جنوب إفريقيا تجتهد في غرس الألغام أمام تطوير العلاقات بين بريتوريا والرباط
لا يبدو أن فرص التقارب بين المغرب وجنوب إفريقيا أصبحت “متوفرة”؛ فمنذ إعلان عودة العلاقات سنة 2016 على إثر قطعها سنة 2004 بسبب “اعتراف بريتوريا بالبوليساريو”، تواصل “التوتر” بين الطرفين إلى أن “زادت” حدته عبر بوابة “بريكس”.
وحاول الطرفان بشكل كبير منذ عودة العلاقات “إبقاء فرص التعاون مفتوحة على الرغم من الخلاف السياسي”، حيث إن “التجارة بين البلدين تنمو بشكل متواتر، لتحتل بريتوريا المرتبة الثانية في قائمة شركاء المملكة على الصعيد الإفريقي بعد مصر”، وفق آخر أرقام مكتب الصرف؛ لكن ذلك لم يكن كافيا للتغيير موقف جنوب إفريقيا “المعادي” من قضية الصحراء.
وعمل المغرب على تعزيز وجوده الدبلوماسي ببريتوريا عبر تعيين السفير يوسف العمراني سنة 2018، الذي سعى إلى “تبيان حقيقة النزاع المفتعل أمام الشعب الجنوب الإفريقي؛ من خلال فضح ادعاءات الحزب الحاكم تجاه الوحدة الترابية”، وبحث سبل الخروج بالعلاقات بين البلدين من مرحلة “الإنعاش”. وفي المقابل، يكاد يكون الحضور الدبلوماسي لجنوب إفريقيا بالرباط “مبهما”، مع تعيين السفير إبراهيم إدريس الذي يبقى ظهوره “نادرا” ويقتصر على الجانب الاقتصادي فقط.
وكانت قمة “بريكس” النقطة التي “أفاضت” الكأس بين الطرفين؛ فإدراج الخارجية الجنوب الإفريقية لاسم المغرب ضمن لائحة الراغبين في الانضمام إلى التكتل الاقتصادي أثار “غضب” الرباط بعد صمت طويل، إذ بينت من خلال مصدر مأذون من الخارجية المغربية أن “جنوب إفريقيا كانت دائما معادية للوحدة الترابية للمملكة”.
أما اليوم، فإن غضب الرباط أصبح “مبررا”، بعد تأكد حضور إبراهيم غالي، زعيم تنظيم “البوليساريو” المسلح، إلى قمة ” البريكس”، لتعود من جديد “معضلة” حضور هذا “الكيان الوهمي” إلى المنتديات الدولية على غرار قمة ” تيكاد” بتونس، والتي أدت بالأخيرة إلى الدخول مع الرباط في “مرحلة الغيبوبة الدبلوماسية”؛ ما يفتح تساؤلات حول إمكانية “دخول بريتوريا هي الأخرى المرحلة نفسها”.
البوليساريو لب المشكل
محمد الغواطي، محلل سياسي، قال إن ” العلاقات بين الطرفين يجب أن يحكمها الجانب التاريخي؛ لأن المغرب كان دائما إلى جانب الثورة الملهمة بهذا البلد بقيادة نيلسون مانديلا”.
وأضاف الغواطي لهسبريس أن “القيادة الحالية بجنوب إفريقيا أصبحت متمادية في تعكير صفو العلاقات بين الجانبين، واضعة بذلك نفسها تحت إمرة أعداء المصالح المغربية”.
وأشار المتحدث عينه إلى أن “عودة العلاقات بين الطرفين هو أمر مرتبط بالأساس بتغيير الموقف الجنوب الإفريقي المعادي للمملكة المغربية؛ لأن البقاء في الدوامة نفسها يضيع على بريتوريا الكثير من الفرص الاقتصادية”.
“في جنوب إفريقيا توجد قوى لا تملك نفس عداء الحزب الحاكم وبعض الأحزاب الأخرى تجاه المغرب”، تابع المتحدث عينه، مبينا بذلك أن “لب المشكل بين الطرفين هو استمرار الطرف الجنوب الإفريقي في دعم تنظيم البوليساريو، وهذا الأمر عائق واضح في مسألة الارتقاء بالعلاقات”.
سحب السفير
سجل حفيظ الزهري، محلل سياسي، أن “تذهب العلاقات بين جنوب إفريقيا والمغرب مصير العلاقات مع تونس، بحيث يبقى خيار سحب السفير العمراني قائما”.
وأورد الزهري لهسبريس أن “المغرب، إلى حدود الساعة، يبقى متريثا تجاه هذا الأمر؛ لكن استدعاء غالي كما حدث في تونس يقرب من هاته الإمكانية، خاصة أن العلاقات بين الطرفين متأزمة على جميع المراحل”.
وزاد: “هاته العلاقات متأزمة أيضا المنافسة بين الطرفين على المستوى الاقتصادي، بحيث تعد المملكة المنافس الأول لبريتوريا على الصعيد الإفريقي”.
حسب المتحدث، فإن “المفترق الوحيد الذي ستنجو فيه العلاقات بين البلدين من هذا التوتر هو زوال الحزب الحاكم من الحكم، والذي يتبنى بالأساس أفكار قديمة تدعم الانفصال”.
وخلص الزهري إلى أن “العلاقات لن تتطور في الوقت الحالي ولا في مرحلة متوسطة أو قريبة”، مبينا أنه “على الرغم من الوجود الدبلوماسي للرباط ببريتوريا فإن الأخيرة لا تزال حبيسة الأفكار نفسها”.