم الأول تمكن من استهداف الفئات المعنية من خلال اعتماد السجل الاجتماعي الموحد”.
الهندسة البيداغوجية تتغيّر
عن “تنزيل الهندسة البيداغوجية لسلك الإجازة”، التي أثارت كثيرا من الجدل منذ الإعلان عنها، قال ميراوي إنها تتم “استنادا إلى دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية”، وأضاف: “أدرَجْنا مجموعة من الإجراءات المبتكرة تهم، على وجه الخصوص، إرساء التكوينات وفق مسارات منسجمة وتسمح بتغيير المسار الدراسي والمرور بسلاسة بين المسالك والتخصصات (passerelles)، مع إدراج مهارات القوة من أجل تعزيز الكفاءات الأفقية والرقمية للطلبة” ( power-skills).
ومن المرتقب أن تسير الهندسة البيداغوجية في اتجاه “تحولات عميقة” خلال السنوات القادمة، مع “حتمية اعتماد الإشهاد في اللغات الأجنبية (لاسيما في الإنجليزية والفرنسية)، خاصة بالنسبة للطلبة الباحثين المقبلين على مناقشة أطروحات دكتوراتهم”.
وتعوّل الوزارة، كذلك، على “نظام الأرصدة القياسية” (Credits) بالإضافة إلى “مأسسة برامج الحركية الوطنية والدولية” (mobilités)، بهدف واضح هو “الرفع من قابلية الشغل لدى الخرّيجين وتعزيز قدراتهم لمواكبة المتطلبات المتسارعة للقطاعات السوسيو-اقتصادية”، يؤكد ميراوي.
البحث العلمي والابتكار يخدُمان التنمية
رسميا، أعلن ميراوي خلال ندوته “إطلاق برنامج طَموح لتكوين 1000 طالب دكتوراه من الجيل الجديد، تسند إليهم، إضافة إلى إنجاز البحوث العلمية، مهام التأطير البيداغوجي، مقابل منحة شهرية صافية في حدود 7000 درهم”؛ كما بشّر بـ”إحداث 3 معاهد موضوعاتية في جهات متعددة من المملكة للبحث في مجالات ذات الأولوية، كالماء والبيو-تكنولوجيا والذكاء الاصطناعي”. وتهدف هذه المعاهد إلى “تثمين المجهود الوطني في مجال البحث وترشيد الموارد والإمكانيات المرصودة”؛ وأعلن أن 3 مدن للابتكار “في طور الإحداث، ليصل عددها إلى تسع”، ما سيساهم في تثمين نتائج البحث العلمي وتسريع وتيرة نقل التكنولوجيا لفائدة القطاعات الإنتاجية، “خدمة لجاذبية وتنافسية الاقتصاد الوطني”، وفق تعبيره.
تنزيل الأوراش سالفة الذكر استدعى “إيلاء أهمية كبرى لملاءمة الإطار القانوني والتنظيمي”، وهو ما تم عبر “إصدار ونشر مجموعة من المراسيم (المرسوم المتعلق باختصاصات المؤسسات الجامعية / أسلاك الدراسة / الشهادات الجامعية؛ النظام الأساسي للأساتذة الباحثين، المرسوم المتعلق بالمنح الجامعية…)”، يختم الوزير.