تزايد مد الهجرة غير النظامية يسائل الدعم الأوروبي للمجهودات المغربية
في مثل هذا التاريخ قبل سنة، ظهرت معطيات عن “تقديم الاتحاد الأوروبي مبلغ 500 مليون يورو إلى المملكة المغربية من أجل دعم جهودها في مكافحة أشكال الهجرة”، غير أنه إلى حدود الساعة، ما يزال رقم الدعم لا يتجاوز 300 مليون دولار.
6 مليارات لتركيا
في يناير الماضي، كشفت المفوضية الأوروبية، في بيان، عن مبلغ دعمها لجهود الرباط في مكافحة الهجرة، الذي يقف عند رقم 300 مليون يورو، ضمنه 113 مليون يورو من الصندوق الائتماني الاستعجالي للاتحاد، وهو الرقم الذي رافق نتائج “جد قوية” منذ بدء التعاون الثنائي سنة 2014، من بينها : “7963 مهاجرا وجهات رسمية تم تكوينها في مجال تدبير سياسة الهجرة على المستوى الوطني، إلى جانب استفادة 23734 مهاجرا من المساعدات الطبية، فضلا عما يقارب 39 ألف مهاجر استفادوا من الخدمة الاجتماعية الأساسية، وما يقارب 4557 مهاجرا تمت إعادتهم إلى أوطانهم الأصلية”.
وبحسب المعطيات الأخيرة التي أفرجت عنها السلطات الرسمية بالمملكة، فإن “المغرب أوقف ما معدله 366 ألف محاولة للهجرة خلال السنوات الخمس الأخيرة”.
ويتوزع الدعم الأوروبي للمغرب على ثلاثة مستويات، أولها: “حماية الهجرات القائمة على الحقوق”، وثانيا: “الدعم المؤسساتي وإدارة الحدود”، ثم أخيرا: “الإدماج السوسيو-اقتصادي والهجرة النظامية”، وجلها تحمل مشاريع وبرامج مبتكرة للقضاء على الهجرة غير النظامية في العمق.
في المقابل، وسعيا منه للحفاظ على “الالتزام التركي حيال معاهدة 2016″، خصص الاتحاد الأوروبي مبلغ 6 مليارات يورو سنة 2020 من حصة الدعم الموجهة لأنقرة في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، وهو رقم لا مجال لمقارنته مع رقم المغرب.
ومع ظهور تحديات جديدة في مجال الهجرة نحو أوروبا، كاستمرار “تردي الأوضاع الأمنية بمنطقة الساحل، في ظل توالي الانقلابات الأمنية”، ما يعني ارتفاع رغبات الهجرة نحو الشمال، يطرح من جديد نقاش “الدعم الأوروبي الهزيل للمغرب”.
مبالغ زهيدة
خالد مونا، خبير في مجال الهجرة، يرى أن “ما تقدمه بروكسيل مجرد مبالغ جد زهيدة مقارنة مع المبالغ الأخرى التي تقدم لدول عديدة، من بينها الأوروبية كإيطاليا وإسبانيا واليونان”.
وقال مونا، ضمن تصريح لهسبريس، إن “الحديث عن ملف الهجرة لا يمكن اختزاله فقط في الدعم الأوروبي المادي المقدم، باعتبار أن هاته الموارد المالية موزعة على عدة برامج، كإدماج المهاجرين، وخطط إعادتهم إلى الموطن الأصلي، وكذا التدبير اللوجستيكي والتقني للحدود”.
وأشار الخبير في مجال الهجرة إلى أن “الإشكال الحقيقي في ملف الهجرة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، يكمن في الاعتماد على المقاربة الأمنية والمادية فقط”.
وشدد المتحدث عينه على أن “بروكسيل ملزمة بإدماج المغرب في استراتيجيتها لمكافحة الهجرة غير النظامية، وذلك بحكم القرب الجغرافي، على الرغم من تعدد المنافذ التي يتخذها المهاجرون السريون”.
من جانبه، بين محمد الخشاني، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والأبحاث حول الهجرة، أن “هذا الدعم غير كاف تماما، مقارنة بما يقوم به المغرب من جهود قوية”.
وأورد الخشاني، في تصريح لهسبريس، أنه “لا وجود لفرق بين الأدوار التي تقوم بها كل من تركيا والمغرب، غير أن أنقرة نجحت في سياستها التفاوضية في الحصول على مليارات اليورو من بروكسيل في مجال الهجرة”.
وشدد رئيس الجمعية المغربية للدراسات والأبحاث حول الهجرة على أن “حتى الدول القريبة من المملكة، كإسبانيا، واعية تماما بأن الدعم المالي المقدم إلى الرباط في مجال الهجرة غير كاف”.
وكشف أن “عملية مراقبة الحدود مكلفة، خاصة وأن حدود المغرب شاسعة، ما يستدعي موارد مالية مهمة، غير أن المملكة ما تزال توظف كل جهودها من أجل إبقاء التزامها في مجال الهجرة مع أوربا قائما”.
وخلص الخشاني إلى أن “المغرب له عبء إدماج هؤلاء المهاجرين، وهي عملية جد مكلفة ماديا، إذ تتطلب الرعاية الصحية، والتعليم، والسكن، وكلها أمور مكلفة لأي اقتصاد في العالم”.