هل يزيد الوضع الأمني بالنيجر من تدفق المهاجرين غير النظاميين نحو المغرب؟
مع بقاء ورقة “التدخل العسكري” في خضم الخيارات المفتوحة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “الإيكواس” لحل الأزمة في جمهورية النيجر، تعود “المخاوف” الإقليمية من تزايد أعداد المهاجرين السريين في حالة تدهور الأوضاع الأمنية بالمنطقة.
وفي غشت من العام المنصرم، أعلنت نيامي والرباط عن توقيع إعلان النوايا في مجال الهجرة السرية في إطار سعي المملكة إلى تقديم خبرتها في مكافحة هذه الظاهرة، ومقاربتها الشاملة لمعالجة مشاكل الهجرة؛ وهو الاتفاق الذي يبين “حرص” الرباط على إيجاد تعاون في مجال الهجرة مع دول الساحل الإفريقي.
ولطالما دفعت الأوضاع الأمنية والاقتصادية بالساحل مواطني هاته المنطقة إلى البحث عن حلول جديدة؛ أولها الهجرة نحو الشمال، بالتحديد المغرب والجزائر وليبيا وتونس. ومع أحداث انقلاب بوركينافاسو والنيجر الأخيرة، تتزايد هاته الرغبة معلنة “خطر قدوم موجات مضاعفة”.
مقاربة أشمل
في هذا الصدد، قال عبد الكريم بلغندوز، متخصص في شؤون الهجرة، إن “الأوضاع بالنيجر يجب أن لا نراها بمقاربة أمنية حتى نفسر قدوم مهاجرين جدد”.
وأضاف بلغندوز، في تصريح لهسبريس، أن “حل أزمة الهجرة في منطقة الساحل بشكل عام، وفي الوقت الحالي بالنيجر بشكل خاص، تبدأ بإعادة الأوضاع الأمنية المستقرة إلى هذا البلد وكذا معالجة مختلف المشاكل البنيوية المسببة لأشكال الهجرة”.
وأورد المتخصص في شؤون الهجرة أن “رؤية الهجرة من الجانب الأمني وحده أمر غير سليم تماما، خاصة أن الحلول الفعلية لهاته الظاهرة تكمن في مقاربة شاملة أساسها التماسك المجتمعي وتنمية سياسية واقتصادية مستمرة”.
وشدد المتحدث عينه على أن “الوضع الأمني بالنيجر غير واضح؛ لكنه جانب مهم يجب أن يتم رصده لتفسير مستقبل بالهجرة بالمنطقة، غير أن حل الأزمة يجب أن لا يبقى حبيس ما هو أمني وأن ينطلق إلى مستويات فعلية وجذرية”.
المغرب وجهة أولية
من جانبه، بيّن محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، أن “المغرب نقطة عبور قوية للمهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء كما هو الشأن لجنسيات أسيوية أخرى، نظرا لمجموعة من الأسباب؛ لعل أهمها القرب الجغرافي من أوروبا”.
وأضاف بنعيسى لهسبريس أن “المغرب وجهة مهمة للمهاجرين غير النظاميين النيجريين وكذا المنحدرين من دول أخرى في حالة التدخل العسكري لمجموعة “الإيكواس””، مشيرا إلى أن “تدفق المهاجرين سيكون أيضا نحو وجهات أخرى كليبيا وتونس والجزائر، نظرا لقربهم من مدينة “اغاديز” الواقعة بشمال النيجر، وتنشط فيها شبكات الاتجار بالبشر بشكل كبير”.
وشدد رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان على أن “تلك الدول التي لا تعرف استقرارا كليبيا، وتلك غير القادرة على ضبط جنوبها كتونس والجزائر، بحكم نشاط التنظيمات الإرهابية بها، وشبكات الاتجار بالبشر، فضلا عن متاخمتها لدول تعرف صراعات منها النيجر ومالي، تجعل المغرب وجهة أولية”.
واستدرك المتحدث عينه: “غير أن النجاح في الوصول إلى الأراضي المغربية سيكون قليلا مقارنة بباقي دول شمال إفريقيا، نظرا لقدرة المغرب على ضبط حدوده الشرقية والجنوبية، وكذا في تفكيك شبكات الاتجار بالبشر التي تنشط بين الحدود”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “المغرب وإن كان قادرا على مواجهة مثل هاته الأزمات التي تنشأ من عدم الاستقرار السياسي بالمنطقة، من خلال المقاربة الأمنية القوية، فإنه يجب التركيز من خلال جهوده الدبلوماسية على الاستقرار في دول الساحل، والصحراء عموما، والنيجر ومالي خصوصا؛ لأن ما يقع بهذه المنطقة يمس أمنه القومي بشكل مباشر، لا سيما في ظل رفض الجارة الشرقية التعاون الأمني”.