أخبار العالم

الهجرة عبر تركيا .. مسار وعر يواصل جذب المغاربة الحالمين بالفردوس الأوروبي



أمام الحزم الكبير الذي تواجه به سلطات المغرب الهجرة غير النظامية عبر سواحل الشمال القريبة من إسبانيا، بات الحالمون بالوصول إلى “الفردوس الأوروبي” يتخذون مسارات طويلة لا تخلو من مخاطر في سبيل تحقيق هدفهم المنشود.

المسار الذي بات أكثر إغراء بالنسبة للشباب المغربي من أجل الوصول إلى أوروبا يمر عبر تركيا، التي تمثل محطة عبور مؤقتة في مسار الرحلة الطويلة والشاقة نحو بلدان أوروبا الغربية، مرورا بعدد من دول شرق القارة العجوز.

وأضحت تركيا وجهة مفضلة للراغبين في الهجرة من شباب المغرب، إذ باتوا يتجهون إليها أفواجاً على أمل الوصول إلى الضفة الأخرى، فيما تستغل شبكات الهجرة والاتجار بالبشر أعدادهم الكبيرة من أجل مراكمة الأرباح والثروات.

مصطفى الكرجي، شاب في مقتبل العمر من منطقة الشمال، واحد من بين المغاربة الذين خاضوا تجربة الهجرة غير النظامية عبر تركيا، ووصل إلى إسبانيا بعدما قطع آلاف الكيلومترات.

يحكي الكرجي في اتصال مع هسبريس رحلته المحفوفة بالمخاطر، قائلا: “عشنا العذاب ورأينا الموت بأعيننا، قبل أن نصل إلى إسبانيا”، وأضاف: “انطلقنا من إسطنبول رفقة شبكة لتهريب البشر، ثم وصلنا إلى اليونان ومنها إلى صربيا، قبل أن نصل إلى مقدونيا”.

وتابع المتحدث ذاته: “من مقدونيا دخلنا إلى إيطاليا، قبل أن نعبر فرنسا وصولا إلى إسبانيا، حيث نتواجد اليوم”، مبرزا أنه مازال يتذكر تفاصيل الرحلة “المرعبة” التي استمرت لأسابيع طويلة.

ودعا الشاب الراغبين في الهجرة عبر هذا المسار إلى “عدم المجازفة”، مؤكدا أن الرحلة التي كلفته “حوالي 20 ألف درهم” مليئة بالمخاطر، وموضحا أنه سمع عن الكثير من الحوادث التي قضى فيها العديد من المغاربة والعرب الحالمين بغد أفضل في أوروبا.

ووفق معطيات حصلت عليها هسبريس فإن العديد من أبناء القرى والمدن المغربية الواقعة شمال المملكة “يقصدون تركيا فرادى وجماعات من أجل الهجرة والالتحاق بأصدقائهم الذين حالفهم الحظ من أجل الوصول إلى أوروبا”.

في غضون ذلك، عقد باول دابلونسكي، وكيل وزارة الخارجية نائب وزير الخارجية البولندي، مطلع الأسبوع الجاري، اجتماعا مع دبلوماسيين مغاربة وممثلين دبلوماسيين لتسع دول عربية وإسلامية أخرى، بهدف “عرض الوضع الحالي على الحدود البولندية البيلاروسية على الدبلوماسيين المدعوين ومناقشته في سياق أزمة الهجرة المستمرة”.

وسلطت بولندا خلال اللقاء الضوء على خلفية أزمة المهاجرين على الحدود البيلاروسية البولندية، والتهديدات التي تواجههم خلال عملية العبور، إضافة إلى تورط جهات معينة في تسهيل حركة الهجرة عبر النقاط الحدودية، وبالتالي محاولة زعزعة استقرار بولندا ومنها الاتحاد الأوروبي بأكمله.

وجدد المسؤول البولندي للسفراء والقائمين بأعمال سفارات كل من المغرب والإمارات وقطر وفلسطين، واليمن والجزائر والسعودية وسوريا ومصر وإيران، تأكيده أن حرس الحدود في بلاده “ملتزم بتوفير معاملة إنسانية كريمة للأشخاص الذين يعبرون الحدود بين بولندا والاتحاد الأوروبي بطريقة غير قانونية”.

وتفاعلا مع الموضوع ذاته دعا عبد الفتاح الزين، مختص في شؤون الهجرة ومنسق الشبكة الإفريقية للهجرة والتنمية، إلى “تحرير نظرتنا تجاه فعل الهجرة من تلك النظرة التي تطغى على المقاربة الإعلامية الغربية لهذه الظاهرة”، موضحا أن “المقاربة الأمنية في مواجهة الهجرة وتشديد المراقبة على طول الحدود لا يمكن أن تجد حلولا لهذه الظاهرة، في ظل تعدد مساراتها والبحث المستميت من طرف المرشحين للهجرة عن ثغرات وفجوات للالتفاف على القيود الأمنية”.

في السياق ذاته أشار الزين إلى أن “من بين هذه المسارات تظهر الدول التي لا يتطلب الدخول إلى أراضيها الحصول على تأشيرة، التي يتم الدخول إليها بشكل نظامي وقانوني، ومنها إلى الدول الأخرى بطريقة غير نظامية، وصولا إلى بلدان المقصد”، مبرزا أن “ذلك يتم في إطار شبكات لتهريب البشر أو بشكل فردي أو في إطار مجموعات، فيما يساعد الفضاء الرقمي المرشحين للهجرة في الحصول على كل المعلومات المتعلقة بهذه المسارات، وتصيد نقط الضعف في المقاربات الأمنية”.

وحول الأسباب التي تدفع الشباب إلى الهجرة والمخاطرة بحياتهم في مغامرات لا تخلو من مخاطر، أوضح المتحدث ذاته أن “هجرة الشباب هي فعل اضطراري بديل عن واقع لا يجد فيه الشباب اندماجا داخل نسيجهم المجتمعي، ولا يجدون إمكانيات لبناء ذواتهم ومستقبلهم”.

ولفت المختص ذاته إلى أن “الحد من هجرة الشباب يتطلب توفير برامج ناجعة وفعالة تقوم أساسا على التوعية بخطورة الهجرة غير النظامية، والدمج في المنظومة الاجتماعية والاقتصادية لبلادهم”، مشددا على أن المقاربة الأمنية “فشلت في وقف مد الهجرة غير النظامية، ومعالجة هذه الظاهرة يتطلب المزاوجة بين جميع المقاربات، بما فيها المقاربة التربوية والتعليمية، في إطار من المسؤولية المشتركة ما بين دول المقصد والعبور والمصدر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى