فيضانات ليبيا: المدعي العام يفتح تحقيقا في احتمال إهمال السلطات المحلية والحكومات المتعاقبة
قال المدعي العام الليبي إن مكتبه يحقق في احتمال إهمال السلطات المحلية والحكومات المتعاقبة جراء الأضرار التي لحقت بالمواطنين والممتلكات في مدينة درنة.
وأضاف الصديق الصور في لقاء يوم أمس أن التحقيق سيشمل النظر في أموال الصيانة التي تم دفعها لصيانة السدود.
وكانت السلطات الليبية قد نفت في تصريح سابق الاتهامات بأنها فشلت في تحذير السكان من العاصفة دانيال قبل الفيضانات الكارثية. وقال متحدث لبي بي سي إن السكان المحليين في مدينة درنة التي تضررت بشدة اعتقدوا أن التحذيرات الحكومية مبالغ فيها.
وقالت حكومة شرق ليبيا، وهي إحدى الحكومتين المتنافستين العاملتين في البلاد، إن المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي ستصبح مصدر القلق الأكبر.
وبلغت حصيلة ضحايا إعصار دانيال، الذي ضرب مدينة درنة الليبية، قبل حوالي أسبوع، 11300 شخص، بحسب الهلال الأحمر الليبي، في حين لا يزال آلاف آخرون في عداد المفقودين.
وقالت الأمم المتحدة إن ما يقرب من مليون شخص بحاجة إلى المساعدة.
ودمرت الفيضانات الغزيرة التي حدثت في 10 سبتمبر/أيلول أجزاء كبيرة من مدينة درنة الشرقية. وخَلّفت “كابوسا”، كما يقول عمال الإنقاذ الذين يشيرون إلى مشاكل تتعلق بالبنية التحتية.
ووصف فريق بي بي سي، الذي وصل حديثا إلى مدينة درنة، مركز الإنقاذ هناك بأنه خلية من النشاط؛ إذ يعمل رجال الإنقاذ وأطقم الإسعاف وفرق الطب الشرعي على تحديد هوية القتلى. لكن وكالات الإغاثة الدولية لم تصل بعد.
وقالت مراسلة بي بي سي، التي زارت المكان الذي تلتقي فيه درنة بالبحر: “لا تزال الجثث تنجرف. وهناك رائحة قوية ومميزة لمياه الصرف الصحي، والموت”.
وأضافت: “يمكنك رؤية كل الحطام – هناك سيارات مدمرة، وإطارات، وخشب مكسور، ومعدات منزلية، وثلاجات، ومجمدات، وجميع أنواع الأشياء الممتزجة معا تطفو وتتمايل فوق سطح الماء”.
ولا يزال أفراد فرق الإنقاذ المحلية، يرافقهم فريق إنقاذ تركي، يسيرون على طول الشاطئ بحثاً عن الجثث التي تجرفها الأمواج وتعلق بين الحطام.
ولاتزال هناك دعوات لإجلاء الناجين بالكامل من درنة، حيث يصعب توفير المياه النظيفة والكهرباء والأدوية وغيرها من الإمدادات
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إنها أرسلت إمدادات صحية كافية للوصول إلى 250 ألف شخص في ليبيا.
وأضافت المنظمة، في بيان صحفي، إن 29 طناً من المساعدات – بما في ذلك الأدوية الأساسية ومستلزمات علاج الصدمات والجراحة الطارئة والمعدات الطبية وأكياس الجثث – وصلت إلى ميناء بنغازي.
ويبعد الميناء حوالي 300 كيلومتر عن مدينة درنة، ما يجعل الوصول إليها أمراً صعباً بسبب الطرق المتقطعة والبنية التحتية المدمرة.
وفي سياق متصل قال المتحدث باسم الاتحاد، توماسو ديلا لونغا، إن الفرق المحلية هي العنصر الرئيسي في جهود الإنقاذ التي يبذلها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
وأضاف أن الجمعيات المحلية هي نقطة دخولنا إلى الأماكن المنكوبة، ولهذا السبب فهي “عادةً أول من يستجيب للكوارث في كل ركن من أركان العالم”.
ففي ليبيا، يوضح ديلا لونغا أن الهلال الأحمر الليبي يتواصل مع المكتب الرئيسي الدولي، والذي بدوره يقوم بعد ذلك بتنسيق الاستجابة الدولية، وإخبار الطواقم الأجنبية الموجودة على الأرض “بما هو مطلوب، وإلى أين نذهب، وكيف نستجيب”.
ويضيف أن الاتحاد عادة يعطي الشركاء “قائمة” بما هو مطلوب، ومن ثم تُحول التبرعات إلى الفريق المحلي لشراء كل ما هو مطلوب محليا. الأمر الذي يعزز بدوره الاقتصاد بعد وقوع الكارثة مباشرة.
ويقول ديلا لونجا إن استجابة الهلال الأحمر المحلي أمر بالغ الأهمية، حيث يستغرق وصول الطواقم الأجنبية إلى المناطق المنكوبة وقتًا أطول. ليس فقط بسبب ظروف البنية التحتية المحلية، ولكن أيضا لأنهم بحاجة إلى الحصول على تأشيرات لجميع أفراد الإنقاذ والحصول على إذن قانوني لإحضار الأدوية والأغذية وغيرها من الإمدادات.
وقال أحمد بيرم، مستشار الإعلام والاتصالات الإقليمي للمجلس النرويجي للاجئين، إن التحديات العقلية التي يواجهها عمال الإنقاذ – ومعظمهم من المجتمعات المحلية – هائلة.
وفي حديث في وقت سابق لراديو بي بي سي، قال بيرم إن عمال الإغاثة المحليين واجهوا خسائر في الأرواح في عائلاتهم ومنازلهم. لذلك فإنهم يواجهون الآن “مهمة مستحيلة” – ليس فقط بسبب حجم المهمة في أعقاب الدمار واسع النطاق، ولكن أيضا بسبب “مدى خصوصية المهمة بالنسبة لهم”.
وحثت الدكتورة مارغريت هاريس من منظمة الصحة العالمية، التي كانت تتحدث أيضا لراديو بي بي سي، السلطات المحلية على عدم دفن الموتى في مقابر جماعية لمنع المزيد من الصدمات العقلية بين الناجين.
وقالت: “عندما لا يكون لديك أي فكرة عما حدث لأمك، ولطفلك ووالدك، فلن تتعافى أبدا من تلك الصدمة العقلية الرهيبة”.