أخبار العالم

“مزاج العالم في خطر”.. إلى أين تتجه أسعار القهوة والشاي؟



تُزرع المحاصيل الثلاثة في المناطق الاستوائية، وتعد من المحاصيل الهامة المتداولة عالمياً، فيما تواجه أزمات متكررة، لا سيما بعد أن ضربها الجفاف والصقيع وعوامل تغير المناخ ذات الصلة، وتبعاً لذلك تزايدت التوقعات السلبية بشأن التهديدات بتراجع واسع في الإنتاج وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

فيما يتعلق بالبن، فقد عرف خلال الأربعة أعوام الماضية ارتفاعاً جنونياً بنسبة 200 بالمئة، ويُرجح أن تواصل أسعار مساراً تصاعدياً في ضوء التحديات المذكورة.

وتشير بيانات موقع بارتشارت الأميركي، إلى ارتفاع سعر البن ( من نوع روبوستا، وهو قهوة تُصنع من نبات البن القصبي، وهو نوعٌ قوي من بذور البن مُنخفضة الحموضة وذات المرارة العالية) بلغ 2688 دولار للطن في سبتمبر الجاري، وذلك بسبب عدد من العوامل، من بينها ارتفاع تكاليف الإنتاج وأزمة سلاسل التوريد، فضلاً عن حالة عدم اليقين بشأن الظروف المناخية في البلدان النامية المنتجة للبن.

ومالت أسعار القهوة إلى الارتفاع بشكل أسرع من معدل التضخم الإجمالي في أسعار البقالة خلال العام الماضي 2022، لا سيما بسبب ضعف الحصاد في البرازيل.

وبالنسبة لأسعار الكاكاو، فقد شهدت بحلول نهاية النصف الأول من العام الجاري أعلى مستوى لها منذ نحو خمسة عقود ببورصة إنتركونتيننتال في لندن، وذلك في ظل صعوبات الإنتاج المرتبطة بسوء الأحوال الجوية في مناطق غرب أفريقيا.

وتبعاً لذلك، فإن “منظمة الكاكاو” الدولية، قالت في يونيو الماضي، إن نسبة النقص في الإمدادات قد تصل إلى 142 ألف طن، بدلاً من 60 ألف طن في تقديرات سابقة.

يعود ذلك إلى عدد من الأسباب أيضاً بخلاف التغيرات المناخية، من بينها فقدان التعافي بعد كوورنا زخمه في مناطق الاستهلاك التقليدية.

أما الشاي الذي يعد المشروب الأكثر استهلاكاً في العالم بعد المياه، ويملك سوقاً عالمية تتجاوز إيراداته السنوية حاجز 240 مليار دولار، بحسب بيانات منصة ستاتيستا، فقد

وبحسب تقرير، نشرته منصة euromonitor، في أبريل الماضي، فلقد ارتفعت أسعار الشاي بشكل عام ولكن بمعدل أقل من منتجات البقالة الأخرى.

وتأثرت المشروبات الساخنة، مثل جميع صناعات السلع الاستهلاكية المعبأة، بمجموعة واسعة من العوامل التضخمية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الطاقة والتعبئة والنقل والعمالة. ولا يزال الكثير منها مرتفعاً.

الموجات الحارة

من جانبه، أوضح أستاذ الموارد المائية والري بكلية الزراعة جامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، في حديث خاص لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن:

  • اضطرابات المناخ تتحكم بشكل كبير في كميات محاصيل البن والكاكاو والشاي، وكذلك أسعارها عالمياً.
  • محاصيل “المُنبهات الثلاث” تُزرع في المناطق ذات المناخ الاستوائي والمرتفعات ودرجة الحرارة المنخفضة التي تتراوح بين 23 و28 درجة مئوية.. لذلك عادة يتم زراعتها في مرتفعات اليمن وإثيوبيا وكولومبيا والبرازيل.
  • مع التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، ولا سيما على مدار العامين الماضيين، شهدت زراعة محاصيل البن والكاكاو والشاي اضطراباً أدى إلى ارتفاع أسعارها، ومنذ ستة أشهر حينما انكسرت الموجة الحارة بدأت الأسعار في الاعتدال نسبياً.
  • الموجة الحارة الأخيرة خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين أعادت حالة الاضطراب من جديد، وكان لها تأثير بشكل أكبر على أشجار البن.
  • مع فترات الاحترار طويلة المُدة تأثر المحصول بموت حبوب اللقاح بما أعاق تكوين حبيبات البن الجديدة، ما نتج عنه تأثر المحصول وارتفاع سعر البن مرة أخرى.. ويُتوقع أن يعاود السعر للاعتدال مرة أخرى مع قدوم فصل الشتاء.

