أخبار العالم

“دينامية مدنية” ترفض وصاية البنك العالمي و”النقد الدولي” على المغرب



أعلنت “الدينامية الديمقراطية المغربية لمناهضة قمة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي”، المزمع انعقادها في مدينة مراكش خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر المقبل، استمرارها في التعبئة والحشد لتنظيم “قمة مضادة” للاجتماع السنوي للمؤسستين الدوليتين المذكورتين.

وستخوض الدينامية التي تشكلت بمبادرة من الجبهة الاجتماعية المغربية، وتضم العديد من التنظيمات النقابية والسياسية والحقوقية والجمعوية، فعاليات في إطار القمة المضادة للاجتماعات السنوية، تحت شعار “النضال ضد الاستبداد وضد الإمبريالية معركة واحدة”.

وعقدت الجبهة الاجتماعية ندوة، مساء أمس، سلطت فيها الأضواء على دور البنك العالمي وصندوق النقد الدولي باعتبارهما “من الأدوات الأساسية في يد الإمبريالية الغربية إلى جانب حلف شمال الأطلسي في تخريب مقدرات الشعوب، وانتهاك حقها في تقرير مصيرها، وعرقلة تحررها وتوقها للديمقراطية، والإجهاز على مكتسباتها الاجتماعية، كما تساهم في مفاقمة التدهور البيئي”.

نجيب أقصبي، الباحث المتخصص في الاقتصاد، الذي تناول في مداخلته موضوع المديونية، قال إن الأخيرة فيها جوانب سلبية ولكن فيها أيضا جوانب إيجابية، إذا كانت مقرونة بالمردودية، “غير أن ذلك غالبا ما لا يتحقق بالنسبة للدول النامية مثل المغرب”.

وأضاف أقصبي أن “البلدان النامية تعود عليها المديونية بشكل سلبي، لأنها من جهة مكلِّفة، ومن جهة أخرى توظف في استثمارات واختيارات غير مجدية، وبالتالي لا تكون لها مردودية ولا تخلق الفائض الضروري، ومن ثم تخلق إشكالا”، على حد تعبيره.

وتفيد الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية المغربية بأنه إلى نهاية سنة 2022 بلغت المديونية العمومية (مديونية الخزينة ومديونية المؤسسات العمومية) 1146 مليار درهم (952 مليار درهم مديونية الخزينة، أي 72 في المائة من الناتج الداخلي الخام، و194 مليار درهم مديونية المؤسسات العمومية).

وأضاف الباحث المذكور أن المديونية العمومية في المغرب تعدت “السقف الرمزي” الذي كان في السابق في حدود 1000 مليار درهم، مشيرا إلى أنها تصل إلى 86 في المائة من الناتج الداخلي الخام.

واعتبر المختص ذاته أن ارتفاع المديونية العمومية راجع بالأساس إلى عجز ميزانية الدولة، الناجم بدوره عن عدد من الأسباب، منها ارتفاع النفقات مقابل ضعف المداخيل، وبطء وتيرة النمو الاقتصادي وما يتبعه من بطء توسيع الوعاء الضريبي، إضافة إلى ضعف ترشيد النفقات…

وأردف المتحدث بأن “ضعف المداخيل راجع بالأساس إلى كون العائدات الضريبية هي المورد الرئيسي لمداخيل الدولة”، معتبرا أنه “النظام الجبائي المعتمد غير عادل وغير مجد، وهو ما لا يمكّن من أن يكون له مردود كبير على الخزينة، إضافة إلى العائق الذي يمثله ضعف النمو لتطوره، وهو ما يجعل الميزانية في عجز مستمر”.

عبد الغني الراقي، عضو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الذي تحدث عن تأثير المؤسسات المالية الدولية على التعليم، اعتبر أن هذه المؤسسات، وخاصة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، “كان لها تأثير تخريبي على الاقتصاد الوطني، لاسيما من خلال ثلاث محطات رئيسية، هي مرحلة التقويم الهيكلي، والمغادرة الطوعية لموظفي القطاع العمومي، ومخطط التوظيف بالعقدة الذي بدأ سنة 2016”.

وقال الراقي إن المديونية تجعل المؤسسات المالية الدولية التي تُقرض المغرب “وكأن لديها الحق في التدخل في السياسات العمومية للبلد، ووضع مخططات لها، سواء على المستوى الاقتصادي أو حتى السياسي”.

وعاد النقابي ذاته إلى بداية سبعينيات القرن الماضي، إذ لم تكن المديونية العمومية تتعدى 0.9 مليار درهم، لتنتقل في بداية الثمانينيات إلى 12 مليار دولار، ولتمثل بذلك 12 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي للمملكة، “ما فتح الباب أمام المؤسسات المالية الدولية للتدخل”.

وأوضح المتحدث أن المؤسسات المذكورة فرضت على المغرب ما يسمى “التقويم الهيكلي”، الذي تم خلال الفترة من 1983 إلى 1993، وبموجبه تم تحرير المالية العمومية، وفتح الباب أمام الرأسمال الخاص للاستثمار في المؤسسات والخدمات، بما فيها التعليم، معتبرا أن المغرب “لا يطبق فقط إملاءات المؤسسات المالية الدولية، بل يجتهد في تطبيقها”.

واستطرد الراقي: “في قطاع التعليم لم تفتح الدولة فقط باب الاستثمار للقطاع الخاص، بل شجعته، ما جعله حاليا يمثل 17 في المائة، وهذا يشكل تنصلا من الدولة من مسؤولية تعليم أبناء وبنات المغاربة، وخلق شروط منافسة غير متكافئة بين التعليمين الخصوصي والعمومي، وهو ما يفسر هرولة المغاربة نحو التعليم الخصوصي”.

من جهته قال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن “الدولة المغربية هي التي تتحمل مسؤولية تدخّل المؤسسات المالية الدولية في البلاد، منذ عهد حكومة عبد الله إبراهيم، حيث أعطيت البطاقة البيضاء (Carte blanche) للبنك الدولي لمباشرة مجموعة من الإصلاحات التي انطلقت بشكل محتشم، قبل أن تظهر تداعياتها بشكل واضح على الحياة اليومية للمواطن المغربي”.

ووجه غالي انتقادات إلى البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، معتبرا أنهما أفرغا بعض مؤسسات الأمم المتحدة من مهامها وأدوارها، مع التحكم فيها بشكل مباشر وغير مباشر، وإدخالها في النظام النيوليبرالي، مشيرا إلى أن “منظمة الصحة العالمية لم تستطع إعطاء تعريف للأدوية الجنيسة، نظرا لضغوط الشركات متعددة الجنسيات المرتبطة بالنظام الليبرالي الدولي”.

وتوقف الحقوقي ذاته عند تأثير تدخل البنك الدولي في قطاع الصحة بالمغرب، مشيرا إلى أنه “يصب دائما في اتجاه تقليص الإنفاق العام على مجال الصحة، وهو ما تبينه الأرقام الرسمية، إذ كانت ميزانية الوزارة خلال السبعينيات في حدود 7.8 في المائة، لتنخفض إلى 2.3 في المائة مع انطلاق مخطط التقويم الهيكلي سنة 1983”.

وأردف المتحدث بأن “تدخل البنك الدولي أدى أيضا إلى تقليص مناصب الشغل في قطاع الصحة العمومية”، معتبرا أن “الحكومة تتحدث عن تخصيص 5000 منصب شغل في هذا القطاع، غير أنها تتحاشى التصريح بعدد مهنيي الصحة الذين يحالون على التقاعد سنويا”، ومشيرا إلى أن “عدد الذين تقاعدوا السنة الفارطة بلغ 1950، في حين يتوقع أن يحال على التقاعد ما بين 12 و13 في المائة من أطر الصحة سنة 2025”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى