ناغورنو كارباخ: محادثات سلام بين انفصاليي الأرمن وأذربيجان بعد استعادتها السيادة على المنطقة
- Author, بول كيربي
- Role, بي بي سي نيوز
بدأت المحادثات في أذربيجان بين الحكومة ووفد من الأرمن من منطقة ناغورنو كاراباخ الانفصالية.
وأظهرت صور نشرتها وسائل الإعلام الرسمية الأذربيجانية الوفدين جالسين مع ممثلين عن بعثة حفظ السلام الروسية (في مدينة يفلاخ).
وقالت أذربيجان، الأربعاء، إنها استعادت سيادتها الكاملة على المنطقة الانفصالية بعد هجوم عسكري قصير.
وستكون هذه المحاولة الأولى منذ ثلاثين عاما لمناقشة حقوق وأمن أرمن كاراباخ بوصفهم مواطنين أذربيجانيين.
ووردت أنباء عن إطلاق نار في ستيباناكيرت، المدينة الرئيسية في ناغورنو كاراباخ.
وما زالت توجد حشود من السكان في مقر قوات حفظ السلام الروسية في مطار خارج المدينة، على أمل الحصول على ممر آمن للمغادرة.
وكان الرئيس الأذربيجاني قد أعلن استعادة سيادة بلاده على ناغورنو كاراباخ بعد هجوم عسكري استمر 24 ساعة على القوات العرقية الأرمينية.
وأشاد إلهام علييف ببطولة الجيش الأذربيجاني بعد ساعات من موافقة قوات كاراباخ على الاستسلام.
ويعيش نحو 120 ألف شخص ينتمون إلى العرق الأرمني في منطقة جنوب القوقاز المعترف بها دوليا جزءا من أذربيجان.
وتعتزم أذربيجان الآن وضع المنطقة الانفصالية تحت سيطرتها الكاملة.
وشن جيش أذربيجان عملية “لمكافحة الإرهاب” الثلاثاء، مطالبا قوات كرباخ بالاستسلام وحل “نظامهم غير الشرعي”.
ومع غياب أي وسائل دعم من أرمينيا المجاورة، وبعد حصار فعال دام تسعة أشهر، سرعان ما استسلمت القوات الأرمينية.
وأفاد مسؤولون أرمن بمقتل 32 شخصا على الأقل، من بينهم سبعة مدنيين، وإصابة 200 آخرين. لكن مسؤولا أرمينيا في حقوق الإنسان يقول إن عدد القتلى يبلغ 200 شخص، بينما بلغ عدد الجرحى أكثر من 400 آخرين. ولم تتمكن بي بي سي من التحقق من هذه الأرقام.
واتهم مسؤولون أرمن مساء الأربعاء أذربيجان بفتح النار على قوات قرب بلدة سوتك على الحدود بين البلدين بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، لكن أذربيجان نفت هذه الاتهامات على الفور.
وفي وقت سابق من اليوم، خرج آلاف المتظاهرين إلى شوارع العاصمة الأرمينية، يريفان، للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان بسبب تعامله مع الأزمة.
وقال الجيش الأذربيجاني إنه استولى على أكثر من 90 موقعا من الأرمن قبل أن يعلن الجانبان توصلهما إلى اتفاق على وقف كامل للعدوان من خلال قوات حفظ السلام الروسية، بدءا من الساعة 13:00 بالتوقيت المحلي ( 09:00 بتوقيت غرينتش) يوم الأربعاء.
شروط الهدنة
وبموجب شروط الهدنة، التي حددتها أذربيجان وروسيا، التي لديها قوات حفظ سلام على الأرض، يجب أن تلتزم قوات كاراباخ المحلية بحل كيانها بالكامل وتسليم سلاحها.
وعلى تلك القوات أيضا أن تلتزم بالانسحاب، على الرغم من أن حكومتها تنفي وجود أي وجود عسكري هناك.
وقال الرئيس علييف إن الأذربيجانيين ليس لديهم أي شيء ضد السكان، لكنهم يعارضون فقط “المجلس العسكري الإجرامي”.
وتقع يفلاخ على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال خانكندي، عاصمة إقليم كاراباخ، المعروفة لدى الأرمن باسم ستيباناكيرت.
فرار مدنيين إلى المطار
وقال ماروت فانيان، وهو صحفي في كاراباخ، إن العديد من العائلات أمضت ليلة الثلاثاء في الأقبية: “لم أنم ولم آكل. الجو هادئ الآن لكنه شعور غريب. ما يتعين علينا الآن هو التوقف عن إراقة الدماء هذه، وفهم ما يجب القيام به بعد ذلك.”
وذكرت وكالة أنباء إنترفاكس الروسية أن روسيا قالت إن قوات حفظ السلام التابعة لها أجلت 5000 شخص من المناطق الخطرة منذ بدء الهجوم.
ومع إعلان وقف إطلاق النار، ناشد مسؤولون في كاراباخ السكان البقاء في الملاجئ وعدم المغادرة إلى المطار المحلي المجاور لقاعدة حفظ السلام الروسية.
ومع ذلك، سرعان ما تجمع حشد من المدنيين بالقرب من المطار، ومع حلول الظلام بعد ساعات، لم يكن الدعم الذي سيحصلون عليه واضحا.
وقال توماس دي وال المتخصص في شؤون القوقاز من كارنيغي أوروبا إن شروط وقف إطلاق النار والمحادثات المقبلة كانت متوافقة إلى حد كبير مع شروط أذربيجان وتركت الأرمن بلا حماية، كما يبدو.
وأضاف في حديثه مع بي بي سي: “يبدو هذا نهاية لمشروع عمره 35 عاما، أو كما يقول البعض، مشروع عمره قرن من الزمان، للأرمن في كاراباخ للانفصال عن أذربيجان”.
وقال: “ربما نشهد، للأسف، مشروعا يقدم بموجبه الأذربيجانيون القليل جدا للأرمن في كاراباخ، مما يدفع معظمهم، إن لم يكن جميعهم، إلى المغادرة”.
وأوضح رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، أن حكومته ليست مشاركة في نص وقف إطلاق النار، وطالب قوات حفظ السلام الروسية بتحمل المسؤولية الكاملة عن سلامة السكان المحليين. واتهم أذربيجان الثلاثاء بممارسة “تطهير عرقي” في كاراباخ.
وقال المبعوث الرئاسي الأذربيجاني، إلتشين أميربيكوف، لبي بي سي إن قوات حفظ السلام الروسية ساعدت في تسهيل وقف إطلاق النار: “أعتقد أنه يجب الاعتماد عليهم في الجزء المتعلق بالتنفيذ”.
الأزمة مستمرة
منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، خاضت أرمينيا وجارتها حربين بسبب ناغورنو كاراباخ، وهي منطقة جبلية غير ساحلية في جنوب غرب أذربيجان.
وأدت الحرب التي استمرت ستة أسابيع في عام 2020 إلى مقتل عدة آلاف، لكنها مكنت أذربيجان، بدعم من تركيا، من استعادة الأراضي المحيطة بالجيب وداخله، مما ترك الأرمن معزولين.
وفرضت أذربيجان على مدى الأشهر التسعة الماضية حصارا فعالا على الطريق الوحيد المؤدي إلى كاراباخ من أرمينيا، والمعروف باسم ممر لاتشين. واشتكى الأرمن في الجيب من نقص الغذاء والأدوية وأدوات النظافة ولم تتمكن أرمينيا من المساعدة.
وعلى الرغم من السماح بمرور بعض المساعدات في الأيام الأخيرة، فإن الأرمن في كاراباخ أصيبوا بالضعف الشديد بسبب النقص في المساعدات وقت الهجوم الأذربيجاني، ولم يكن هناك إلا أمل ضئيل في الدعم الخارجي.
وكان من المفترض أن يراقب نحو 2000 جندي روسي من قوات حفظ السلام وقف إطلاق النار لعام 2020، لكن اهتمام موسكو بأرمينيا تضاءل خلال حربها في أوكرانيا، على الرغم من أن أرمينيا جزء من التحالف العسكري الروسي في منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
ونُقل عن رئيس الوزراء الأرميني في مايو/أيار الماضي قوله إن بلاده ستكون مستعدة للاعتراف بكاراباخ جزءا من أذربيجان مقابل توفير الأمن للسكان الأرمن.
ونُقل عنه أيضا قوله: “تشمل الأراضي الأذربيجانية التي تبلغ مساحتها 86600 كيلومتر مربع ناغورنو كاراباخ”، في إشارة إلى أذربيجان ككل.
كما أن روسيا منزعجة أيضا من انحياز باشينيان الواضح نحو الغرب.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، صافحت زوجته، آنا هاكوبيان، الرئيس الأوكراني في مؤتمر عقد في كييف، وهذا الأسبوع، شارك العشرات من الجنود الأرمن والأمريكيين في تدريبات عسكرية معا.
ونفى الكرملين مزاعم أرمينيا بأنه لم يفعل ما يكفي لمساعدة حليفته.
وقال الرئيس فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي إن روسيا ليس لديها مشاكل مع رئيس وزراء أرمينيا، لكنه أضاف: “إذا اعترفت أرمينيا نفسها بأن كاراباخ جزء من أذربيجان، فماذا ينبغي لنا أن نفعل؟”
وطالب مئات المتظاهرين في يريفان رئيس الوزراء بالاستقالة يوم الثلاثاء بسبب تعامله مع الأزمة، كما أنه حذر من قوى مجهولة تدعو إلى الانقلاب.