وقال إن عديداً من الدول التي تمد العالم بإنتاج البن والكاكاو والشاي تأثر إنتاجها كثيراً بفعل التغيرات المناخية (..)، موضحاً أن الإنتاج المنخفض عادة ما يؤدي لارتفاع الأسعار، خاصة أن البن والكاكاو والشاي سلع أساسية في العالم كله باختلافات مذاقهم، ولا يمكن الاستغناء عن تلك السلع.

  • تتصدر كل من البرازيل وفيتنام وكولومبيا وإندونسيا وإثيوبيا وهندرواس والهند قائمة أكبر الدول المنتجة للبن في العالم.
  • فيما تتصدر كل من الصين والهند وكينيا سريلانكا وتركيا وفيتنام واليابان والأرجنتين قائمة أكبر الدول المنتجة للشاي.
  • وتأتي ساحل العاج والإكوادور وغانا والكاميرون ونيجيريا وإندونسيا والبرازيل ضمن أكبر الدول إنتاجاً للكاكاو في العالم، بحسب بيانات ستاتيستا.

التغير المناخي يهدد بتوقف الإنتاج!

وفي السياق، قال رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية البيئية وعضو الاتحاد العربي للمناخ والبيئة، تحسين شعلة، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن البن والكاكاو والشاي يعدون من الزراعات المهمة في عديد من الدول، مشيراً إلى أنها محاصيل تحتاج إلى النمو في مناخ يمتاز بالأمطار الغزيرة.

وأوضح أنه في ظل التغيرات المناخية عالمياً أصبح هناك انخفاضاً في إنتاج تلك الدول المشار إليها، مشيراً على سبيل المثال في كينيا انخفضت معدلات إنتاج البن بنسبة 26 بالمئة نتيجة للتغيرات المناخية، كما أن أن هناك دول مُنتجة مهددة بأن يتوقف إنتاجها بشكل كامل. وتبعاً لذلك يعتقد بأن  الخريطة الزراعية العالمية قد تتغير بنسبة 90 بالمئة في الفترات المقبلة في ظل عوامل تغير المناخ.

واستطرد: الطبيعة المناخية لبعض الدول ستتغير، فعلى سبيل المثال البلدان التي تشهد أمطاراً غزيرة قد تواجه ندرة في الأمطار فيها، وبالتالي الزراعة القائمة على تلك الأمطار مثل البن أو الكاكاو أو الشاي ستتأثر وستحتاج تلك الدول إلى تغيير استراتيجيتها بخصوص الزراعة والمحاصيل المعتادة.

وحول البدائل التي يمكن التوجه إليها حفاظاً على استمرار إنتاج البن والكاكاو والشاي، أكد عضو الاتحاد العربي للمناخ والبيئة، أنه على كل الدول المتميزة بإنتاجها الاحتفاظ بأصول تلك المحاصيل والبدء باستخدام تقنيات حديثة مثل تقنية كريسبر (تقنية تتيح تغيير جينات النباتات نفسها دون الاضطرار إلى الاستعارة من نبات مختلف)، لجعل تلك النباتات مقاومة للتغيرات المناخية والأمراض، حتى تصبح قادرة على النمو في الظروف المناخية غير المناسبة.

وأشار إلى أن احتياج البن والشاي والكاكاو في زراعتهم إلى المياه الغزيرة يمكن التحايل عليه من خلال تنمية النبات في فصل الصيف، واستخدام الري بالرش بكميات كبيرة، على أن يتم زراعتهم أسفل أشجار مرتفعة مثل أشجار المانجو لحماية النباتات، لافتاً إلى أن المحصول النهائي لن يكن بنفس جودته حينما يزرع في غير بلاده الأصلية لكنه يضمن للعالم استمرار الإنتاج.

وحول فوائد تقنية الكريسبر خلال الزراعة، وتطوير أنواع من البن والكاكاو والشاي قادرة على تحمل إجهاد الحرارة والجفاف، أوضح أنها تمكن الدول من إنتاج النبات خلال فترة قصيرة، كما تنتج نباتاً متأقلماً مع طبيعة الظروف المناخية التي ينمو فيها، علاوة على أنها ليس لها مردود سلبي على البيئة، فمن شأنها أن تحد من الانبعاثات والتلوث الناتجين من الأسمدة.



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى