حريق جوهانسبرغ: “كثيرون آخرون قفزوا من النوافذ، لكنهم لم يفلحوا في النجاة”
- Author, سامانثا غرانفيل
- Role, بي بي سي – جوهانسبرغ
استيقظ موسي هاميسا من نومه على صوت ضجيج شديد. وكان سريره يهتز، حين تناهى إلى سمعه صراخ أشخاص: “نار! نار! نار!”
وفي ذهول، فرك هاميسا عينيه لكي يرى لهيب ألسنة النار الخارجة من شقته المؤقتة الكائنة في الطابق الثالث من مبنى كان في السابق مملوكا لبلدية جوهانسبرغ قبل أن يصبح سكنا غير رسمي للمهاجرين.
وفي عجلة، أيقظ هاميسا زوجته ورضيعهما البالغ من العمر عاما واحدا، وأدرك الزوج أن فرصتهم الوحيدة للبقاء على قيد الحياة تتمثل في القفز من النافذة. وهذا بالضبط ما فعله هاميسا.
ووقع هبوطه على خرسانة مما تسبب في إصابته بكدمات ورضوض شديدة، لكنه ما يزال حيا.
وناولت الزوجة رضيعها عبر النافذة لزوجها الذي أمسكه بأمان. ثم قامت الزوجة نفسها بربط ملاءة السرير بطبق القمر الاصطناعي وتدلّت ممسكة بالملاءة حتى هبطت على رصيف للمشاه.
يقول الزوج وقد اغرورقت عيناه بالدموع: “بدأ الجيران في المبنى بتقليدنا. وقاموا أيضا بالقفز من النوافذ، لكنهم لم يفلحوا .. كثيرون سقطوا قتلى، ولم أستطع أن أمد لهم يد العون”.
وكان هاميسا قد وفد من تنزانيا، ومنذ ثلاث سنوات وهو يعيش في مبنى المهاجرين هذا. ويعرف هاميسا كل التنزانيين المقيمين في ذات المبنى، ويقول إن كثيرين منهم لم يفلحوا في الخروج.
يقول هاميسا: “فقدت الكثير من إخوتي وأخواتي ومن أفراد عائلتي. كلهم كانوا هناك، غير أني لم أستطع أن أنقذ سوى زوجتي وطفلي”.
ويضيف هاميسا بأن إحساسه بالتقصير سيلازمه للأبد.
وقد فقدت العائلة كل ما لديها من الأموال وتأشيرات السفر وكذلك الممتلكات.
ولأنه كان يسكن المبنى بشكل غير قانوني، لم يكن هاميسا مضطرا أن يدفع إيجارا. والآن هاهي مستنداته المهمة قد ضاعت، ولا يعلم ماذا يفعل بعد، ولا إلى أين يذهب؟
ويجلس هاميسا الآن في الشارع قبالة المبنى الذي لا يزال الدخان يتصاعد من جنباته، وكل آماله أن يجد سقفا من أجل طفله الرضيع.
يقول هاميسا: “لا أعلم ماذا سيفعلون من أجلنا، ينبغي على الحكومة أن تساعدنا لأننا فقدنا كل أشيائنا”.
وخرج بعض الجيران من الحادث أقلّ حظاً من هاميسا.
وكانت سبيو نجوبو خارج المبنى تقف على عربة بيع جوّالة في الشارع عندما دبّ الحريق. وتقول نجوبو إن الأحداث وقعت بوتيرة سريعة جدا؛ فبالرغم من أنها هرولت إلى المبنى، لم تكد تصل إليه حتى وجدت مدخله وقد سدّته ألسنةُ اللهب.
وكان لدى نجوبو طفلان في داخل المبنى بالطابق الثاني، ولم يتمكن أحد من الوصول إليهما.
وانتظرت نجوبو ما شعرت أنه ساعات بينما بدأ الناس يخرجون من المبنى المحترق، وفي النهاية رأت طفلها ذا الخمس سنوات يخرج رفقة أحد الجيران. وكان فمُ الطفل يُرغي، وقد استنشق كثيرا من الدخان تركته في حال من الصدمة لم يكن قادرا معها على الوقوف على قدميه.
ونقل المسعفون الطفل إلى المستشفى، ولم تسمع نجوبو شيئا عن أحواله بعد ذلك.
وقد وقفت الأم تنتظر أمام مدخل المبنى المحترق متطلعة إلى معرفة أي شيء عن مصير طفلها الثاني ذي العامين. وكانت نجوبو تأمل في كلمة وداع.
تقول الأم الثكلى: “لا أدري ماذا أفعل؟ ولا إلى أين أذهب؟ لا أدري إلى أي مستشفى نقلوا ابني المصاب، ولا أنا أدري إلى أي مستودع للجثث أخذوا طفلي المتوفى. ولذلك سأنتظر هاهنا حتى تصلني أي أخبار عن الطفلين”
والآن، يجلس السيد هاميسا والسيدة نجوبو في جمع من نحو 50 شخصا، كلهم يلتمسون شيئا من الراحة بينما ينتظرون أن يخرج عليهم المسؤولون ويخبرونهم ماذا ينبغي أن يحدث؟