عدو عدوي صديقي
الحرب الباردة تطل من جديد، ولا بد من سيناريو للموسم الثاني يكون أقل كلفة.
في قمة نيودلهي يومي 9-10 شتنبر 2023، قررت مجموعة العشرين ربط جسور وإقامة كابلات وسكك وربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط. الإمارات والسعودية في قلب المشهد. سيكون الممر المائي بديلا لطريق الحرير.
تفوقت الهند ديموغرافيا على الصين. إذن، ستتفوق اقتصاديا. بلد يختفي فيه وزير الخارجية تشين غانغ ثم وزير الدفاع لي شانغ فو لا يستحق الزعامة.
لم يحضر الرئيسان الروسي والصيني القمة.
غرقت روسيا في أوكرانيا، بقيت محاصرة الصين بتقوية الهند.
زعيم الهند ليس ديمقراطيا، إنه نصف نازي؛ لكن زعماء الغرب يصافحونه بحرارة.
لا مشكلة ما دامت خطة كيسنجر في الاحتواء ضرورية. زار هنري كيسنجر الصين سرا في 1971، ورتب زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون في فبراير 1972. وقد شرح كيسنجر منهجه في كتابه الهائل “الدبلوماسية.. من الحرب الباردة حتى يومنا هذا”، (ترجمة مالك فاضل البدري، الأهلية للنشر والتوزيع، ويقع في 575 صفحة).
لقد هندس كيسنجر زيارة الرئيس نيكسون إلى الصين، ما عزل السوفيات عن الحليف الشيوعي الأكبر؛ فالعدو المشترك يخلق مصالح مشتركة… كانت زيارة نيكسون إلى الصين فرصة لإبعاد بكين عن السوفيات عبر تقديم فوائد تجارية للصين، حتى صارت دولة شيوعية باقتصاد رأسمالي بقيادة الرفيق ماو تسي تونغ. كان الرفاق السذج يتغنون باشتراكيته في ظهر جامعة المهراز بفاس.
نجحت خطة كيسنجر، وكتبت الصحف العالمية أن وزير الخارجية الأمريكي يطوف العالم ويصحبه الرئيس الأمريكي. انقلبت التراتبية.
طرح كيسنجر السؤال: كيف يقطف رجل الدولة ثمار القوة دون تكبد خسائر ممارستها؟.
كان شعار كيسنجر هو أن الاحتواء أفضل من المواجهة، وقد هندس الاحتواء المزدوج لإيران والعراق بضرب بعضهما ببعض. الآن وقد عادت الصين للتحالف مع روسيا في بريكسيت فلا بد من وصفة جديدة.
هناك خلاف حدودي راقد بين الهند والصين، يمكن تسخينه.
يراهن الغرب على الهند ضد عدوتها الصين. كل عدو مشترك يجعلنا صديقين. عدو عدوي صديقي.
الاحتواء أجدى من المواجهة لتحجيم الخصم عن بعد. يقول كيسنجر: “حين تكون لديك ملعقة لا تستخدم يدك لتحرقها”.
ملكت الصين وروسيا قوتهما وهما شيوعيتان معاديتان لأمريكا في الحرب الباردة، وكانت الهند هي الثالث المرفوع في مجموعة عالم الانحياز غير الفاعلة.
حاليا، الثالث المرفوع (الهند زعيمة عالم الانحياز) تدخل المعادلة.
الهنود هم الذين اخترعوا الشطرنج، وآن الأوان ليلعبوه في السياسة الدولية. اخترع وزير هندي الشطرنج. في الرقعة تجري حرب بين 16 مجسما في كل جهة، ثمانية متشابهة وضعيفة القوة وثمانية مختلفة القوة تحتمي بالبيادق الصغار. هناك قوانين حركة باقي القطع… وهناك فن صناعة التقلبات: شيء كان متاحا لك أهملته (شخص، مكان، شيء)، انقلب ضدك وقد يضرك أو يكاد يقتلك؛ وظفه لصالحك أفضل.
في الشطرنج قطع بلونين، أبيض وأسود. الواقع أكثر تعقيدا من هذا.
الواقع أكثر تعقيدا من هذا؛ لكن الذهن البشري يطلب تبسيط الموضوع في لونين نقيضين، في قطبين سياسيين ليفهم.
أثناء اللعب تتبدل قيمة القطع على الرقعة تبعا لمواقعها. الهند في صف أمريكا أثقل. شمالا.
الشطرنج هو نقيض الصدفة واللانظام. لا بد من محاصرة الصين بتقوية الهند.
الهند ذخر ديموغرافي هائل… يمكن تنقيل مصنع العالم من الصين إلى الهند.
لا جدوى من مواجهة الصين، ومن الأفضل إضعافها اقتصاديا بالرفع بالهند إلى الواجهة.
هذه خطة جيو-إستراتيجية لتقليص النفوذ الروسي ولواحقه في 2023، كما حصل في 1972.
حين تدخل الهند بقوة المشهد العالمي وتقدم نفسها باعتبارها صوت وزعيمة دول الجنوب فهذا سيضعف جنوب إفريقيا ولواحقها في القارة السمراء، جنوبا وشمالا.
نحن المغرب هنا: شمالا.