أخبار العالم

أطروحة تناقش الانفعال وذاكرة الأطفال


احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في علم النفس تقدم بها الباحث كمال الزمراوي في موضوع علاقة الانفعالات، لاسيما انفعال الخوف، على أداء الذاكرة العاملة عند الطفل بالمغرب، تحت إشراف الدكتور الحسين باعدي.

وتشكلت لجنة المناقشة من الدكاترة جمال الوفا من جامعة محمد الخامس بالرباط وخلود السباعي من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وبنعيسى زغبوش من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ونبيل شكوح من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة بصفتهم أعضاء، إضافة إلى الدكتور المصطفى حدية من جامعة مونديابوليس بالدار البيضاء بصفته عضوا شرفيا.

ويجد اختيار هذا الموضوع من طرف الباحث مبرره في التحول الذي لحق النظرة الطبيعية للفرد من تجاهل الجوانب والقوى الانفعالية، التي ينظر إليها بكونها تؤثر على سلوكاتنا في الحياة اليومية وتعيق مجمل اشتغال السيرورات المعرفية، إلى الاهتمام بهذه الجوانب باعتبارها آلية تيسر وتحفز الأنشطة الإبداعية والابتكارية والعمليات المعرفية.

وأضاف الباحث أن هناك تفاعلا ملحوظا بين الجانب المعرفي والجانب الانفعالي لدى الفرد، وعلى هذا الأساس اتجه اهتمام علماء علم النفس المعرفي نحو دراسة العلاقة بين الجانبين الانفعالي والمعرفي، حيث تم التأكيد على أهمية الانفعالات ودورها في الجانب المعرفي، وفي تنشيط قدرات الفرد على التفكير والتفكير الإبداعي وحل المشكلات واتخاذ القرارات واللغة والذاكرة.

وأبرز المصدر ذاته أن هذه الانفعالات قد تؤثر على السيرورات المعرفية على اعتبار أنها توجه الانتباه، وتجعله انتقائيا وتفاضليا، وكذا تضييق البؤرة الانتباهية. وقد تبين كذلك أن الأداء المعرفي للأفراد الذين لديهم انفعالات إيجابية يكون أحسن من أداء الأفراد الذين لديهم انفعالات سلبية، حيث تزداد قدرتهم على اكتشاف الأخطاء، ولديهم ميل لتحصيل كثير من المعلومات ومراجعتها.

وحسب الباحث، فهذا الأمر يمكن تأكيده حينما نكون بصدد إثارة مسألة العلاقة بين الانفعالات والذاكرة العاملة، مشيرا إلى أن العديد من الدراسات اهتمت بالعلاقة بين هذين المتغيرين، خصوصا ما يتعلق بنموذج باديلي وهيتش للذاكرة العاملة (1974Baddeley&Hitch,)، حيث تمت دراسة تأثير الانفعالات على سعة المكونين اللفظي والبصري، إضافة إلى مركز التنفيذ، خصوصا أن نظام الذاكرة العاملة يلعب دورا مهما في تخزين المعلومات ومعالجتها واسترجاعها، وكذا في الأداء التعليمي واللغة والتفكير الإبداعي.

ويرى الباحث حين حديثه عن تأثير الانفعالات على نظام الذاكرة العاملة أن أغلب الدراسات اختارت أن تقارن بين تأثير الانفعالات السلبية على الذاكرة العاملة ومقارنتها بالانفعالات المحايدة والإيجابية، ولعل أهم الانفعالات دراسة نجد الخوف، فهو انفعال يصنف كانفعال غير سار. والخوف عندما يتزامن مع أنشطة ذهنية كاسترجاع المعلومات المخزنة، فإن ذلك يمكن أن يؤثر على هذا النشاط المعرفي.

وتوخى الباحث من وراء أطروحته الكشف عن أثر الانفعالات، لاسيما انفعال الخوف والمثير المحايد، على أداء الذاكرة العاملة عند الأطفال البالغين من العمر عشر سنوات. وقد عمد إلى توزيع المفحوصين إلى مجموعتين، ضابطة وتجريبية، متساويتين من حيث العدد والجنس (كل مجموعة تضم 80 طفلا وطفلة). ويتابع هؤلاء الأطفال دراستهم في المستوى السادس ابتدائي بمؤسسة الشريف الإدريسي بالبرنوصي.

وقد اعتمد الباحث لقياس أداء البنيات اللفظية والبصرية والتنفيذية للذاكرة العاملة على اختبار سعة الأرقام العادية، واختبار مكعبات كورسي، ثم اختبار الأرقام المعكوسة. إضافة إلى ذلك تمت الاستعانة بالنظام الدولي للصور والأصوات العاطفية المعيارية IADS و IAPSلإثارة انفعال الخوف والانفعال المحايد.

وتمت مقارنة أداء الذاكرة العاملة بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة، التي تعرض أفرادهما لمثير مخيف ومثير محايد على التوالي- عبارة عن أشرطة سمعية بصرية- عبر الاعتماد على المنهج الوصفي المقارن بين قيم المتوسطات والانحرافات المعيارية، وكذا قيم اختبار(ات) لمجموعتين مترابطتين ومستقلتين.

وقد كشف تحليل النتائج عن وجود فروق ذات دالة إحصائية بين متوسطي درجات القياس البعدي لاختبارات الذاكرة العاملة عند أفراد المجموعة التجريبية بعد عرض مثير الخوف وأفراد المجموعة الضابطة بعد عرض المثير المحايد لصالح المجموعة الضابطة، يعزى إلى متغير الخوف عند الحد=0.01.

وعليه، يؤكد الباحث أن انفعال الخوف يؤثر على سعتي الحلقة الفونولوجية والمفكرة البصرية المكانية وأداء مركز التنفيذ في نظام الذاكرة العاملة عند الطفل، إضافة إلى التوصل إلى وجود فروق بين الجنسين على مستوى تأثر أداء الذاكرة العاملة بعد عرض مثير الخوف لصالح الذكور. وتنسجم هذه النتائج مع خلاصات مجموعة من الدراسات التي تناولت العلاقة بين متغير الانفعالات والذاكرة العاملة لدى الطفل. وهذه النتائج ينبغي استثمارها في مجموعة من المجالات التي لها علاقة بالطفل، لاسيما المجال التعليمي والتربوي.

وبعد الاستماع إلى عرض الباحث كمال الزمراوي ومناقشة الأطروحة من قبل أعضاء اللجنة العلمية، قرروا قبول الدكتوراه، ومنحه درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا مع تنويه وتوصية بالنشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى