موسيقى غناوة: سطوع نجم المغربية أسماء الحمزاوي
- ميريام فرونسوا
- الصويرة
موسيقى غناوة هي تقليد موسيقي روحي مغربي طوره أحفاد العبيد من جنوب الصحراء الكبرىالإفريقية.
من خلال الجمع بين الشعر الطقسي والموسيقى التقليدية والرقص، يحتل مُعلمو غناوة مركز الصدارة على المسرح، حيث يعزفون على الآلة الرئيسية الشبيهة بالغيتار، وهي الغمبري.
كان مُعلم غناوة دائما رجلا في هذا المجتمع الذكوري بشدة، لكن ذلك تغير عندما ظهرت أسماء الحمزاوي على الساحة.
كان والدها، أحد مُعلمي غناوة، يأمل في توريث تقليد العزف على الغمبري لابنه، لكن رشيد الحمزاوي لم يكن لديه سوى بنات، ومن بينهن فتاة مزعجة ولكنها موهوبة.
وهكذا انتهى الأمر بالحمزاوي إلى كسر القالب. واليوم، أصبحت الابنة نجمة غناوة – وهي ثقافة مهمشة منذ فترة طويلة لموسيقيي الشوارع والمتسولين، والتي تكتسب الآن متابعة متزايدة في المغرب وفي جميع أنحاء العالم.
وقد ظهرت أسماء الحمزاوي لأول مرة على المسرح في عام 2012 في مهرجان موسيقى غناوة السنوي في مدينة الصويرة الساحلية الجنوبية وهي المعقل الثقافي لأرباب غناوة.
وقالت أسماء الحمزاوي، وهي تتصدر مرة أخرى المسرح في مهرجان هذا العام: “لقد كانت مسؤولية كبيرة. أولاً، بسبب آلة العزف التي كانت لوالدي، لقد كنت بحاجة إلى عزف نفس الأغاني الجيدة التي علمني إياها، كنت بحاجة إلى العزف عليها بشكل صحيح، وقد كان الأمر مخيفًا فهي المرة الأولى التي تقف فيها امرأة على المسرح، تعزف موسيقى غناوة، وتمثل النساء”.
لا توجد سجلات لتعداد أقلية غناوة في المغرب، ولكن يمكن إرجاع تاريخهم إلى تجارة الرقيق في القرن السادس عشر على الأقل.
وفي عام 2019، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للثقافة (اليونسكو) ثقافتهم وموسيقاهم ضمن “التراث الثقافي غير المادي للبشرية”.
وتقول اليونسكو: “إن غناوة هي في المقام الأول موسيقى أخوية صوفية ممزوجة بكلمات ذات محتوى ديني بشكل عام، تستحضر الأسلاف والأرواح”.
وتقول إن ثقافة غناوة تعتبر الآن جزءًا من الثقافة والهوية المغربية المتعددة الأوجه.
وتضيف اليونسكو: “تُمارس غناوة، خاصة في المدينة، في طقوس علاجية من خلال طقوس إيقاعية ونشوة طوال الليل تجمع بين الممارسات الأفريقية القديمة والتأثيرات العربية الإسلامية والعروض الثقافية البربرية المحلية”.
وفي حين أن الدور المتزايد للمرأة يبدو موضع ترحيب إلى حد كبير، حتى بين كبار السن في المجتمع، فإن همهم الرئيسي هو كيف أن الشعبية المتزايدة لموسيقى وثقافة غناوة تدفع العديد من الفنانين الشباب إلى البحث عن الشهرة والثروة في دائرة المهرجانات، مبتعدين عن الزهد الروحي.
أحد هؤلاء الشيوخ هو ناجي السوداني الذي يصنع الطبول وآلة الغمبري المرغوبة في متجره الصغير. وتم تأكيد مكانته الأسطورية في دوائر غناوة من خلال التدفق المستمر لأولئك الذين يأتون إلى متجره للجلوس معه والحصول على بركاته قبل عزفهم.
وكما يشير اسمه، يمكن إرجاع تراثه إلى السودان، كما يشير اسم أحد معلمي غناوة الأسطوريين الآخرين وهو، محمود غينيا، إلى غينيا المعاصرة.
وقال السوداني الذي يحمل لقب المُعلم: “إن وجود عازفات يمكن أن يكون أمرا جيدا، لكن القضية الأساسية للشباب بشكل عام هي التواضع، وفهم ثقافة انتقال غناوة من الكبار واحترامها”.
وأضاف قائلا: “الأمر هو أنه لا يمكنك القول بأنك مُعلم لمجرد أنك حزت لقبًا. بل تصبح معلمًا على مر السنين، من خلال التعلم من الأساتذة”.
لكن الواقع الاقتصادي للمغرب المعاصر يعني أن البعض، بما في ذلك أسماء الحمزاوي، يريدون أن تحررهم الموسيقى من الصعوبات المالية، وليس فقط أن ترفعهم روحيا.
وقالت أسماء الحمزاوي: “أنا وأختي فقط نتحمل المسؤولية المادية لمنزل والدينا، نحن ندفع فواتيرهما وعلينا أن ندفع فواتيرنا، لدي ابن وأشياء كثيرة يجب أن أدفعها”.
في السنوات الأخيرة، تطور مهرجان الصويرة، الذي بدأ بالتركيز فقط على موسيقى غناوة، ليعرض اندماجات مع أنواع أخرى من الموسيقى.
ويأتي الموسيقار الأمريكي الأفريقي الشهير سليمان حكيم إلى المهرجان منذ بدايته في عام 1998.
ويقول حكيم، الذي خرج من رحم تقاليد موسيقى الجاز والبلوز الأمريكية، إنه تعرف على العديد من الأصوات الأساسية في هذا النوع من الموسيقى باعتبارها ذات أصل مشترك مع موسيقى غناوة.
وقال: “هذا جزء من السبب الذي يجعل هذه الموسيقى ملائمة بشكل جيد لعمليات الدمج، لأن هناك شيئًا ما في أصوات غناوة والأصوات الأخرى المشتقة من أفريقيا تتحدث عن التراث والتاريخ المشترك”.
ويجذب المهرجان جمهورًا متنوعًا، بدءًا من عشاق غناوة إلى السياح الفضوليين.
وهذا العام، أحيا الممثل والمطرب المغربي الشهير فهد بن شمسي حفلا مع فرقته “لالاس”.
وقال: “لقد تغير المهرجان كثيرا على مر السنين لكن الكثير منا ما زال يتواصل مع معلمي غناوة، فالصويرة هي قلب ثقافة غناوة”.
ومضى يقول:”إن المجيء إلى هنا يشبه رحلة حج بالنسبة للبعض حيث يكون الأمر روحانيًا للغاية، وبالنسبة للآخرين، فإن الأمر أكثر تركيزًا على الجوانب الاحتفالية للغناء والرقص”.
بن شمسي ليس وحده، فهناك عدد متزايد من الشباب المغاربة، الذين لم يولدوا في ثقافة غناوة، باتوا يعتنقونها، منجذبين إلى الاحتفالات والموسيقى، ولكن أيضًا إلى بعدها الروحي الأكثر خصوصية.
وتعكس ثقافة غناوة الاعتراف بعلاقات المغرب بأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والاحتفال بثقافة مجموعة تم تهميشها لفترة طويلة في مجتمع يتمتع فيه العرب بأكبر قدر من التأثير.