هل يعكس الناس حياتهم الحقيقية على مواقع التواصل الاجتماعي أم يزيفونها؟
طالما تساءل البعض عن مدى حقيقة السعادة التي يظهرها بعض الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي، وهل هي سعادة حقيقية أم مصطنعة؟ وما الغرض من نشر تلك الصور التي قد تثير غيرة من يشاهدها؟
وفي محاولة للوصول إلى إجابة، أجرت مجلة “شوت كيت” الأسترالية، المعنية بالتصوير الفوتوغرافي، استطلاعا حول مدى سعادة الأزواج الذين ينشرون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تُعبر عن سعادتهم الزوجية، مقارنة بهؤلاء الذين لا ينشرون عن حياتهم الزوجية على مواقع التواصل الاجتماعي.
واستطلعت مجلة “شوت كيت”، في بحثها، آراء أكثر من 2000 بريطاني، تتراوح أعمارهم بين 18 و50 عاما. وطلبت منهم تقييم علاقتهم مع شركاء حياتهم فيما يتعلق بالعلاقة الحميمية والتواصل والثقة، وكذلك مقدار ما ينشره الزوجان أو الشريكان عن حياتهما على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاءت النتيجة كالتالي: نحو 52 في المائة، من الأشخاص المستطلعة آرائهم، ينشرون بانتظام صورا لعلاقتهم على الإنترنت (أكثر من 3 مرات في الأسبوع)، ونحو 24 في المائة منهم يشاركون أحيانا في المناسبات، (كالذكرى السنوية للعلاقة أو في أعياد الميلاد)، كذلك أشار نحو 8 في المائة منهم إلى أنهم لا يشاركون أي محتوى عن علاقتهم الزوجية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وطلبت المجلة من العينة المستطلعة آرائها تقييم مدى سعادتهم في حياتهم الزوجية، على معيار اختيار يتراوح بين سعيد جدا، وسعيد، وغير سعيد، وغير سعيد جدا.
وحملت النتيجة مفاجأة للبعض، إذ قال 10 في المائة فقط من أولئك الذين ينشرون محتوى عن علاقتهم الزوجية على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل دائم (أكثر من 3 مرات في الأسبوع)، إنهم سعداء جدا في حياتهم الزوجية، في حين قال 42 في المائة منهم إنهم غير سعداء جدا.
في المقابل، أكد 46 في المائة، من هؤلاء الذين لا يشاركون مطلقا أي محتوى عن علاقتهم الزوجية على الإنترنت، أنهم سعداء جدا في علاقتهم الزوجية، فيما قال 13 في المائة منهم أنهم غير سعداء جدا.
فيما أشارت نتائج الاستطلاع ذاته إلى أن نحو 32 في المائة، من الأشخاص الذين ينشرون عن علاقتهم الزوجية بضع مرات في السنة (الذكرى السنوية للعلاقة وأعياد الميلاد)، صنفوا أنفسهم على أنهم سعداء جدا في علاقتهم الزوجية، فيما رأى 12 في المائة منهم أنفسهم غير سعداء جدا.
وبالتالي، طبقا لنتائج هذا الاستطلاع، والذي لا يعد بحثا علميا، فإن هناك علاقة عكسية بين كم ما ينشره هؤلاء الأشخاص المستطلعة آرائهم عن علاقتهم الزوجية، ومدى سعاتهم الحقيقية في العلاقة. فكلما زادت وتيرة النشر قلت السعادة الزوجية وكلما قل النشر كلما زادت السعادة الزوجية. فما السبب؟
“لماذا ينشر الأزواج عن علاقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي”
وفي مقال رأي لجون رامبتون، رائد أعمال أمريكي، نشره في مجلة “أي إن سي” الاقتصادية الأمريكية، يتحدث رامبتون عن انزعاجه من هؤلاء الذين يتحدثون عن سعادتهم الزوجية على مواقع التواصل الاجتماعي وعندما تتعامل معهم في الواقع تتساءل مستغربا لماذا يستمر هؤلاء في علاقتهم الزوجية.
وينقل رامبتون تجربته الشخصية مع بعض المشاهير قائلا: “على عكس واجهتهما العامة، خلف الأبواب المغلقة، يتشاجر الزوجان دائما حول كل شيء من الأعمال المنزلية إلى الشؤون المالية، ويبدو أنهما على وشك الانفصال”.
ويضيف رامبتون أنه في رأيه ومن خلال مشاهداته فإن “الأزواج السعداء لا يتباهون بذلك، في الواقع، بالكاد يتحدثون عن علاقتهم على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وترى الدكتورة نيكي غولدشتاين، أستاذة علم النفس والعلاقات الزوجية، أن شريحة غير قليلة من الأشخاص الذين ينشرون بكثافة عن حياتهم الزوجية غالبا ما “يسعون للحصول على تأكيد على جودة علاقتهم الزوجية من خلال ما يحصلون عليه من إعجاب أو ردود إيجابية على المنشورات التي يقومون بنشرها”.
وتضيف غولدشتاين أن “الإعجاب والتعليقات التي يحصل عليها هؤلاء قد تكون بمثابة العامل الذي يساعدهم على التأقلم مع معاناتهم في حياتهم الحقيقية”.
وتشير أستاذة العلاقات الزوجية إلى أن “بعض الأزواج يجدون سعادتهم من خلال شعورهم بحسد الآخرين لهم”. كما أن بعضهم يقوم بنشر تفاصيل عن حياته الخاصة “لإحساسه بعدم الأمان في علاقته الزوجية”.
“الموضوع لا يتعلق بالأزواج والعلاقات الزوجية فقط”
وتشير دراسات متعددة إلى أن الكذب على مواقع التواصل الاجتماعي والتباهي بأشياء غير حقيقية، تختلف تماما عن الواقع، لا يقتصر على العلاقات الزوجية، بل يتعداه إلى الكثير من النواحي كالوظيفة والدخل والمظهر الخارجي ومحل الإقامة وأماكن قضاء العطلات.
وكشفت دراسة أجرتها شركة كاسبرسكي، شركة متخصصة في الأمن الإلكتروني، أن الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي يتجهون إلى التفاخر أمام الأصدقاء، لنيل الإعجاب وللشعور بمزيد من الرضا عن أنفسهم.
وأظهرت الدراسة أن شخصا من بين كل عشرة أشخاص (12 في المائة) يتظاهر بأنه “موجود في مكان ما أو يفعل شيئا ما قد لا يكون صحيحا تماما”. ويلجأ هؤلاء إلى “التلاعب بالحقيقة وتمويه واقعهم الحياتي”، لنيل الإعجاب ولفت انتباه الآخرين.
وبينت الدراسة ذاتها أن “الرجال قد يميلون أكثر من النساء إلى عدم حماية خصوصيتهم على مواقع التواصل الاجتماعي”، في سعيهم للحصول على المزيد من الإعجاب.
كما أشار استطلاع آخر، أجرته إحدى شركات التأمين البريطانية، إلى أن غالبية أكاذيب الرجال على مواقع التواصل الاجتماعي تتمحور حول حياتهم العملية ولياقتهم البدنية، بينما تتركز أكاذيب النساء حول حياتهن العاطفية.
- هل ما ينشره الناس على مواقع التواصل الاجتماعي يعكس واقع حياتهم؟
- إلى أي مدى تثقون فيما ينشره الأفراد عن حياتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي؟
- هل تتسبب بعض المنشورات في إحساسكم بالغيرة أو عدم الرضا عن واقع حياتكم؟
- ولماذا يذهب البعض إلى تزييف واقعهم وعدم ذكر الحقيقة؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 14 أغسطس/آب 2023.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:Linkhttps://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر تويتر على الوسم @nuqtat_hewar
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب